علاء رزق

دكتور علاء رزق يكتب.. سياسات ومسارات ديناميكيات الأعمال

 

د. علاء رزق

رئيس المنتدى الإستراتيجى للتنمية والسلام 

تلعب ديناميکيات الأعمال دوراً مهماً ليس فقط کمحرك لخلق فرص العمل ولکن أيضاً کمحرك لإعادة تخصيص الموارد ونمو الإنتاجية وزيادة القدرة التنافسية من خلال مساعدة الشرکات على التوسع والاندماج وإستخدام التقنيات الجديدة.وهو ما يدعم توجه مصر الجديدة نحو هذا البعد الجديد .ويشير مؤشر ديناميكية الأعمال إلى مهارات قوة العمل ، جودة التدريب المهنى ، مهارات خريج العملية التعليمية، کفاءة أسواق العمل ، انفتاح الأسواق ، أداء منظومه التعريفات الجمرکية ، حجم التمويل المخصص للقطاع الخاص ، تمويل القطاع الخاص فى الناتج المحلى الإجمالى ،وتکلفة بدء النشاط الاقتصادى. وهي مؤشرات يتابعها المجلس الأعلى للإستثمار برئاسة الرئيس عبد الفتاح السيسى ،الذي يولي اهتماماً هاماً بهذه المؤشرات بما لها من قدرة فائقة على تهيئة أفضل مناخ جاذب للإستثمار في مصر ،والعمل على وضع وتحديث إطار تشريعي وإداري يستطيع به الإقتصاد المصري ان يواجة الأزمات الحالية والمرتقبة، لذا تلعب ديناميکية الأعمال، دوراً بالغا في جذب استثمارات جديدة وزيادة تنافسية الإقتصاد، والتحول إلى إقتصاد يقوم على الابتکار والمعرفة، وبالتالي تحقيق قيمة مضافة وانتاجية أعلى. لذا فان إستراتيجية مصر للتنمية المستدامة 2030 وضعت رؤيه يمكن من خلالها دعم ديناميکية الأعمال ، وذلك عبر، أولا: تحفيز دور القطاع الخاص، فبالنظر إلى حجم التحديات التي تواجها مصر الآن، سيکون من الصعب عليها توفير فرص عمل کافية في القطاع العام أو الحکومي للخريجين الجدد، وجذب الإستثمارات وتشجيع المنافسة نظراً لترهل الجهاز الإداري للدولة بالموظفين والذى يبلغ عددهم حوالي 6 مليون موظف تؤكد الإحصائيات أن 70% منهم زائد عن الحاجة. ولذلك تمثل إقامة شراکة أکبر مع القطاع الخاص، وإستغلال الإمکانات الکاملة له، مسألة بالغة الأهمية لخلق الوظائف وتحقيق النمو المستدام في مصر . ثانياً: تشجيع الإندماج في سلاسل القيمة العالمية، حيث تعد مشارکة مصر في سلاسل القيمة العالمية، مسألة هامة في هذا التوقيت، لأن الصادرات المصرية تتركز بشکل أساسي حول المواد والمنتجات الأولية والمنتجات الأقل تطورا. وهو ما يعوق الانتقال إلى أنشطة التصنيع ذات القيمة المضافة الأعلى، لذلك فان إصرار برنامج الإصلاح الإقتصادي ( نوفمبر 2021) على ان الصناعات التحويلية هي بدايه هذا الاصلاح،يمثل نجاح حقيقي في قراءة المشهد، إقليمياً ودولياً ، لذا أيقنت القيادة السياسية أن التصدير وسيلة رئيسية لتعزيز الإنتاجية والنمو. فمصر لديها فرصة کبيرة لزيادة صادراتها والإستفادة من موقعها الجغرافي المتميز ومن ثم تعزيز قدرتها التنافسية الخارجية،وهو ما تسعى اليه حالياً الدول الكبرى من أجل التعاون في مجال العلوم والتكنولوجيا ورقمنة الإقتصاد، والخدمات اللوجستية ،والأمن السيبراني، وتأتي على رأس هذه الدول روسيا التي تحاول تفعيل المنطقة الصناعية الروسية في منطقة قناة السويس، من أجل ربط هذه المنطقة بممر الشمال والجنوب التي تسعى فيه إلى الدخول لمنطقه الخليج العربي والمحيط الهندي والوصول إلى دول القارة الأفريقية لضمان تعميق التعاون الصناعي والبحث عن نظام أكبر عدلا لتوزيع الموارد في القارة الأفريقية ،وهذا يمثل إستمرار حقيقي لدور مصر الرائد في تعزيز وصيانة مصالح شعوب القارة الافريقيه،وزياده حجم التبادل التجاري مع دول القاره من 18 مليار دولار حاليا الى 140 مليار دولار بحلول عام 2026، وهو أمر مرهون بمدى تعميق التعاون الصناعي مع مصر،وقدره مصر على الوصول الى هدفها الإستراتيجي خلال الفترة القادمه سواء تحقيق 100 مليار دولار صادرات صناعية غير بترولية، والوصول أيضاً الى تريليون دولار ناتج محلي إجمالي ،وهو امر قد يصطدم بخفض التصنيف الائتماني للولايات المتحدة الأمريكية ،والذي نتج عن تكرار الخلاف خلال السنوات الماضية على رفع سقف الدين العام والذي وصل إلى 31.4 تريليون دولار، مع التدهور المستمر للمالية العامة خلال السنوات الماضية، والمتوقع ان ان تستمر لثلاث سنوات على الأقل ،مما سيؤدي الى زياده العبء المرتفع والمتزايد للدين العام الحكومي الأمريكى ،وهو أمر ساهم في تراجع بورصة وول ستريت هذا الأسبوع ، وكذلك البورصات الأوروبية والآسيوية ،مع ظهور استطلاعات تؤكد ان نشاط المصانع والشركات في العالم يعاني من ركود منذ يوليو الماضي وهو مؤشر يؤكد وجود حالة تباطؤ للنمو ،وحالة ضعف في الإقتصاد العالمي، بعد أن فشلت السياسة النقدية التشددية التى قادها البنك الفيدرالي الأمريكي في معركته مع التضخم.

