آراء حرةسمير المصري

دكتور سمير المصري يكتب.. نعيب في الناس والعيب فينا 

نعيب في الناس والعيب فينا 

 

البعض ينتبه لعيوب الناس ، وتعمى عيونهم عن أخلاقهم الحسنة التي قد تكون أكثر بكثير من هذه العيوب ، متغافلين عن الحقيقة أنه لا يوجد إنسان متكامل، وللكل عيوب.

 

 ولو كان الإنسان منشغلاً بنفسه عن غيره، ارتاحت له الأنفس، وكان محبوباً وأكثر قرباً من الناس ، أما إذا كان دائماً يتتبع زلات الناس، وينشر عيوبهم وخطاياهم، فسينفر منه الجميع، وسيفضحه الله، حتى ولو كان في بيته.

 

الكمال لله وحده والعصمة للأنبياء ، فلا عصمة لأحد بعد الأنبياء ؛ أما بقية البشر فكلهم يصيبون ويخطئون ، ولا يخلو إنسان من نقص وعيب ، لكن هنالك مشكلة تنغص على كثير من الناس حياتهم وهي أن يكون هناك من يترصد للأخطاء والعيوب ، من تكون عينه دائما مسلطة عليك يراقب حركاتك وسكناتك ويرصد عليك أخطاءك وعيوبك ، لا لينصح وإنما ليشهر ويفضح ؛ يرى نفسه دائما على صواب وغيره على خطأ ؛ ولا يسلم الناس من لسانه بتتبع عوراتهم وهتك أستارهم ؛ وهذا عيب كبير لو اتصف به أحد فلا بد أن يعالج نفسه منه .

 

لو أبصر المرء عيوب نفسه لانشغل بها عن عيوب الناس ؛ لأن المرء مطالب بإصلاح نفسه أولا وسيسأل عنها قبل غيرها.

 

ناس غريبة … حقودة ..! 

تجلس اليهم فلا هم لهم إلا العيب في غيرهم فيقولوا فلان كذا وكذا وفلانة فيها من العيوب كذا وكذا …. والجمعية الفلانية والهيئة الفلانية …الخ ، فلا يرى إلا العيوب فقط .

 

هذه النوعية من الناس نشبهم بالغراب الذي يمر ببستان جميل فيه الثمار والأشجار تجرى من تحتها الأنهار يمر هذا الغراب فلا يخرج من البستان إلا بدودة !!!

 

أو كالذباب الذي لا يحط إلا على القاذورات فينقل الجراثيم والميكروبات !!!

وهناك من هو كالنحل لا يحط إلا على أطايب الزهر جعلني الله وإياكم منهم .

 

 

 “لا أحسب الرجل ينظر في عيوب الناس إلا من غفلة غفلها عن نفسه“.

 ” كنا نحدَّث أن أكثرَ الناس خطايا أفرغُهم لذكر خطايا الناس“.

” كفى بالمرء خيانة أن يكون أمينا للخونة، وكفى المرء شراً ألا يكونَ صالحا ويقعَ في الصالحين“.

 

 

فالإنسان –لنقصه وحب نفسه – يتوفر على تدقيق النظر في عيب أخيه، فيدركه مع خفائه ، فيعمى به عن عيبٍ في نفسه ظاهر، ولو أنه انشغل بعيب نفسه عن التفرغ لتتبع عيوب الناس، لكف عن أعراض الناس وسد الباب إلى الغيبة.

 

وكثيرا ما ننتبه للأعمال السيئة ونغفل عن الأعمال الحسنة التي قد تكون أكثر بكثير من السيئة وما انتبهنا!!

 

 ليس من شريف ولا عالم ولا ذي فضل إلا فيه عيب، ولكن من الناس من لا ينبغي أن تذكر عيوبه، فمن كان فضله أكثر من نقصه ذهب نقصه لفضله، ولا تذكر عيوب أهل الفضل تقديراً لهم. 

 

 

إن من أخطر الأمراض القلبية التي يُصاب بها العبدُ أن يرضى عن نفسه، ويرى كمالات نفسه، ويغفل عن عيوبه، مع أنه لا يخلو إنسان من نقص وعيب وذنب وخطيئة.

 

وإذا أراد الله بعبده خيراً صرفه إلى الاعتناء بعيوب نفسه، ومحاولة إصلاحها، فتجده دائماً منشغلاً بنفسه، حريصاً على تزكيتها.

 

وكم هو قبيح أن ينسى الإنسان عيوب نفسه ، وينظر في عيوب إخوانه بمنظار مُـكـبِّـر!! 

 

والإنسان ـ لنقصه ـ يتوصل إلى عيب أخيه مع خفائه ، وينسى عيب نفسه مع ظهوره ظهورا مستحكما لا خفاء به.

 

الخلاصة 

 

ان الحديث عن أخطاء الآخرين، والإسراف في ذكرها، ولوك اللسان بها ، يدل على مرض عضال في النفس وهو الشعور الدائم بالنقص .

انهم يبحثون عن الأخطاء ، كأنها هواية عندهم ؛ فهم يفرحون بها إذا وجدوها ويضخمونها إذا عرضوها ، وهم يذكرون دائمًا الخطأ ، ولا يذكروا أبدًا الصواب ، 

 

 تبرز شخصية الإنسان من خلال نصيبه من هذه القضية، فإذا عرف بأنه مشغول بتضخيم عيوب الآخرين والطعن في الناس ، فهذه مرآة تعكس أنه يشعر بضآلة نفسه وحقارتها وأن حجم نفسه صغير ؛ هو يعتقد أنه لن يعلو قدره إلا على أنقاض الآخرين،

 

 هو دائماً يحاول أن يحطم الآخرين ، ويكثر نقدهم ويذكر عيوبهم ان كان لديهم ، وهذه مرآة تعكس أن إحساسه وثقته بنفسه ضعيفة ، وأنه في داخل نفسه يحس أنه صغير وحقير ، فلذلك يشتغل بعيوب الآخرين .

مقالات ذات صلة

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *

زر الذهاب إلى الأعلى