آراء حرة

د.مروى محمد احمد تكتب.. الإدمان


الفصل الاول 


تعريف الإدمان: هو سوء استعمال العقاقير أو الكحوليات ويصبح المدمن تحت تأثيرها في جميع تصرفات حياته ولا يمكنه الاستغناء عنها ..

وبمجرد نفاذ مفعولها يلجأ إلى البحث عنها وتصبح شغله الشاغل متجاهلاً أي شيء هام آخر أو الالتفات إلى حقيقة اعتماده الادماني عليها والذي يوصل له الشعور بالسعادة والانبساط الذي يترجم من الناحية الأخرى ويرى في صورة ملموسة من تدمير مستقبله وعائلته وحياته بأكملها.

* واندفاع الإنسان وراء الإدمان إما يكون بسبب:

– الهروب من بعض المشاكل التي لا يستطيع حلها أو الهروب من الحياة بأكملها.

– أو بغرض تحقيق المزاج العالي والسعادة المدمرة.

وللأسف في كلا الحالتين يفشل الإنسان في التوقف عن هذه العادة السيئة.. وإذا أخذ القرار بجرأة سيتعرض إلى:

– الشعور بالآلام الجسدية.

– الارتعاش.

– التقيؤ.

– الأرق.

– الإسهال.

::::: وأول خطوة للشفاء هو الاعتراف واللجوء لطلب المساعدة :::::

* كيف تعرف بأن الشخص الذي تحبه والقريب منك يعاني من مشكلة الإدمان .. بملاحظة الأعراض والعلامات التالية:

– استخدام العقار لتهدئة أعصابه ونسيان آلامه وضغوطه.

– التفكير باستمرار في استخدام العقار.

– الاحتياج إلى المزيد منه (تزويد الكم الذي يتناوله الشخص) لضبط المزاج.

– فقدان الشهية للطعام.

– التعب المستمر وعدم التركيز في العمل.

– الشغف في تناول العقاقير أو شرب الكحوليات.

– اللجوء إلى الكذب وإخفاء العقار حتى لا يراه أحد.

– أزمات مالية.

– الإثارة وعدم الاسترخاء عند الاحتياج إلى العقار.

– ملاحظة الآخرين لك وإبداء تعليقاتهم.

– السرقة وفي بعض الأحيان القتل لشرائه.

– عدم القدرة على الإقلاع لمرات عديدة والفشل في ذلك.

– الشعور بحالة مرضية بعد استخدام العقار مثل نزيف الأنف مع الكوكايين والتصرف بشكل سئ بعد شرب الكحوليات.


ظاهــــــرة الإدمــــــان

اتسمت الجهود الدولية لمراقبة المخدرات في الماضي بدرجة كبيرة من الاستقطابية .فمن ناحية كانت هناك البلدان المنتجة لهذه المخدرات ومن ناحية أخرى كانت هناك البلدان المستهلكة. وقد تغيرت هذه الصورة بصورة جذرية في الفترة الأخيرة بسبب التوافر المتزايد للمواد الصيدلية الباعثة للاضطرابات النفسية، واليوم أصبحت غالبية الدول التي صادفت المشاكل المرتبطة بالمخدرات دولا منتجة ومستهلكة على حد سواء . وكان على البلدان النامية والمتقدمة على حد سواء أن تواجه داخل حدودها الخاصة المشاكل الدولية المرتبطة فيما بينها والمتعلقة بالعرض غير المشروع والطلب غير المشروع والاتجار غير المشروع في المخدرات.

أن العرض ( ويتضمن التهريب) والطلب يعززان ويدعمان الواحد منهما الآخر في تنمية إساءة استعمال المخدرات والإبقاء عليها، وتواصل الدائرة المفرغة للطلب المتزايد والعرض المتزايد، خلق الأنشطة غير المشروعة في المخدرات والمشاكل المرتبطة بها 

وينبع هذا إلى حد كبير من طبيعة الطلب على المخدرات، الذي يتسم غالبا بسمتين مميزتين:

الأولى هي الدافع الذي لا يقاوم من جانب المستعمل لتعاطي المخدر على أساس مستمر، أو دوري ليختبر تأثيره النفسي أو ليتجنب مشقة غيابه .

الثانية هي تطور القدرة على تحمله ومن ثم تصبح كميته متزايدة ومطلوبة لتحقيق الآثار المرغوبة .

