إبداعات أدبية

دكتور محمد علي الطوبجي يكتب.. إرادة حلول أزمات المنطقة العربية مفقودة

تكاد المنطقة العربية أن تكون هي المنطقة الوحيدة في هذا العالم التي سدت كل أبواب الحل في وجه أزماتها ، ليس لأن أزماتها اعقد من ازمات غيرها من الدول ، ولكن لأن أطرافها أو من يمسكون بزمام الحل والعقد فيها لم يكونوا يوما جادين في سعيهم إلى حلها وإيجاد مخرج لهم منها…وهو القاسم المشترك بينها جميعا وبلا استثناء.. فإرادة الحل مفقودة من الأساس. والأمر الصادم هنا ، هو ان كل تلك الازمات العربية بدات صغيرة ومحدودة وقابلة للترويض والتهدئة والاحتواء وكان من الممكن التحرك بها علي طريق التسوية بحلول توافقية سلمية وغير مكلفة ،، الا أن إنكارها وتجاهلها عمدا من قبل من وضعتهم الأقدار في طريقها ، هو ما جعلها تستمر وتكبر وتتضخم وتتعقد حتى صارت متاهات كبيرة، ودخلت بدولها في إنفاق مظلمة ، وحولت حياة شعوبها إلى فوضى وخراب وضياع.. وما حدث وما يزال يحدث في بعض الأقطار العربية هو كارثة إنسانية حقيقية بكل المعايير.أما لحساب من حدث هذا كله ، فالإجابة عليه هو أنه كان لحساب الانتهازيين في الداخل والمتآمرين في الخارج وحدهم وليس لحساب أحد آخر غيرهم… ولأنه كلما كانت الازمات اضخم واعقد واصعب في حلها ، صارت مهمة الانتهازيين والمتآمرين اسهل واسرع واضمن…فإغراق الشعوب في ازماتها والهائها بتداعياتها المدمرة لحياتها ، هو الضمان الامثل لتحقيق النتائج المنشودة من وراء تفاقم تلك الازمات واستمرارها…والواقع يشهد.. 

 

   انظر وبكل اسي الي ما يجري في السودان ومن قبله في سوريا وليبيا واليمن ولبنان وفي تونس بهذا الذي يحدث فيها من نزاعات وتوترات وانقسامات بعد ان كانت بلدا مستقرا ومزدهرا وواعدا ، فاتحسر وارثي لحال منطقتنا العربية التي كان من الممكن جدا أن تكون واحدة من اغني مناطق العالم وأوفرها ثراء وأكثرها استقرارا وامنا وازدهارا بمواردها الطبيعية الجبارة وبطاقاتها الاقتصادية والانتاجية والبشرية التي لا مثيل لها في اتساعها ووفرتها ، وخلال عقد واحد من الزمن حولوها إلى اكثر مناطق العالم بؤسا وفقرا واشدها معاناة وتضررا واكثرها خرابا وضياعا واحباطا.. والأرجح هو أنها سوف تستمر كذلك، هذا إذا لم تلحق بها أطراف أخرى غيرها يجري التآمر عليها لكي تلقي نفس المصير…

  ومن المحال أن يتغير الحال نحو الأفضل إذا كان من له مصلحة في تعقيد الازمات والابقاء عليها ساخنة ، هو نفسه من يطلب منه ايجاد الحلول المناسبة لها.. هذا هو ما يقوله المنطق وتدعمه الشواهد وينطق به الواقع…

دكتور/ محمد على الطوبجى

مقالات ذات صلة

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *

زر الذهاب إلى الأعلى