أمجد المصري

أمجد المصرى يكتب..أي جيلٌ هذا ؟!!

 

 

بداية القصة (١) …

في بدايات الألفية الثالثة لم يكُن أهل مصر وهم يستقبلون مواليدهم الجُدد حينها يتخيلون إن هؤلاء الصغار الذين ولدوا في أقصي سنوات الهدوء سيعيشون كل هذا الزخم ، وستمر بهم كل تلك الأحداث وهم مازالوا في ريعان صِباهم ومهد شبابهم ، عن مواليد ٢٠٠٠ وما بعدها أتسائل :   

     ((ماذا فعلتم بالحياة ، وماذا فعلت الحياة بكم؟))

يومُا سيحكي علماء الإجتماع عن هذا الجيل الذى لم يصل معظمه لسن الرشد بعد وقد عاصر في طفولته ما لم يعاصره السابقون طوال قرن من الزمان ، تغيرات حادة طرأت علي المجتمع في تتالي شديد السرعة بدأت برواج عصر الإنترنت ودخول هؤلاء الصغار إلي مصيدة مواقع التواصل وبرامج الهواتف الذكية لنبدأ في مرحلة إنسلاخ تلك الأجيال تدريجيًا عن البيت والمدرسة ودور العبادة ، لتتحول حياتهم إلي الشكل المميكن فكريًا وسلوكيًا حتي صاروا أكثر حدة وتعصب ولكن أيضًا أكثر ذكاء وتطلع وإنفتاح علي العالم ممن سبقوهم بعقود .

ثورات تقوم فتشعل الأرض حراكًا ، وربيع عربي يتوهج ثم يخمد ، ودساتير تُكتَب ، وحكومات تذهب وتأتي غيرها ، سكون مميت دام عقود ينشط فجأه ليقلب كل الموازين والأوضاع ، سياسيًا وإقتصاديًا وفكريًا ، وفي منتصف كل هذا يولد جيل جديد ينمو ويترعرع وتتكون شخصيته وهو يتابع علي الشاشات ما يحدث مرغمًا ، فكل البيوت وكل العيون متعلقه دومُا بأخبارٍ تأتي كل يومٍ عبر النشرات عن الجديد والجديد الذى لا ينتهي ولا يتوقف .

فجأه تسقط كثيرٌ من ثوابت المجتمع ، تتغير الأفكار وتهتز الركائز ، قيم وأنماط وحياه كانت مستقره تُصبح في مهب الريح ، لا يجد هؤلاء في زحام الأحداث من يُثبت هويتهم ويمنحهم الثقه ليضربوا جذورهم الناشئة جيدًا في باطن الأرض الطيبه ، تقتلع الرياح كثيرًا منهم ولا ينجو إلا من تمسك سريعًا بالأصول فلم يُغريه بريق المستحدثات الزائف ، حتي حين جاءت جائحة كورونا وأجبرت هؤلاء الصغار علي ملازمة المنازل لعامين لم يكن أمامهم سوى الهروب نحو التيك توك وما يشابهه من برامج خبيثة ماكره أضاعت كثيرًا من الهوية والقيم بل وغيرت اللغة والشكل والهيئة .

أي جيل هذا الذى عاصر في ٢٠ عام ما لم يحدث طوال ٢٠٠ عام في السرعة والتتابع والقسوة ، وكأنهم (حقل تجارب) تم إستخدامه لإختبار كل ماهو جديد خلال فترة زمنية قصيرة جدًا في عالم مختلف يتجه نحو شكل لم يألفه السابقون .. عُذرًا أبناء هذا الجيل ، لكم كل العذر إن أصابكم بعض الشطط وفقدان الإتزان ، فما مر بكم وأنتم مازلتم في البدايات لم يكن سهلًا أبدًا .

لكُم الله ، وعقولكم الذكية ، وهويتكم المحفورة في جينات أرواحكم تثبتكم في الارض مهما إشتدت رياح الفتن .

مقالات ذات صلة

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *

زر الذهاب إلى الأعلى