آراء حرة

الدكتور حسين سيد حسن يكتب.. لماذا تلجأ الدول إلى أسعار الفائدة الصفرية؟

تعني الفائدة الصفرية بشكل عام عدم حصول البنك المركزي على فائدة عند اقتراض البنوك منه، مما يشجع هذه البنوك على المزيد من الاقتراض من البنك المركزي، كما تعني الفائدة الصفرية عدم حصول البنوك على عائد عند إيداع أموالها بالبنك المركزي، وبالتالي من الأفضل للبنوك أن تقرضها للعملاء والحصول على عائد حتى ولو كان هذا العائد منخفض، وتعني الفائدة الصفرية عدم حصول عملاء البنوك على فائدة على الودائع بالبنوك. وتعني الفائدة السالبة تكبد المودع تكلفة مقابل مدخراته بالبنوك، مما يجعل المودعون يضخون أموالهم في الاستثمارات في قطاعات الاقتصاد المختلفة، وتشجع البنوك على الإقراض، وضخ السيولة لقطاعات الاقتصاد المختلفة، وبالتالي لا تلجأ هذه البنوك إلى إيداع أموالها لدى البنك المركزي ، لتجنب تكلفة هذا الإيداع. وقد لجأ لاستخدام الفائدة الصفرية بل والسالبة عدد من الدول من بينها اليابان، والولايات المتحدة الأمريكية، خلال الفترة التي أعقبت الأزمة المالية العالمية في عام 2008، وذلك ضمن أدوات جديدة لمواجهة آثار الأزمة المالية العالمية.
وتستهدف سياسة الفائدة الصفرية إتاحة الاقتراض للعملاء من الشركات والأفراد بأقل تكلفة ممكنة، مما يؤدي إلى تحفيز الاقتصاد عبر ضخ المزيد من الاستثمار، وخفض تكلفة الإنتاج، وتوفير السلع والخدمات بأسعار مناسبة، وينعكس ذلك إيجابياً على نمو الاقتصاد، أو قد يساهم في إنقاذه من الدخول في حالة ركود، وعلى مستوى الأفراد، قد تنعكس الفائدة الصفرية عليهم بتشجيعهم للحصول على قروض بتكلفة منخفضة، وبالتالي تشجيع جانب الاستهلاك، وتنشيط الاقتصاد من جانب العرض، وتمكنهم من الحصول على السلع والخدمات، وتحسين مستوى المعيشة، وعلى جانب الودائع، تعد سياسة الفائدة الصفرية طاردة للمودعين في البنوك، وبالتالي يتجه المودعون إلى البحث عن طرق أخرى لتشغيل هذه الأموال واستثمارها ، وضخها في إحدى وسائل الاستثمار الأخرى التي تساهم في تنشيط حركة الاقتصاد. كما تخفض سياسة الفائدة الصفرية من تكلفة الديون في الدول المطبقة بها، وينعكس ذلك إيجابياً على موازنة الدولة وقدرتها على السيطرة على ديونها، وتشجعها على المزيد من الاقتراض، وضخ الأموال المقترضة في الأسواق، وتساهم أسعار الفائدة الصفرية أو السالبة في خفض سعر العملة، الأمر الذي يعطي ميزة سعرية تنافسية للمصدرين في الأسواق الأجنبية.
وتطبق البنوك المركزية في أربعة وعشرون دولة معدلات فائدة صفرية أو سالبة على الودائع في البنوك التجارية، وتشمل عشرون دولة تطبق أسعار فائدة صفرية على الودائع في البنوك ، وعدد أربعة دول تطبق أسعار فائدة سالبة، أي أنها أقل من الصفر. وتلجأ الدول إلى تطبيق الفائدة الصفرية أو السالبة في حال تعرض الاقتصاد لمرحلة ركود اقتصادي، أو معدلات نمو اقتصادي ضعيفة، حتى يضطر المودعون لسحب أموالهم أو جزء منها من البنوك وضخها في قطاعات الاقتصاد المختلفة، لزيادة الاستثمارات، لأن البنك سيأخذ عليها فائدة بدلاً من أن يعطي العميل فائدة في حالة تطبيق سياسة أسعار الفائدة السالبة، أو عدم حصول العميل على فائدة في حالة تطبيق سياسة أسعار الفائدة الصفرية، وبالتالي تشجع الفائدة المنخفضة بشكل عام الأفراد والشركات ومختلف الجهات على الاقتراض لزيادة استثماراتهم.
وأعتقد أن سياسة الفائدة الصفرية أو السالبة تعتبر من السياسات الأكثر تشدداً التي تستخدمها البنوك المركزية في حالة تعرض الاقتصاد الوطني للركود المستمر، أو تعرض الاقتصاد لمعدلات نمو منخفضة، وبهدف تحفيز الاستهلاك، وتشجيع الاستثمارات في مختلف قطاعات الاقتصاد بدلاً من ادخار الأموال في البنوك، ومن جانب آخر تشجع سياسة الفائدة الصفرية أو السالبة البنوك على اقراض الأموال للأفراد والشركات بسعر فائدة منخفض وتفاضلي، مما يساهم في إضافة مشروعات إنتاجية سلعية أو خدمية، أو التوسع في هذه المشروعات، بما يدعم قدرة الاقتصاد الوطني.
وأرى أنه يجب استخدام سياسة الفائدة الصفرية أو السالبة عند حاجة الاقتصاد الوطني إليها وفي حالة تعرض الاقتصاد الوطني لمرحلة ركود مستمرة، أو حالة الانخفاض المستمر لمعدل النمو الاقتصادي، أو أن تكون معدلات النمو الاقتصادي ضعيفة، وبهدف زيادة معدلات الاقتراض وسحب الودائع من البنوك، لاستثمارها في القطاعات الاقتصادية المختلفة، وبالتالي يزيد معدل دوران عجلة الإنتاج، وزيادة الاستثمارات، وتزيد معدلات نمو الأنشطة الاقتصادية، ويترتب عن ذلك زيادة معدل النمو الاقتصادي كنتيجة نهائية ، مما يؤدي بدوره إلى توفير فرص عمل، وخفض معدلات البطالة.

مقالات ذات صلة

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *

زر الذهاب إلى الأعلى