توب ستوري

معلومة تهمك.. كيف تقرأ ؟

كلنا يحب الإطلاع و لكن لسنا بدرجة واحدة ، فبعضنا يتسم بالنهم أي يقرأ طول وقت فراغه ، و ينفق معظم موارده على شراء الكتب من كل المستويات : له هوايات خاصة يقرأ عنها أو له كُتّاب محل إعجابه يقرأ مؤلفاتهم . و البعض يمل القراءة و المطالعة بدروس دراسته و ليس لديه رغبة الاستزادة منها ؛ فيقضي إجازته في اللعب و المرح البريء أو غير البريء . أما المرتبط بعمل فيمضي متنقلاً من مقهى إلى آخر أو سينما أو مسرح ، مهملاً الاطلاع على كل شيء حتى ما له صلة بمهنته إن كان طبيباً أو معلماً أو محامياً .. إلخ!.

و للقراءة اشتراطات لا مناص من اتباعها إذا توافرت الرغبة في الاستثمار و الإنتاج المفيد .. وهي :

أن تكون القراءة بتأنٍ و تروٍ لا إفراط فيها ، فالذين يلتهمون الكتب التهاماً – إن جاز التعبير – لا تلبث قوة الابتكار الكامنة تضعف و سرعة البديهة تضيع ، ولا يجدون أدنى قدر بين عدد الكتب التي يقرأونها و درجة ثقافتهم. أما من يتخذ القراءة ضرباً من التسلية و وسيلة لقتل الوقت؛ شأنه كمن يدخن متنقلاً من كتاب لآخر دون ترتيب و انتظام و لا هدف له فهو يستفيد قليلاً و لا يختزن ما يقرأ.

●● أنا و الكتاب :

الرغبة في القراءة وحدها تجعل القراءة منتجة. فإذا انعدمت الرغبة في القراءة صارت ضرباً من الواجب الثقيل الداعي إلى السأم و الملل و الإنتاج الهزيل ، و هذا ما يعانيه التلميذ ؛ فإذا لم يفلح في إقناع ذاته بلذة العلم ، يتسلل إليه الشعور بالإجبار و المذلة. فمن الكتب ما يُقرأ بغرض التسلية في أوقات خاصة للترفيه عن الفكر و النفس خلال لحظات الضيق الناتجة عن إجهاد خاص أو حزن أو قبل النوم ، و المقصود هو تحويل مجرى الفكر و إشغاله بعيداً عن أسباب الضيق. و يُفضل أن تكون القراءة غير مركزة ، بمعنى الانتقال من موضوع لآخر بسرعة و عدم الوقوف عند موضوع بعينه أو فكرة ما يصحبها مجهود في الفهم و التركيز مع السرعة في القراءة حتى تصل إلى معدل ٢٠٠ كلمة في الدقيقة ؛ مع الاحتفاظ بالفكرة العامة عن الموضوع دون الدخول في التفاصيل ، و هنا يُفضل قراءة الكتب الفكاهية و المجلات الجادة التي تعالج موضوعات الحياة بأسلوب مبسط ، و عادةً ما تُنتخب بعض الكتب التي تريح النفس و أعصاب الفكر بأبحاثها ، فتوضع بجوار الفراش كي تكون معيناً لتهيئ نوماً هادئاً بقراءتها.

و هناك أيضاً بعض الكتب التي تستهدف القراءة و البحث و تعالج منهجاً خاصاً أو موضوعاً مهماً في التاريخ أو الأدب أو العلم أو ما شابه ، و تلك يصحبها نوع من القراءة الدراسية و يُفضل أن تكون على مكتبك الخاص – و ليس على فراش أو أريكة – في جلسة مريحة معتدلة مزودة ببعض المباديء المكتوبة التي تتوافق و ميولك و آمالك حتى تكون مشجعاً و مذكِّراً لك على الدوام بالبحث و الكد في تحصيل العلم بلا ملل . فتابع روح الكاتب بتدقيق و لا تكتفِ بقراءة أجزاء من الفصول طمعاً في الوصول إلى نتيجة الكلام ، بل اقرأ كل فصل مرة قراءة سريعة للحصول على فكرة خاطفة و ارجع حيث بدأت و أعد قراءتها بإمعان و تروٍ و ستجد معانٍ جديدة و حقائق مهمة لم تكتشفها سلفاً ، و لا مانع من وضع علامات على هامش الكلام عند العثور على مبدأ مهم أو حقيقة استرعت و لفتت انتباهك أو بدت غامضة ، فهذا يجعل لك مع الكتاب دالة و سهولة الرجوع إليه.

لا تستهويك أو تبهرك الألفاظ و الجُمَل المنمقة و لكن استكشف ماوراء الحقائق و المعاني بالتوقف ملياً للتأمل فيما تقرأ و ربط البعيد بالقريب ، و تساءل كيف و متى تستطيع تطبيق تلك المقترحات و المباديء عملياً ، و النقاش الهاديء مع الآخرين خير وسيلة لتثبيت ما فهمته ، و لا تيأس إذا أخفقت فحاول مراراً و تكراراً و دَوِّن اختباراتك كلها بحُلوِها و مُرِّها و تلك الطريقة تعطيك مقدرة الحكم السريع و البت في الأمور على ضوء تلك الاختبارات .

لا تهمل الصور و الأشكال الإيضاحية و الرسومات البيانية فهي وسائل قوية لربط أطراف الموضوع و تترك أثراً دائماً في الذاكرة.

توجد كتابات لمجرد الاطلاع كالمجلات العلمية و الكتب الفنية و تلك خير وسيلة لتوسعة المدارك و تنمية المعلومات العامة و يُفضل أن يكون بينها ما يتصل بالشأن العالمي و عادات و تقاليد الشعوب الأخرى و الفنون و الحضارات و الشخصيات البارزة كالقادة و الأبطال و العلماء و الأدباء المعاصرين و القَدامى . و حبذا الاطلاع على تراجم و سير حياتهم.

مقالات ذات صلة

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *

زر الذهاب إلى الأعلى