آراء حرة

دكتور محمد علي الطوبجي يكتب .ملامح المشهد ما بعد الحرب على غزة (٢)

سوف نرى كيف يبدأ الصراع سياسيا، ثم يتحول إلى أحد أخطر مصادر العنف والتطرف والارهاب الديني في العالم كان احتلال السوفيت لافغانستان في ديسمبر ١٩٧٩ بداية التطور الخطير في تصاعد مسيرة العنف والتطرف والارهاب الديني ليس علي مستوي العالمين العربي والإسلامي فحسب، وإنما على مستوى العالم كله.هنا تحديدا برزت فكرة الجهاد الإسلامي ضد الاتحاد السوفيتي كدولة. لا دينية معادية للاسلام.، وهي الفكرة التي زرعتها واستخدمتها أجهزة المخابرات الأمريكية لاستنزاف قوة الاتحاد السوفيتي العسكرية في افغانستان من خلال الاستعانة بمن اسموهم بجماعات المجاهدين الذين جلبوهم إلى افغانستان من العديد من البلاد العربية والاسلامية كمتطوعين للقتال ضد السوفيت في حرب استنزاف باهظة التكلفة بشريا إلى أقصى حد… كما استخدم الامريكيون فكرة الجهاد الاسلامي في حشد وتعبئة المجتمع الافغاني المسلم ضد السوفيت بإيهامه انهم اتوا إلى افغانستان لتغيير عقيدته الاسلامية ولمحو هويته وتدمير ثقافته، الخ..وهو ما ضاعف من كراهيته لهم ومن تصميمه علي اخراجهم من أراضيه، وفي هذا المناخ المتوتر والمعادي للسوفيت في افغانستان.، وبدعم تام من اجهزة المخابرات الامريكية وتحت اشرافها المباشر، برز تنظيم القاعدة بزعامة رجل الاعمال السعودي اسامة بن لادن كاخطر تنظيم ارهابي في العالم ، تنظيم يعتمد العنف المسلح اسلوبا وحيدا له في مواجهة خصومه علي مختلف الساحات في العالم ويستخدم الجهاد الديني غطاء لانشطته وعملياته.. وقد تمددت اذرعه في كل دول وقارات العالم، واتسعت مصادر تمويله وتسليحه،. وتضخمت شبكات اتصالاته وقواعد تجنيد عملائه. ،كما وجد من حكومات بعض الدول من تمنحه الملاذات الآمنة وتحتضن قياداته وزعاماته، وتوفر لهم الحماية التي يبحثون عنه وخارج مهماته القتالية في افغانستان التي بدا وانطلق منها، كان لعملياته الارهابية العنيفة خارجها اصداؤها العالمية المدوية. ، ومنها تدمير سفارتي الولايات المتحدة الامريكية في كينيا وتنزانيا في اغسطس عام ١٩٩٨ في توقيت متزامن ادهش العالم لدقة توقيته وتنفيذه في دولتين افريقيتين في آن واحد ، وكان ضحايا تفجيرهما بالمئات من الدبلوماسيين الامريكيين ومن الاداريين العاملين فيهما ومن المتعاملين المترددين عليهما. ، ثم جاء زلزال تفجير برجي التجارة العالمية في نيويورك في ١١ سبتمبر ٢٠٠١، وهو الحدث الذي اعترف تنظيم القاعدة بمسئوليته عنه، واعطي امريكا المبرر في اطلاق ما اسمته بالحرب الدولية علي الارهاب التي قادتها وتزعمتها وكانت وراء انتهاج الرئيس الامريكي جورج بوش الابن لاستراتيجية الحرب الاستباقية المعروفة للتعامل بها مع اخطار الارهاب الدولي لضربه في اوكاره ومعاقله قبل حدوثه ، حتي اصبح العالم بعد ١١ سبتمبر غير ما كان عليه قبله..اقصد بالمناخ الهيستيري الذي وضعت امريكا العالم كله فيه معها..واعلانها ان من لن يقف معها في حربها علي الارهاب ويدعمها فيها بكل امكاناته ، فانها ستعتبره ضدها وسوف تتعامل معه كعدو لها…وبدات فرزها وتصنيفها لمواقف الدول منها علي هذا الاساس.. اي بمعيار من ليس معها فهو عليها.. وهو ما كان يعني رجوعها للتعامل مع العالم بعقلية الحرب الباردة القديمة في الخمسينيات من القرن الماضي… 

 

مقالات ذات صلة

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *

زر الذهاب إلى الأعلى