آراء حرة

الأستاذ الدكتور هاني عيسى الفقي يكتب..المقابر وحتمية التطوير (المعادلة الصعبة)

 

 

عند بدء الشروع في تصميم تطوير محور صلاح سالم والذي أتشرف بأنني قمت بتصميمه وتخطيطه بعد نجاح تصميم وتخطيط وتنفيذ محور جيهان السادات (الفردوس سابقاً)، كان لزاماً رفع المنطقة المراد تطويرها مساحياً بدءاً من مسجد الشرطة بشارع صلاح سالم وحتى نادي الأبطال في اتجاه المنيل واتجاه متحف الحضارات.

ومن أهم فوائد الرفع المساحي تحديد المسار الجديد للمحور المزمع رفع كفاءته وتحديد كافة الآثار بكافة أنواعها وكذا كل ما يمت بصلة للتراث، وعليه تم عمل الفكرة المبدئية لمسار محور صلاح سالم الجديد. والذي يبدأ من مسجد الشرطة ليصبح اتجاه واحد إلى القلعة ثم الانحراف جنوباً عند مدخل القلعة أمام قبة يعقوب أغا ومن خلف مسجد المسيح باشا وخلف سور مجرى العيون موازياً للمسار الحالي المؤدي من ميدان مسجد السيدة عائشة إلى مفارق الطرق أمام مسجد السيدة نفيسة ومتجه خلف نادي الأبطال عبر كوبري ومنه إلى الميدان المؤدي إلى جامع عمرو بن العاص والمنيل ومنه إلى كوبري عباس والجيزة.

وفي المقابل تم تصميم الطريق المعاكس للقادم من المنيل وهو طريق جديد بالكامل خلف سور مجرى العيون وخلف مسجد المسيح باشا وموازي لمحور الاوتوستراد مخترقاً جبانة المماليك عبر ش السلطان أحمد ومنه إلى مسجد الشرطة. مع الوضع في الاعتبار مقترح عمل جبانة المماليك منطقة سياحية ثقافية يحيطها أسوار كامتداد طبيعي لسور مجرى العيون وبوابات مثل بوابة الفتوح وباب النصر وربطها بمنطقة الأزهر عبر كباري علوية لتصبح امتداد طبيعي لهذه المنطقة الأثرية السياحية الهامة.

كان هذا هو فكرة مسار تطوير محور صلاح سالم، وبالتأكيد عند وضع هذا التصور والمقترح على الطبيعة صادف عدة معوقات تتمثل في أضرحة ومقابر وآثار ذات قيمة تاريخية عظيمة، الأمر الذي تطلب معه عمل بعض التعديلات في المسار تجنباً لأي إزالة لهذه الآثار والمباني ذات الطراز الفريد. مع الأخذ في الاعتبار تقليل إزالة المقابر العادية العشوائية معمارياً والمهجورة وليس لها أصحاب.

هذه التعديلات كان لابد منها للبعد قدر الإمكان من أضرحة المشاهير من أعلام الدولة في شتى المجالات وكذا المباني ذات الطراز المعماري الفريد والمسجلة تراثياً. وكذا المحافظة قدر الإمكان على النسيج العمراني للمنطقة. مع ضرورة تعظيم تنسيق الموقع العام حول مساجد آل البيت (السيدة نفيسة – السيدة عائشة) وإزالة كوبري السيدة عائشة وخلق ميدان يضم مسجد السيدة عائشة ومسجد الغوري والمساجد حوله. ليصبح ميدان حضاري يليق بأهمية المكان. وبالمثل ميدان السيدة نفيسة.

ربما نجد من يقول أنه كان يمكن عمل طريق أعلى الطريق الحالي ويصبح اتجاه واحد والطريق الحالي يصبح اتجاه واحد عكسي أيضاً وتجنب أي إزالة ممكنة وعمل منازل ومطالع للربط بين الطريقين. لذا أود آن أؤكد بأن هذا المقترح قد تمت دراسته ولكن تبين لنا صعوبة تنفيذه لعدة أسباب من أهمها حجب الرؤية الأفقية لكافة الآثار بالمنطقة وتكاليفه العالية مقارنة بالطرق السطحية وطول مدة تنفيذه وأن هذا المقترح يقضي تماماً على النسيج العمراني القائم بالمنطقة. بالإضافة إلى مشاكل المياه الجوفية بالمنطقة.

وفي النهاية يجب أن نوضح أنه بدراسة الحالة المرورية بالمنطقة تبين لنا أن هذه المنطقة الهامة والتي تربط بين شرق وغرب وجنوب القاهرة ومنها إلى محافظة الجيزة يمر بها يومياً أكثر من مليون سيارة وتتراوح سرعة السيارات بهذه المنطقة بين ٥ إلى ١٠كم/ساعة مما يؤكد حتمية إيجاد حلول لتوسعة وتطوير هذا المحور الهام وفتح مسارات جديدة له لاستيعاب حركة السيارات ولكن مع مراعاة أن هذا المحور يمر بأهم آثار مصر الإسلامية.

لذا فقد تم تنفيذ عدة محاور تبادلية مجاورة لهذا المحور الهام بالاتجاه إلى المقطم ومحور الحضارات والربط على الاوتوستراد والطريق الدائري.

إن ما يحدث من تطوير بهذه المنطقة هو بالفعل يؤكد حرص الدولة على تطوير وتحديث المناطق الهامة بقاهرة المعز دون المساس قدر الإمكان بكنوزنا والتي ليس لها مثيل عالمياً من الآثار الكائنة بالمنطقة، ولنا في منطقة ساحة عمرو بن العاص وحديقة الفسطاط الأسوة الحسنة.

كل ما هو مطلوب من العامة كافة هو الانتظار ورؤية ما سيتم من تحديث وتطوير، فبالتأكيد ليس هناك من يعمل لصالح الوطن والمواطن ويريد الإضرار بالصالح العام.

 

أ۔د۔ هاني عيسى الفقي

أستاذ وإستشاري التخطيط الحضري

 

 

 

مقالات ذات صلة

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *

زر الذهاب إلى الأعلى