آراء حرةسمير المصري

دكتور سمير المصري يكتب.. مشاعر و دوافع وأشياء أخرى

مشاعر و دوافع و أشياء أخرى

 

 

الشعور بالحبّ يعني الإحساس بالبهجة والسعادة بسبب وجود الأشخاص الذين نحبهم ، بينما التعلّق يعني شعورنا بالاختناق والحزن إذا لم يكونوا هؤلاء الأشخاص حولنا في كلّ الأوقات وفي جميع الظروف المختلفة ، 

وهو أيضاً شعورنا الدائم بأننا بحاجة إليهم ليقدموا لنا نوعاً خاصاً من المعاملة لنشعر أنّنا بخير ، 

 

وهذا النوع من المعاملة هو ما يجعلنا نتعلّق بهم لأنّهم يوفرون لنا هذه المشاعر الاستثنائيّة التي لا نستطيع العيش بدونها.

 

 العلاقة التي تقوم على الحبّ هي علاقة لا تحتاج إلى بذل الجهد الكبير جدّاً لإبقائها على الطريق الصحيح ، 

بينما العلاقة القائمة على التعلّق تحتاج الكثير من الجهد للإصلاح وتوضيح الأمور من أجل بقائها على قيد الحياة وذلك بسبب حدوث الكثير من سوء التفاهم بين الطرفين وخاصّة فيما يتعلّق بالشخص المتعلّق بكثرة . 

 

 الحبّ يعني الاهتمام بالآخر وبكلّ ما يخصّه ولكنّه لا يعني القلق الدائم حيال فقدانه وهذا ما يحدث حين التعلّق ، فالإنسان المتعلّق يشعر دائماً بالقلق والخوف من فقدان الآخر مما يقوده إلى خسائر نفسية كبيرة في المستقبل. 

 

الحبّ يعني تمني السعادة والراحة الدائمتين للشخص الذي يحبّه، بينما يعبّر التعلّق عن إصرار الإنسان أن يتملّك هذا الشخص بشكل خاصّ حتّى لو لم يعنِ هذا سعادته . 

 

يقوم الحبّ على التفاهم بين كلا الطرفين دون وجود خلافات تحتاج إلى حلول جذرية ، بينما قد يتخلّل التعلّق شعور جامح بالغيرة والتي عادة ما تكون مفرطة وفي غير مكانها الصحيح.

 

  قد يتجادل المختصّون حول معنى الحبّ بشكل عام، وذلك لأنّه يعتبر من المشاعر الفريدة والتي تساور الإنسان على حين غرّة في أغلب الأحيان، بالإضافة إلى أنّها ثمينة بسبب محدوديّة مرور الإنسان بها خلال حياته ؛ فالفرد لا يستطيع أن يشعر كلّ يوم بالحبّ تجاه شيء أو شخص ما، بل إنّ هذا الشعور نادراً ما يساوره، وعلى نحو فإنّ هذه المشاعر غالباً ما تستمرّ لوقت طويل وهذا ما يؤكّد فرادته ويجعله متمكّناً أكثر في القلب والروح، 

 

فالحبّ عموماً يعبّر عن مشاعر الاهتمام والرغبة في البقاء مع شخص معيّن لوقت طويل مع الحرص على الاكتراث براحته وسعادته ، كما ويعبّر هذا المفهوم عن رغبة الإنسان في جعل إنسان آخر أخصّ جزء من حياته ، ولهذا فإنّه يعتبر من الأمور الأكثر أهمّيّة التي يبحث عنها الفرد ويتمسّك بها إذا ما وجدها، بل ويعتبره عنصراً من أهمّ العناصر في حياته، 

 

 ومثلما يعبّر التعلّق عن الارتباط غير الصحّيّ بشخص ما فإنّه يعبّر أيضاً بشكل عامّ عن عدم القدرة على التحرّك إلى الأمام وتخطّي بعض الأشياء التي يرتبط بها الإنسان ارتباطاً أشبه ما يكون بالمرضيّ …. وذلك بسبب التعلّق الزائد بها ويمكن أن تكون هذه الأشياء عبارة عن حاجات مادّيّة، أو أماكن، أو حاجات معنويّة كمواقف معيّنة تبقيه مشدوداً إليها وعالقاً بما يربطه بها، 

 

وحسب ما يفيد الخبراء النفسيّون فإنّ وراء هذا التعلّق هو تركيز الإنسان على شعوري البهجة واللذة الذين ينجمان عن هذه الأشياء، 

 

وهذا الأمر ذاته هو ما يحدث في العلاقات العاطفيّة؛ حيث يفرط الشخص بالتعلّق بالآخر حتّى يصل إلى مرحلة عدم القدرة على الاستغناء عنه ولو بشكل بسيط، وبالتالي يصبح غير قادر على مواصلة حياته بشكل طبيعيّ دون وجود هذا الشخص كجزء أساسيّ منها

 

بعض علامات تدل على التعلّق غير الصحّيّ ، وهناك أسباب عديدة منها ما يتعلّق باختلاط المفاهيم حول الحب ومنها ما يتعلّق بنفسيّة الإنسان ذاته وشعوره حيال الأمور جميعها وحيال نفسه أيضاً …. 

