آراء حرةسمير المصري

د.سمير المصري يكتب.. سكرة ماقبل الرحيل



الرحيل نارٌ ليس لها حدود ، لا يشعر به إلّا من اكتوى بناره ،

فبعد الرحيل أصبح كل شيءٍ بطيء ، أصبحت الدّقائق والسّاعات حارقة، وأصبحت تكتوي في لحظاتها .


إذا قررت يوماً أن تترك حبيباً فلا تترك له جرحاً، فمن أعطانا قلباً لا يستحق أبداً منا أن نغرس فيه سهماً أو نترك له لحظه ألم تشقيه ، فما أجمل أن تبقى بيننا لحظات الزمن الجميل.


الرحيل هو القاتل الصّامت، والقاهر الميت ، والجرح الّذي لا يبرأ ولا يشفي ، والداء الحامل لدوائه.


 يقول قائل { لكم في الذّكرى شجوني ، من أجلها تدمع عيوني ، فإذا طال الزّمان ولم تروني ، فابحثوا عنّي على من أحبّوني ، وإذا زاد الفراق ولم تروني ، فهذا كلامي به تذكّروني } .


إذا جلست يوماً وحيداً تحاول أن تجمع حولك ظلال أيام جميلة عشتها مع من تحب ، أترك بعيداً كل مشاعر الألم والوحشة التي فرقت بينكما وحاول أن تجمع في دفاتر أوراقك وكل الكلمات الجميلة التي سمعتها ممن تحب ، وكل الكلمات الصادقة التي قلتها لمن تحب.


كنّتما معاً دائماّ تتقاسما الأفراح والأحزان ، كنّتما دائماً تحاولا أن تسرقا من أيامكما لحظاتٍ جميلة ، تحاولا أن تكونا هذه الّلحظات طويلة ، تحاولا أن تحقّقا سعادةً وحبّاً دائمين،


 حاولوا دائماً أن نبقوا معاً لآخر العمر ، لكن لم يخطر ببالكم أن الّلقاء لا يدوم ابدا ، وأنّ القضاء والقدر هو سيد الموقف، وأنّه ليس بيدكم حيلة أمام تصاريف القدر ، وتقلّباته.


إذا اكتشفت أن كل الأبواب مغلقة وأن الرجاء لا أمل فيه وأن من أحببت يوماً أغلق مفاتيح قلبه وألقاها في سراديب النسيان، هنا فقط أقول لك إن كرامتك أهم كثيراً من قلبك الجريح حتى وإن غطت دماؤه سماء هذا الكون الفسيح فلن يفيدك أن تنادي حبيباً لا يسمعك، وأن تسكن بيتاً لم يعد يعرفك أحد فيه، وأن تعيش على ذكرى إنسان فرط فيك بلا سبب، في الحب لا تفرط فيمن يشتريك.. ولا تشتري من باعك ولا تحزن عليه.


 ان رحيل الانسان عن نفسه هو اقسى أنواع الرحيل ، ترى كيف يمكننا أن نعتاد رحيل من مات ولا نطيق رحيل من لا يزال على قيد الحياة.


 اﻛﺒﺮ ﺃﻏﻨﻴﺎﺀ ﻟﺒﻨﺎﻥ { اميل البستاني } 

ﺃﻧﺸﺄ لنفسه ﻗﺒﺮﺍً ﻓﻲ ﺃﺟﻤﻞ ﻣﻨﻄﻘﺔ ﻣﻄﻠﺔ ﻋﻠﻰ ﺑﻴﺮﻭﺕ 

ﻭﻟﻪ ﻃﺎﺋﺮﺓ ﺧﺎﺻﺔ ﻭﻗﻌﺖ به ﻓﻲ ﺍﻟﺒﺤﺮ …

ﺩُﻓِﻌَﺖ ﺍﻟﻤﻼﻳﻴﻦ ﻹﻧﺘﺸﺎﻝ ﺟﺜﺘﻪ ، ﻋﺜﺮﻭﺍ ﻋﻠﻰ ﺍﻟﻄﺎﺋﺮﻩ ﻓﻘﻂ

ﻭﻟﻢ ﻳﺘﻤﻜﻨﻮﺍ ﻣﻦ ﺍﻟﻌﺜﻮﺭ ﻋﻠﻲ ﺍﻟﺠﺜﺔ ﻛﻲ ﺗﺪﻓﻦ ﻓﻲﻫﺬﺍ ﺍﻟﻘﺒﺮ ﺍﻟذي بناه !!!


