آراء حرة

كريستين عادل يني تكتب.. عندما يموتُ الحب

قد اعتدنا سماع الكثير والكثير من أغاني الحب المختلفة والشعائر المتناغمة سواء في حب الآخر، كحبيب لحبيبتهِ، أو حبيبة لحبيبها، أو للوطن، أو للأم، أو للأسرة والأخوة أو في حب الأصدقاء والصداقة. وتمتعنا بهذه الأغاني بل ورددناها بأنفسنا. والأمتع من هذا أننا أهديناها لأي مَن نحب.

لأننا وجدنا أنه دون أن تُزرع بذرة الحب في داخلنا، لا نستطيع العيش في هذه الحياة. وأينما وُجِد الحب بأنواعهِ، وجدت الطمأنينة وُجِد السلام والعِشرة الطيبة والصبر في التعامل. فإننا خُلقنا بقلبٍ ينبُض، وهذه النبضات تضخُ من نبع حب الخالق. لأن الله نفسهُ محبة، ولولا محبتهِ لما خُلِقت البشرية لكي ما تتمتع بمحبتهِ. لذا إذا مات الحب من قلبِ الإنسان، تذكر أن الإنسان نفسهُ قد مات.

وفي الوقتِ الذي نسمع فيه الكثير ونقرأ عن الكثير من الفلسفات لمفهوم الحب وأنواعهِ، نرى للأسف وحشية السلوك حينما يموتُ الحب من قلبِ إنسان لأنه حينما يموتُ الحب، تموت كل معاني الرحمة أولاً من القلب. فيجدُ الإنسان أنه لا يُحب نفسه ولا يطيقها. وبالتالي لن يُنتظر منه الرحمة تجاه الآخر، فيكره ويسُب ويلعن ويقتُل. وفي النهاية لا قيمة للحياة التي يعيشها.

عنما يموتُ الحب، لا يستطيع المرء الشعور بالآخر أو التماس العذر. بل تجد تصيُّد الأخطاء سهلاً، والتنمُر ذهابًا وإيابًا ملاذًا. ولا تندهش كثيراً، لأن الحُب لم يستقيه الكثير منذ الصغر. أو أن مفاهيمهُ النقية العميقة لم تتُرجم بصورة صحيحة في الكثير من المجتمعات. فالبعض اعتبرها مشاعر مُخجلة لا يمكن البوح بها. وإذا أُفصِح عنها أصبح الإنسان المُعترف بها ضعيفا أو مهزوزاً. والبعض اعتبرها مشاعر تافهة لا يُعتد بها في الحياة، لأن الحياه من وجهة نظرهِ عملية تتطلب الكثير من الاهتمامات المادية والملموسة.

فلماذا نجد كل هذه الصعوبات في التعبير عن مشاعر الحب مثلها مثل التعبير عن مشاعر الغضب أو الألم أو الفرح؟! لماذا لا نعبر ببساطة عن محبتنا لإلهنا الذي يُنعم علينا بالخيرات كل يوم ويتمهل علينا في أخطاءَنا، بل ويغفر لنا قبل البشر الذين نراهم بأعيننا؟! لماذا لا نعبر عن محبتنا لآبائِنا الذين احتوونا منذُ الصغر بكلماتٍ رقيقة وأحضانٍ صادقة واهتمامٍ واحتمال؟! ولماذا ننتظر حتى رحيلهم من هذا العالم لنعترف لهم بكلِ ما في قلوبِنا من حبٍ عميق؟! لماذا لا نُعرِّف أبناءَنا أنهم محبوبين ومقبولين حتى لو أخطأوا؟! لماذا يكونُ حُبنا أحيانا أنانيًا ومُحتكراً حينما نُحب؟ ولماذا لا نتمسك بالحب في كل الظروف ومهما قسى علينا الزمن؟!

كلمة الحب لا يسعها الكتب للحديث عن جمالهِ وعمقهِ العملي في حياتنا. فعندما يموتُ الحب، يموتُ الوطن والانسان ومن ثمَّ تخرب الحياة ولا تصلُح مرة أخرى. هلُمَّ لنعرف معنى الحب من جديد. هنالِك فرصة جديدة ما دمنا أحياء. هلُمَّ نقولُ لمن نحب أننا حقًا نحبه سواء إلهُنا، أو والدينا، أو أصدقائِنا، أو أحباءَنا، أو أزواجَنا وأبناءَنا. هلُمَّ لنُحيي قلوبِنا التي تألمت نبضاتها وتجرحت وتشوَّهت كثيراً، لنُعيد نسمات الحياة إليها من جديد.

مقالات ذات صلة

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *

زر الذهاب إلى الأعلى