 مثل عدم تقدير الإنسان لنفسه بما فيه الكفاية وحاجته دائماً إلى مستوى عالٍ من الطمأنة والحماية، وهو ما يرتجيه الإنسان من الشخص الذي يتعلّق به .

 

و الميل نحو رؤية جانب واحد من الجوانب الموجودة في شخصية الإنسان الذي يتعلّق فيه الشخص، وهذا إمّا برؤية الجانب السيّئ فيه وحسب ، أو برؤية الجانب الإيجابي وحسب . 

 

ومحاولة تحكّم الشخص بالإنسان الذي يتعلّق به وتسيير حياته وفق ما يراه صحيح ومناسب، وهو ما يعتبر حبّ التملّك . 

 

والانجذاب المفرط لشخص من الأشخاص وذلك لأسباب معيّنة تختلف باختلاف اهتمامات الشخص . 

 

والهوس بالتفكير بشخص معيّن وذلك ينجم عن عدد من الأسباب ترجع إلى نمط حياة الشخص المتعلِّق وطريقة تفكيره ، فعندما يتعلق الأمر بالعلاقات يخلط الكثيرون بين الحب والتعلق على الرغم من أن الفرق كبير ؛

 

 الحب الحقيقي لن يجعل الإنسان يشعر بالقلق والاكتئاب وهذا الحب النقي الذي يُشعر بسهولة ويجعل الطرفين يشعران بالرضا عن علاقتهم . 

 

 نعم من الصعب العثور على الحب الحقيقي ولكن بمجرد أن يوجد لن يُترك … وهو ما يوضح الفرق بين التعلق والحب؛ فالحب يمكن احتواء مشاكله بينما التعلق تُخلق به العديد من المشاكل والخلافات وهي أمور يخلو منها الحب.

 

قد يخبرني البعض أنه من السهل التشابه بين التعلق والحب خاصة حين نشعر بالرضا لأنه يلبي احتياجاتنا ؛ لكنني أود إخباركم بحقيقة صادمة وهي أنكم سريعاً لن تستمر علاقتكم . 

بغض النظر عن الأسباب … الشخص الذي يحبك سيحبك دائمًا بنفس الطريقة والقوة ولن يغادر مهما كان الوضع صعبًا؛ فالحب هو حب شخص ما دون توقع أي شيء منه بالمقابل … إنك تحب شخصًا ما دون قيود وتحب حتى عيوبه .

بينما التعلق هو العكس لأنك تجد نفسك وضعت العديد من الحدود والشروط لشريكك وتحتاج منه اتباعها؛ وبكثير من الأحيان تبدأ بملاحقته على وسائل التواصل لأنك لا تريد أن يتواصل مع آخرين وهنا تجد نفسك بعلاقة سامة بها كثير من القيود الخانقة.

 

    الخلاصة 

 

الحب غير أناني بينما التعلق أناني ؛ فعندما تحب شخصاً ستفعل كل ما يلزم لتجعله سعيدًا لأن سعادته أكثر أهمية لك من سعادتك واحتياجاته أولوية لك . 

لكن عندما تكون متعلقا فأنت تريد كل شيء يدور حولك وتصبح معتمداً على شريكك وتصبح في علاقة تلبي احتياجاتك الخاصة ؛ اما الحب يجعل الطرف الثاني يدعمك ويلهمك لتصبح أفضل .. بينما التعلق يجعلك تشعر بالخوف من نجاح الأخر لأنك تخشي أن يعيد التفكير بعلاقتكم أو أنه قد يتركك .

 

الشخص المناسب يجعلك تشعر بشعور جيد وكل ما يمكنك التفكير فيه هو الرغبة في قضاء بقية حياتك معه ؛ بينما التعلق يحدث بسهولة وينتهي بسهولة مع أول مشكلة ولهذا لا يمكن أن يستمر لأنك تشعر بالملل من العلاقة ويتلاشى الشعور بالارتباط سريعً . 

 

 الحب يجعلك أكثر تفهما ولطفا وعمقا وهو تأثير إيجابي؛ بينما التعلق ليس له فوائد ، وسلبي ، فالأمر كله يتعلق بما يمكن أن يفعله شريكك من أجلك ، كما أنك لا تهتم باحتياجاته وهو شعور سيؤثر على علاقاتك المستقبلية.

 

الشخص الذي يحبك سيحبك كما أنت ويحتضن عيوبك ولن يحاول تغييرك ؛ بينما المتعلق سيجعلك تتغير دون تنازلات منه؛ المحب على استعداد لتقديم التنازلات ووضع احتياجات شريكه قبل احتياجاته . 

 

 المتعلق يجعلك مع شخص يريد التحكم فيك ولن يكون مستعدًا أبدًا لإيجاد حل وسط بشأن أي شيء بينكم . 

 

 التعلق يمكن أن يملأ الفراغ في حياتك لكنه لا يمكن أن يجعلك سعيدًا بينما الحب هو أقوى المشاعر التي تجعل الحياة أفضل بكل الطرق .

 

       غدا صباح مصري جديد بمشيئة آلله تعالى ،،،، 

 

                                        

مقالات ذات صلة

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *

زر الذهاب إلى الأعلى