ﺃﺣﺪ ﺃﻛﺒﺮ ﺃﻏﻨﻴﺎﺀ ﺑﺮﻳﻄﺎﻧﻴﺎ، ﻳﻬﻮﺩﻱ ﺍﺳﻤﻪ { ﺭﻭﺩ ﺗﺸﻠﺪ } ﻣﻦ ﻛﺜﺮﺓ ﺛﺮﻭﺗﻪ ﻛﺎﻥ ﺃﺣﻴﺎﻧﺎً ﻳﻘﺮﺽ ﺍﻟﺤﻜﻮﻣﺔ ﺍﻟﺒﺮﻳﻄﺎﻧﻴﺔ ، ﺧﺰﻧﺘﻪ ﺍﻟﻤﺎﻟﻴﺔ ﻏﺮﻓﺔ ﺑﺄﻛﻤﻠﻬﺎ، ﺩﺧﻞ ﻣﺮﺓ ﺇﻟﻰ ﺧﺰﺍﻧﺘﻪ ﻭﺃﻏﻠﻖ ﺍﻟﺒﺎﺏ ﻋﻠﻴﻪ ﺑﺎﻟﺨﻄﺄ ﺻﺎﺡ ﺑﺄﻋﻠﻰ ﺻﻮﺗﻪ ﻟﻢ ﻳﺴﻤﻌﻪ ﺃﺣﺪ ﻭﺫﻟﻚ ﺃﻥ ﻗﺼﺮﻩ ﻛﺒﻴﺮ ، ﻭﻣﻦ ﻋﺎﺩﺗﻪ ﺃﻥ ﻳﻐﻴﺐ ﻋﻦ ﺍﻟﻘﺼﺮ ﻛﺜﻴﺮﺍً ، ﻓﻠﻤﺎ ﻏﺎﺏ ﻋﻦ ﺃﻫﻠﻪ ﻇﻨﻮﺍ ﺃﻧﻪ ﺳﺎﻓﺮ .

ظل ﻳﺼﺮﺥ ﻭﻳﺼﻴﺢ ﻭﻳﺼﻴﺢ ﺇﻟﻰ ﺃﻥ ﺃﺩﺭﻛﻪ ﺍﻟﺠﻮﻉ ﻭﺍﻟﻌﻄﺶ، ﻓﺠﺮﺡ ﺇﺻﺒﻌﻪ، ﻭﻛﺘﺐ ﻋﻠﻰ ﺍﻟﺠﺪﺍﺭ :

       { ﺃﻏﻨﻰ ﺇﻧﺴﺎﻥ ﻓﻲ ﺍﻟﻌﺎﻟﻢ ﻳﻤﻮﺕ ﺟﻮﻋﺎً ﻭﻋﻄﺸﺎً }

ﻟﻢ ﻳﻜﺘﺸﻔﻮﺍ ﻣﻮﺗﻪ ﺇﻻ ﺑﻌﺪ ﺃﺳﺎﺑﻴﻊ !


        الخلاصة 


    انظر الي سكرة ماقبل الرحيل …. !!! 

الرحيل من ﺍﻟﺪﻧﻴﺎ ﻫﻲ ﺃﺧﻄﺮ ﺣﺪﺙ ﻓﻲ ﺍﻟﻤﺴﺘﻘﺒﻞ .

ﻭﻟﻜﻦ ﻻ ﻧﺪﺭﻙ ﻣﻌﻨﺎﻫﺎ، ﻣﺘﻰ ﻭﻛﻴﻒ ﻭﺇﻟﻰ ﺃﻳﻦ ؟

ﺍﻹﻧﺴﺎﻥ ﻳﺴﺎﻓﺮ ﻭﻳﺮﺟﻊ ، ﻳﺬﻫﺐ ﻓﻲ ﻧﺰﻫﺔ ﻭﻳﻌﻮﺩ ﺇﻟﻰ ﺍﻟﺒﻴﺖ ، ﺃﻣﺎ ﺇﺫﺍ ﻣﺎﺕ ﻓﻼ ﻋﻮﺩﺓ .

ﻫﻨﻴﺌﺎً ﻟﻤﻦ ﻳﺤﺮﺹ ﺃﻥ ﻻ ﻳﻈﻠﻢ ﺃﺣﺪﺍً ، ﻭﻻ يكره ﺃﺣﺪﺍً ، ﻭﻻ ﻳﺠﺮﺡ ﺃﺣﺪﺍً ، ﻭﻻﻳﺮﻯ ﻧﻔﺴﻪ ﻓﻮﻕ ﺃﺣﺪ . كلنا ﺭﺍﺣﻠﻮﻥ .


        دمتم في امان الله وحفظه ورعايته ،،،، 

               غدا صباح مصري جديد، ،،، 

                  إن كان في العمر بقية ،،،، 


                                      

مقالات ذات صلة

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *

زر الذهاب إلى الأعلى