ويفسر هذان العاملان الدافع الذي لا يقاوم لاستمرار الاستعمال وتطور القدرة على الاحتمال، ولماذا تفشل باستمرار سياسات مراقبة المخدرات التي تستبعد تدابير خفض الطلب 0

والسؤال الذي يُطرح دائما هو لماذا يدمن البعض00 بينما يستطيع الآخرون مقاومة مشكلة الإدمان ؟؟

والجواب أن الفرد يصبح عرضة للإدمان على المخدرات تحت الظروف الآتية:

أن يكون جاهلا بمخاطر استعمال المخدرات 

أن يكون في حالة صحية ضعيفة وغير راض عن نوعية حياته 

أن تكون شخصيته ضعيفة التكامل 

أن يعيش في بيئة غير مناسبة 0 

أن يصادف كثيرا المواد المحدثة للإدمان سهلة التوافر 

وبالعكس تقل كثيرا الأخطار التي تواجه فردا مطلعا ،سليما صحيا ،متكامل الشخصية وله فرصة محدودة في الوصول للمخدرات المسببة للإدمان ويعيش في ظروف مناسبة اقتصادية وأسرية ،أو شعوره بأعراض تزعجه عند تجربه المخدر فينفر منه ولا يعود إلى استعماله مرة أخرى .

ومن ثم ينبغي أن يكون للسياسات والبرامج التي تهدف إلى خفض الطلب غير المشروع على المخدرات تأثير على العناصر التي تساعد على الإدمان واستمراره0ويستدعى هذا عمل تدابير للوقاية في القطاعات العامة والتربوية، وخدمات في قطاع الصحة العامة والنفسية ،والرقابة على توافر المخدرات المولدة للإدمان ، وتنمية قوية في البيئة الاجتماعية والمادية.

ويمكن تطبيق التدابير الوقائية على ثلاثة مستويات وهى:

الوقاية من الدرجة الأولى: وتحاول منع حدوث مشكلة الإدمان، أو تقليل معدل وقوعها 0 

الوقاية من الدرجة الثانية: تحاول خفض عدد الأشخاص المدمنين على المخدرات حاليا. 

الوقاية من الدرجة الثالثة: وتهدف إلى تخفيض آثار الاستعمال المضر للمخدر وتكون عادة من خلال العلاج والتأهيل وإعادة الاندماج الاجتماعي. 

ونظرا لأن هناك الكثير من المصطلحات العلمية التي سوف يتناولها هذا الكتاب فقد وجب البدء في الإلمام بمعاني هذه المصطلحات0

تعريف مصطلح الأدوية

نتيجة لازدياد الأثر الاجتماعي والطبي للأدوية أضيفت مصطلحات جديدة إلى لغة الدواء. فعرف الدواء بأنه مادة تؤخذ للوقاية أو العلاج من المرض. ولم يمض وقت طويل حتى سميت عملية تناول الأدوية التي تتسبب في إلحاق ضرر اجتماعي أو صحي بمن يتناولها “إساءة استعمال الدواء “. وكان الإدمان على الأفيون ومشتقاته من المشكلات الأولي التي نجمت عن إساءة استعمال الأدوية وقد اشتقت مصطلحات كثيرة تتعلق بالدواء من حيث تعريف تلك المشكلة وعلاجها . وعرفت منظمة الصحة العالمية (WHO) المدمن والإدمان . ولكن مع زيادة استعمال أدوية أخرى تبعث النشوة في النفس نشأت مصطلحات أخرى . 

فوصف منظمة الصحة العالمية للمدمن مثلا لا ينطبق على المدمنين ممن يستعملون الأدوية المؤثرة نفسانياً فقد وصفت منظمة الصحة العالمية الإدمان بأنه حالة التزم معها المدمن بالمخدر جسمانيا وعقليا وارتقي سلم قوة الاحتمال بثبات وأصبحت مشكلة اجتماعية 000 على أن كثيراً من الأدوية الجديدة لم تسفر عن اعتماد جسماني . ولكن الدافع العقلي إلى تناولها لا يزال قوياً وبه ضراوة تصعب مقاومتها . 

*****

العقار والمخدر:

– العقار بأنه ” أي مادة إذا تناولها الكائن الحي أدت إلى تغيير وظيفة أو أكثر من وظائفه الفسيولوجية …أما المخدر فهو العقار الذي يؤدي تعاطيه إلى تغيير حالة الإنسان المزاجية وليس الجسدية” . 

ومن التعريفين السابقين يتضح لنا أن أية مادة مخدرة هي عقار ، ولكن ليس كل عقار هو مادة مخدرة .

وسيتم التركيز في هذا الكتاب على الأدوية المؤثرة نفسياً والتي تحدث تغيرا في مسلك الفرد. وهذا لا يتطلب مجرد إلقاء نظرة على التأثير الدوائي للأدوية والمخدرات و إنما يتطلب ذلك فحص خواص المادة ودراسة الطريقة التي تتفاعل بها هذه المادة مع الكائن الحي. وليس هناك ما يمكن تسميته أثرا واحدا للدواء، ذلك لان للأدوية جميعا آثارا متعددة تتفاوت بتفاوت مستوى الجرعات وبين شخص وأخر 00وتتأثر إلى حد بعيد بالزمان والمكان . وآثار المخدر هي عبارة عن محصلة التفاعل بين الدواء ووضع الفرد الجسدي والنفسي والاجتماعي. 

