آراء حرةسمير المصري

د.سمير المصري يكتب بالأحضان ( الجزء الثاني )





 عندما تنسكب الروح في ذراعين محملتين بالحب والطاقة ، عندما تحتضن كائناً أو شيئاً تبث فيه العاطفة ، وتتبادل معه انسجاماً كونياً لا يدركه إلا من يحتضن جسداً وروحاً .


إنه فعل متبادل ، قديم بعمر الحاجة للأمان والحب. أقدم من قصص الحب التي سمعناها وتعلمناها. 

في عام 2007 اكتشف أطول عناق في تاريخ البشرية حتى الآن. وهو لرفاتي امرأة ورجل متعانقين منذ نحو 6 آلاف عام قرب مانتوفا في إيطاليا أثناء التنقيب عن الآثار ،

 لم يقدر الزمن على تفريقهما منذ تلك اللحظة الأزلية، لا بل خلدها كأقدم وأطول عناق.


والاحتضان فعل طبيعي تلقائي، لا يتفرد به الإنسان. فهو غريزة الكون بأكمله للبقاء والنمو. ففي رحم الأم يحتضن الجنين، وتحتضن الطيور والزواحف بيوضها، وفي التراب تحتضن البذور والجذور، ورفات الأحباء.

  يوم عالمي … وكل يوم هو لغة الحب الصامت وبث الطاقة بين النفوس الحية بكل أشكالها، وكافة انواعها . 


  عانق الشجر ، أن الأشجار كأرواح قديمة لديها جذور في الأرض تعلم “كيف نقف ونقوي جذورنا، ونؤمن بأن هناك وقتاً للنمو ووقتاً لنكبر مثل الفصول التي تمر عليها، وألا ننكسر من داخلنا بسرعة أمام العواصف، تعطي أملاً في أننا كلما تعاطينا مع جذورنا نعمل على أماننا وطمأنة أنفسنا، وكلما كانت الجذور عميقة وقوية كانت الأغصان ممتدة أكثر، وهي تعلم الصبر والحكمة”.

أن معانقة الأشجار هي معانقة لهذه الصفات لاستمداد الطاقة والدروس. وكيفية تواصل الأشجار عبر الجذور والأغصان، والصلابة التي في الجذع تعطي طاقة كبيرة.


وننصح من لديه آلام في الظهر بأن يسنده إلى جذع شجرة، ومثله للأوجاع الجسدية والشعورية، لأن الطبيعة تعرف كيف تأخذ وتعطي وتعيد التدوير. ومثلها الأرض والبحر وغيرها من عناصر الطبيعة.

 أن كل الأشجار يمكن أن تحتضن، وعلى الشخص أن يتبع شعوره. أن الشجر المعمر كالأرز والشربين والسنديان فيها حكمة وطاقة كبيرتان.

 أن البعض يضحك من فكرة احتضان الشجر، لكن ما إن يجرب بصدق وصمت ومن كل قلبه يختلف لديه الموضوع، ويصبح التواصل كبيراً. علماً أن الأولاد بالفطرة يحتضنون الأشجار، .

للأشخاص الذين يشعرون بالخوف وانعدام الأمان وألم في الجزء السفلي بالجسم باحتضان الأشجار لأنها تجذرهم وتشعرهم أن جذورهم تشتبك بطاقة الأرض وتعطي القوة.


 العناق شغل العلم والأدب فكُتبت فيه أجمل النصوص والقصائد ، ولكن يبقى هناك من لا يرتاح للعناق، ويشعر بأنه تطفل على حيزهم الخاص. ويفضلون أن يكون في دائرة ضيقة تقتصر على العائلة.


وأشخاص آخرون يستجرونه من حيثما أتى، فبعد تصميم الوسادة الذراع التي انتشرت منذ سنوات كمضاد للنوم وحيداً، صمم المعطف المعانق الذي يرسل ذبذبات وأصواتاً مهدئة في اليابان. وقد أضاف “فيسبوك” في أزرار التفاعل زر العناق. كل هذا العناق الوهمي أو الافتراضي لا شك أنه يسد ثغرة ما في الروح.

العناق لغة صامتة، لا بل صاخبة …

  العناق تأمل سريع للعودة إلى أساسيات الحياة، 

هذا العناق الذي تطلبه الروح ويتلقفه الجسد ليس فعلاً عابراً. فلقد تنبه لأهميته الأميركي كيفين زابورني منذ عام 1986 فكرس له يوماً في أيام السنة تحت عنوان اليوم العالمي للعناق وأصبح البعض يحتفل به في دول عديدة، واعتبر يوم ٢١ أكتوبر وهو توقيت مابين عيد راس السنة ، وعيد الحب هو اليوم العالمي للعناق ، يمنحون الناس الغرباء عناقاً مجانياً على الطرقات بغض النظر عن هويتهم وجنسهم.

      الخلاصة 

  “العناق رسالة عبر الجلد إلى القلب”، أن هنآك عدداً من الدراسات التي تكرس العناق كعلاج جسدي ونفسي ،  

أن العناق الصادق والقوي يعطي شعوراً بالأمان لأنه يفرز هرمونات في الدماغ تشعر بالراحة ، 

           اليوم السادس من أكتوبر ،،، يوم عودة الكرامة، واسترداد الأرض ، اليوم نعانق بعضنا البعض ،نهنئ انفسنا ، ونهنئ الوطن ،… وبالاحضان ، 

                       دمتم بخير وأمان الله ،،، 

                 

مقالات ذات صلة

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *

زر الذهاب إلى الأعلى