ثالثاً: دعم المشروعات الصغيرة والمتوسطة ، والتى تلعب دوراً مهماً في دعم ديناميکية الاعمال، فبجانب أنها مصدرا مهماً للتوظيف، إلا أن دورها لا يقتصر على ذلك فقط، فهى مصدر لتعزيز نشاط ريادة الأعمال والابتكار، ومن ثم دعم استدامة النمو، من خلال دورها في تنويع الهيکل الاقتصادي وتکاملها مع المشروعات الکبيرة. حيث تساهم المشروعات التي يعمل بها أقل من 10 عمال، بنحو 80 % من القيمة المضافة للقطاع الخاص کما أنها مسئولة عن 75 % من التوظيف بهذا القطاع في مصر .ويعد عدم الحصول على التمويل مشکلة شائعة في الدول النامية ومنها مصر، حيث تفتقر المشروعات الصغيرة فيها إلى إمکانية الحصول على التمويل بسبب افتقارها الى الأصول أو الضمانات التي يمکن استخدامها کضمان مقابل القرض الذي تحصل عليه. کما تکون الشرکات الناشئة أکثر عرضة لقيود الائتمان وأقل مرونة في مواجهة الصدمات المالية، ويمکن دعم المشروعات الصغيرة والمتوسطة في مصر من خلال:أن تتمتع هذه المشروعات بتخفيض الرسوم الجمرکية عند استيراد المعدات الرأسمالية وتصدير البضائع التي تنتجها. مع إقامة حاضنات اعمال وورش تدريبية بالمدن الصناعية الجديدة مزودة بالمعدات المطلوبة.

رابعاً: دعم الإبتکار ونشر التقنيات الجديدة ، حيث تعاني أغلب الدول النامية، ومنها مصر من ضعف أنشطة البحث والابتکار وريادة الأعمال. ويرجع ذلک في کثير من الأحيان إلى: نقص القدرات أو المهارات الأساسية ، وغالباً ما يکون ذلك مرتبطاً بعدم کفاية التعليم والتدريب المهني. وقد أشارت كثير من النماذج الإقتصادية الناجحة خاصه في دول جنوب شرق آسيا إلى أن دعم الابتکار ونشر المعرفة يؤدى إلى تضييق الفجوات الإقليمية وتعزيز نمو الإنتاجية. وهو ما يتطلب التعاون والتنسيق بين مختلف الجهات الفاعلة في الدولة ،لضمان النجاح الحقيقي في الهدف الذي يسعى إليه المجلس الأعلى للإستثمار، المتمثل فى إحداث تنسيق كامل وشامل بين مختلف الجهات والوزارات المعنية بالإستثمار، لضمان وجود مسؤلية تضامنية تتصدى للبيروقراطية، وتآكل الحوكمة .

          وللحديث بقية ،،

مقالات ذات صلة

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *

زر الذهاب إلى الأعلى