آراء حرةسمير المصري

دكتور سمير المصري يكتب.. امرأتان

 

جلست امرأتان في أحد الحدائق العامة ، ومع كل امرأة ابنها ، وكان وقتها هناك عامل نظافة يقوم بتنظيف الحديقة … قالت أحداهما لولدها : 

“إذا فشلت في دراستك فسوف يكون مصيرك مثل ذلك الرجل الذي يكنس القمامة ، وتعمل بهذه المهنة “… 

أما الأخرى فقالت لولدها : 

” إذا تفوقت في دراستك ، وعملت بجد ،سيكون لك شان كبير ، ويكون بإمكانك أن تصنع حياة أفضل لذلك العامل”… 

اتفقت غايتهما وهي تحفيز ابنيهما للاجتهاد في الدراسة، والنبوغ ، والتفوق ، ولكن اختلف الأسلوب…

  لقد استخدمت المرأة الأولى عبارة سلبية “فشلت في دراستك”، واحتقرت عامل النظافة ، والذي كان من وجهة نظرها صاحب مهنة حقيرة. 

أما الثانية فاستخدمت عبارة إيجابية تنم عن الاحترام “تفوقت في دراستك”، و قد حثت ابنها أن يكون رحيما بغيره ويفكر في تحسين أحوالهم… 

أن للكلمات قوة شديدة على الإنسان ، فعلى سبيل المثال الكلمات الإيجابية يمكن أن تقوي من احترام الذات والصورة الذاتية ، إلا أن تأثير الكلمات السلبية يمكن أن يصبح له آثار مضرة لمدة طويلة، سواء كان الكلمات موجهة لطفل أو لشقيق أو لصديق أو لزميل أو حتى لأحد غريب، 

هل تعلم أنه يمكن للأطفال الذين يعيشون داخل منزل يكون فيه دوماً النقد لاذع ، والتهكم القاسي ، والسخرية موضوعاً طَبِيعِيّا ، فإن هذه الكلمات بهذا الشكل، والاسلوب ، يمكن أن يكون تأثيرها بالسلب أكثر من التأثيرات علي الجسد.

إن الخطا الأبوي يمكن أن يتسبب في عواقب مستمرة ، وان الإفراط في قول الكلمات السلبية والتشهير بالابن والابنة، يؤثر الاستعمال الدائم للكلمات السلبية مثل السباب على ترسيخ قلة إحساس الطفل بنفسه، ويساهم في الصورة الذاتية السلبية طويلة المدى.

هل تعلم ان تعميق الكلام السلبي في عقول الأشخاص … بالإضافة للألم الذي يحس به … خصوصا إذا كانت الكلمات من المقربين مثل الوالد ، أو المعلم ، يصبح دليلاً أن الشخص لا يفكر كثيرًا في من يوجه إليه الكلام على الإطلاق . فعندما ينضج الأطفال ، سيكررون هذه الكلمات السلبية لذواتهم ، ولن يحصلوا أبدًا الثقة في أنفسهم.

 تظهر تأثير الكلمات من خلال الإستجابات العاطفية عندما تقرأ أو تقال أو تسمع ، وفي النهاية يصبح هناك عالم خاص بكل شخص لهذا الحظر الشديد عند التحدث مع الغير، وعند التحدث بالأخص مع الأطفال سيحقق المراد من الحديث دون خلق أي تأثيرات سلبية مؤقته أو دائمة

لقد اوضحت الابحاث و الدراسات أن الأشخاص الذين يعانون من الكلمات السلبية على النفس من البالغين في حياتهم ، في الأغلب ما يعانون من قلق علي المدي الطويل في حياتهم المعيشية

يتفق الخبراء على أن الجمل الإيجابية بسيطة غير معقدة ويجب أن يكون قصيرًا ومحددة الهدف، حتى تصبح فعالة، سيكون للكلام الإيجابي الأقصر تأثير أعمق على الداخل من العبارات الطويلة والمملة للغاية.

العبرة : 

من الأشياء الهامة والضرورية ان نفكر في مدى تأثير الكلمات السلبية على الاخرين ، فالكلمات لها تأثير قوي ، نعم ان الكلمات تتبلور من خلال التصورات التي تشكلها كل من المعتقدات ، والدوافع ، والسلوك ، 

 انتبهوا لرسائلكم التي توجهوها لأبنائكم، فهي تصنع وتشكل شخصياتهم وأخلاقهم وتوجهاتهم.

                              

مقالات ذات صلة

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *

زر الذهاب إلى الأعلى