سمير المصري

دكتور سمير المصري.... صباح مصري (حسد ، وحقد ، وغيرة)

كلها أمور متعلقة ببعضها البعض، إنها تتشكل وتتحجر من أجل الحقد، فالحسد هو الشعور الذي يظهر عند رؤيتك لشيء ليس لك، أو عندما يحل بك شيء ما (مشكلة، أو مصيبة)، فتوجه الغضب والمسؤولية للآخرين، وأما الحقد فيتم توجيهه بشعور الظلم هذا.

إن الإنسان كائن معقد جداً، وهناك طائفة من البشر تعادي الفضيلة والخير بوضوح تام وظاهر، ولطالما فكرتُ بالكيفية التي يفكر بها هؤلاء؛ فأدركتُ أن الحسد مقابل الحقد.

إن كل إنسان يحمل نواته في فطرته، إن عدم الرضا عن حياتك والحسرات على ما فاتتك من أمور لم تُكتب لك من البداية، أو أمور ضيعتها أنت بنفسك، وعدم الامتنان والرضا بالحق والحال والنصيب؛ هي بذور الحسد في الأساس.

الشجاع يحسد الشجاعُ …. و لكنه لا يحسد الناس ، هو مقصده أن يذكر اسمه ويرتبط بالشجاعة وأن تكون شهرته عليها ، ويشتهر بها ، انه يود أن ينفرد بهذه الصفة دون سائر خلق الله ، وينفرد بهذه الخصلة ولكن دون غيره من البشر ، ولايود أبدا أن يزاحمه العالم على هذا المطلب .

وكذلك هو يحسد العالِمُ ، ولا يحسد الشجاع ، ثم حسد الواعظِ للواعظِ ولكن أكثر من حسده للفقيه والطبيب ؛ لأن التزاحم بينهما على مقصود واحد …

فأصل هذه الحسد العداوة ، وأصل العداوة التزاحم والاشتباك بينهما على هدف واحد ، والغرض الواحد لا يجمع أبدا متباعدين بل انه يجمع المتناسبين، وهذا يكثر الحسد بينهما.
فمن اشتد حرصه على الجاه ، أحب الصيت في جميع أنحاء العالم بما هو فيه ، فهو يحسد كل من هو في هذا العالم مهما بعدت عنه المسافات وإن بعد كل العالم عنه ، وممن يشترك معه في الخصلة التي يتفاخر بها.د هو … ويحرص أن يستحون عليها .

وينشأ كل ذلك فينا حب الدنيا ، فالدنيا هي التي تضيق على المتزاحمين فيها ، لكن الآخرة فلا ضيق فيها ، وإنما مثال الآخرة نعمة العلم، فإن من يحب معرفة الله تعالى، ومعرفة صفاته، وملائكته، أنبيائه، وملكوت سمواته وأرضه، لا يحسد غيره لأن المعرفة لا تضيق بالعارفين إذا أريد بها الحق ومرضاة الله ،

اتحسدوننا علي علمنا ؟ اتدري ان المعلوم الواحد يعلمه ألف عالم
و عالم، ويسر بمعرفته يحس فيه بلذة طاغية، ويتلذذ به ، ولا تنقص لذته بمشاركة غيره ، بل يحصل بكثرة العارفين زيادة الأنس، وثمرة الاستفادة ولا يحصل بين علماء الدين ايه محاسدة.

أمّا إذا قصد العلماء بالعلم المال، والجاه، تحاسدوا؛ لأن المال أعيان وأجسام، إذا وقعت في يد واحد خلت عنها يد الأخر. ومعنى الجاه ملك القلوب. ومهما امتلأ قلب شخص بتعظيم عالم، انصرف عن تعظيم الآخر، أو نقص عنه لا محالة، فيكون ذلك سبباً للمحاسدة

نعم لقد سببت نار الحقد الكثير من الفتن، وحرقت الكثير من الأرواح وأفنتها، وأهلكت أناسا وهدمت بيوتا فكان أول ذنب ارتكبه الإنسان على وجه الأرض كان دافعه الحقد، حيث قتل قابيل هابيل في أول جريمة كانت بين الإخو نعم والأخوة هي ذاك الرابط المقدس الذي يصل روحين أو أكثر ببعضهما البعض ، أن كل شيء ممكن الحدوث، فلا تستبعد غدر ألغير ، ولا تأمن مكره.

لقد كانت الجريمة نتيجة حقد استقر في قلب قابيل، وهو شعور مخيف للغاية، يتغذي عليه الإنسان ويملؤه كله ، انه كالنار كلما أحرقت شيئا ازدادت ضراوة واشتعالا، لا تشبع أبدا من نفسها و لا تُخمد إلا بعد أن تخور قواها وتنفد، أو يطفئها أحد من الخارج.

قد يتحول الغضب إلى حقد دائم إذا لم يتم تهدئته وهو من أكثر الشرور الظاهرة أو الباطنة ، انه ودائما القلق المخيف و الحقد الذي هو في قلب الإنسان.
بينما تتشكل الكائنات في كل لحظة، وبينما تتغير الأحوال لحظة بلحظة، ينشغل الحقد بإشعال النيران، لا يتوقف أبدا.

الخلاصة

لقد بدأ الحقد …. و نبتت أول بذور له

بدأ الحقد في السماء تمرد إبليس وتكِبَر علي خالقه سبحانه وتعالي وتكبر أمام سيدنا آدم عليه السلام ، وقد تحول هذا الشعور إلى حسرة ، بل والشيطان قد أقسم أن يجعل آدم يحيد عن طريقه، طريق الحق والإيمان.

ان حقد الشيطان لا ينتهي ولا ينفد، فقد استمر بكبره وجبروته منذ زمن آدم وصولا إلى سلالته كلها، ورغم معرفته بحقيقة أمر الله عز وجل الملائكة بالسجود لآدم، فإنه رفض الانصياع بسبب سوء فهمه وكبر نفسه ،
ظن أن عنصر المخلوقية -أي أصل كل مخلوق سواء أكان من نور أو طين أو نار- هو الذي يعطي التمايز والأفضلية ، وهذا هو الخطا ،

ومن كبره أيضا أنه غفل عن علم الله الواسع، وقدرته وحكمته، فقد أطاعت الملائكة من دون سؤال لأن الكبر لم يغيّب عقولهم، ثم يأتيه العقاب الإلهي بالطرد من الجنة واللعنة إلى يوم القيامة

أن الحقد مستمر طالما بقي الحاقد على قيد الحياة ….
غدا صباح مصري جديد ،،،،،،،
#دسميرالمصري

 

 

 

دكتور سمير المصري…. صباح مصري (حسد ، وحقد ، وغيرة)

مقالات ذات صلة

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *

زر الذهاب إلى الأعلى