توب ستوري

معلومة تهمك.. العصر اليوناني

■ فنار الإسكندرية ■


■ اليونان القديمة ■

     منذ نحو ٦٠٠ عام قبل الميلاد نشأت الحضارة اليونانية القديمة على جزر بحر إيجه باليونان حالياً، مستمدة العون و الدعم من الحضارة المصرية الفرعونية، تفوق اليونانيون في إنشاء المعابد و الجسور و تمهيد الطرق ، و تنظيم نقل المياه ، إلا أن المعابد اليونانية استأثرت بالاهتمام الأكبر على أوسع نطاق من الشهرة.


وعلى خلاف المهندس المصري القديم لم يقتنع المهندس اليوناني برص كتل الحجارة فوق بعضها بإحكام و دقة ؛ بل اهتم بالمنظر الجمالي فأبدع في نحت و نقش الرخام بالصور و الرموز ؛ فكانت أعمدتهم آية في الفن بسبب ما ازدانت به من نقوش. كانت الفنون الجميلة تتقدم فكرهم الهندسي ، فالغرض الجمالي و إبرازه قد سيطر على أحاسيسهم و مقاصدهم ؛ فجاءت أعمالهم بدورها نموذجاً للجمال المبدع.


كانوا مَهَرة في اختراع الأدوات الميكانيكية ، فقد كان الإزميل البرونزي و المنشار و المطرقة الخشبية و الإسفين و الروافع هي الأدوات التي ارتكز عليها تقدم الإنجاز اليوناني في فن البناء تماماً كالمصريين القدامى ، إذ كانت فكرتها هي أساس عديد الماكينات و الأجهزة فيما بعد ، و قد فسر الفيلسوف اليوناني ” أرسطو ” Aristotle ( ٣٤٨ – ٣٢٢ ق.م. ) في العام ٣٥٠ ق.م. التطبيقات المختلفة للرافعة و البكرة و الونش و غيرها.


كان عصر الإسكندر الأكبر Alexander the Great رائد عصور اليونان في مشروعات تخطيط المدن ، فقد شيد مدينة الإسكندرية على الشريط اليابس الذي يفصل بين البحر الأبيض المتوسط و بحيرة مريوط في العام ٣٣٢ ق.م. و عَيَّنَ المهندس الأشهر “دينوكراتس” لتخطيطها. كما احتضنت الإسكندرية كذلك المهندس العبقري “سوستراتوس ” الذي صمم فنار الإسكندرية Pharos of Alexandria الرخامي الضخم في العام ٢٨٠ ق.م. ليصير ضمن إحدى عجائب الدنيا.


بعد رحيل الإسكندر عام ٣٢٣ ق.م. ، أسس” بطليموس بن لاجوس ” دولة البطالمة التي حكمت مصر ، و قد اتخذ البطالمة الإسكندرية عاصمةً لهم منذ العام ٣٢٠ ق.م. و في العام ٧٠ ق.م. أنشأ بطليموس الأول مكتبة الإسكندرية. و قد أتاح تكوين الإسكندرية الطبيعي أن تكون مركزاً للإشعاع الثقافي ، كما مكنتها مكتبتها الزاخرة أن تصبح منارة لطالبي المعرفة.


و في الحروب استخدمت جيوش اليونان القوس الآلي أو المنجنيق المشتق عن الشكل البدائي للقوس و المقلاع الآلي ” المقذاف ” و غيرها من الآلات عالية الميكنة.


تميز العصر اليوناني بوجود عديد العلماء و المخترعين أمثال الراهب السكندري ” هيرو ” Hero of Alexandria عالم الرياضيات و المهندس المبتكر الذي كان من أوائل من درسوا و صنفوا أنواع القوى الميكانيكية ، و تشكل مخترعاته البسيطة كالروافع و الأسافين و الطارات أهم الأدوات الميكانيكية في ذلك الزمان ، و تعد الكرة النفاثة أشهر أجهزته الميكانيكية التي اخترعها في العام ٥٠ ق.م. كأول توربين عرفه العالم يعمل بقوة رد فعل بخار الماء خلافاً للأنواع الأخرى من المحركات.


أما المهندس المخترع و عالم الرياضيات ” أرشميدس ” Archimedes ( ٢٩٨ – ٢١٢ق.م. ) ؛ فقد اشتهر بقوانينه العلمية و تفسيراته عن التعويم في الماء و طفو الأجسام المغمورة في السوائل و مراكز ثقل الأجسام ، و كذلك اشتهر بدراساته المتعلقة بالحيل الميكانيكية كالروافع الدولابية ( المصاعد ) و استخدامات العتلة . ابتكر كذلك آلة رفع الماء من المستويات السفلى المسماة بحلزون أرشميدس Archimedes’s screw أو ” اللولب الدوّار ” و الذي اخترعه خلال تواجده بمصر ، و من اسهاماته الأخرى قيامه بتحديد مساحة بعض الأجسام المستوية و تحديد مساحة و حجم بعض الأجسام المنحنية ما يُعَد مدخلاً لعلم التكامل Integral Calculus قبل ٢٠٠٠ عام من ابتكار العالِم إسحاق نيوتن له بعد ذلك ، و يُذكَر له مقدرته على حساب قيمة تقريبية للثابت π


لا يمكن إهمال الإشارة إلى المهندس و العالِم “إقليدس” Euclid’s ( ٣٣٠ – ٢٨٠ ق.م. ) صاحب الهندسة الإقليدية Euclidian Geometry الشهيرة و التي جمعها في ١٣ مجلداً ، و اجتهاداته لا تخفى في دراسة المستويات و المسطحات ، و لاتزال أُسُس هذه الهندسة راسخة حتى اليوم ، بالإضافة إلى إسهاماته الأخرى في علوم الرياضيات و الضوء و الموسيقا . و تَجدُر الإشارة إلى تلقيه العلم بمدينة الإسكندرية.


” مصر هبة النيل ” عبارة شهيرة في وصف العلاقة الحميمة بين مصر و نهر النيل سجلها الكاتب و المؤرخ الإغريقي ” هيرودوت “، المعروف ب ” أبو التاريخ ” ، إذ اختص بتسجيل عادات و تقاليد شعوب و جغرافيا أراضي منطقة حوض البحر الأبيض المتوسط وتسجيل تاريخ المنطقة، وقد كانت مصر في بؤرة اهتماماته ، ولد هيرودوت قبل الميلاد بنحو ٤٩٠ عاماً في آسيا الصغرى و رحل قبل الميلاد بنحو ٤٢٥ عاماً في جنوب إيطاليا ، و اسمه مركب من جزءين : ” هيرو ” نسبة إلى معبودة الإغريق ” هيرا ” و ” دوت ” بمعنى العاطي أو الهادي ، أي أن اسمه يعني بالعربية : عطاء الله أو هداية الله . عاش سنوات شبابه رحالة بين بلاد حوض البحر الأبيض ، و من مؤلفاته وضع ٩ كتب أشهرها كتابه عن مصر . حيث كانت مصر تحت حكم الفرس و حاكمها” قمبيز “..و كانت رحلة هيرودوت إلى مصر خلال القرن الخامس قبل الميلاد.

مقالات ذات صلة

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *

زر الذهاب إلى الأعلى