ظاهرة التحمل: 

يقوم الجسم بتحطيم وطرد كل ما يدخله من عقاقير. ومن البديهي أن مقدرة الأجسام على فعل ذلك تختلف بين شخص وآخر تجاه نفس العقار. وعندما يتناول المرء عقاراً مخدراً فإن ما يحدث داخل جسمه يمكن توضحيه على النحو التالي : 

1- يقوم الجسم ، في المرة الأولى لتناول العقار بتحطيمه وطرده إلى خارج الجسم، ولدى تكرار تناوله فإن مقدرة الجسم على تحطمه وطرده تزداد بسب النشاط الزائد للأنزيمات المحطمة لهذا العقار في الكبد ، مما يستدعي زيادة الكمية المأخوذة في المرات اللاحقة ، وباستمرار، للحصول على نفس المفعول الحادث في المرات السابقة. 

2- ومن جهة ثانية، إذا استمر نفس الشخص بتناول نفس الكمية السابقة من نفس العقار، فإن خلايا جهازه العصبي تعتاد على ذلك العقار ولا تعود تتأثر به كالسابق، وبالتالي تحتاج إلى كمية أكبر للحصول على التأثير السابق نفسه. 

وخلاصة القول: إن زيادة مقدرة الجسم على تحطيم العقار من جهة، وتعوده عليه من جهة أخرى، وبالتالي حاجته إلى كمية أكبر للحصول على نفس التأثير السابق هو ما يسمي بظاهرة التحمل.. 

سوء استعمال العقاقير : 

سوء استخدام العقاقير هو الإسراف في تناول العقاقير دون أخذ رأي الطبيب ، وغالباً ما يؤدي سوء الاستعمال هذا إلى إدمان العقار المستعمل . وبمعني آخر هو سوء الاستعمال الذي يتم دون رأي الطبيب والذي يؤدي إلى الاعتماد النفسي ، والجسدي أو كليهما معاً . 

ظاهرة الاعتماد :

عرفت منظمة الصحة العالمية عام 1973 الاعتماد بما معناه: 

” هو حالة من التسمم الدوري أو المزمن الضار للفرد والمجتمع ، وينشأ بسبب الاستعمال المتكرر للعقار الطبيعي أو ” المصنع” ويتصف بقدرته على إحداث رغبة، أو حاجة ملحة لا يمكن قهرها أو مقاومتها ، للاستمرار على تناول العقار والسعي الجاد للحصول عليه بأية وسيلة ممكنة ، لتجنب الآثار المزعجة المترتبة على عدم توفره ، كما يتصف بالميل نحو زيادة كمية الجرعة ، ويسبب حالة من الاعتماد النفسي أو العضوي على العقار ، وقد يدمن المتعاطي على أكثر من مادة واحدة ” . 

ويضاف إلى التعريف السابق ما يلي :

يؤدي الاعتماد إلى حدوث رغبة ملحة في الاستمرار على تعاطي العقار والحصول عليه بأية وسيلة . 

ضرورة زيادة الجرعة بالتدريج وباستمرار، لتعود الجسم عليه، وإن كان بعض المدمنين يداوم على جرعة ثابتة. 

حدوث اعتياد نفسي واعتماد جسدي على العقار المستعمل . 

ظهور أعراض نفسية وجسمية مميزة لكل عقار عند الامتناع عنه فجأة. 

تظهر الآثار الضارة على المدمن وعلى المجتمع معاً . 

كل ذلك يعني أن إدمان الشيء هو الاعتماد عليه في الحياة ، واعتماد الشخص على العقار يعني أن نشاطه العادي وحياته اليومية مرتبطتان بتناول ذلك العقار ليحافظ على وجوده في دمه بنسبة ثابتة وبشكل دائم ، فإذا انخفضت هذه النسبة في دم المدمن، أدى ذلك إلى توقفه عن العمل وعن كل نشاط سوى البحث عن العقار المطلوب ، وذلك يعني بوضوح، اعتماد الشخص في كل أنشطته الحياتية على استمراره في تناول العقار وهذه هي ظاهرة الاعتماد .

************************* الى اللقاء فى الحلقة القادمة 

هل كل إنسان يستعمل عقاراً معيناً مدة من الزمن هو إنسان مدمن

                

                     


مقالات ذات صلة

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *

زر الذهاب إلى الأعلى