■ لغة الأرقام و علاقتها بالحروف ■
عرف الإنسان الأرقام منذ قديم الأزل ، مستخدماً يديه في العمليات الحسابية أولاً ، ثم ظهرت الأجهزة البدائية لإجراء العمليات البسيطة ، و قد حاول عديد المخترعين صناعة آلة كوسيط حسابي لعمليات الجمع و الطرح.
يُعَد عَدّاد Abacus – الذي استُخدِم في فترة الحضارة – من أهم و أول أجهزة الحساب ، و ظل مستخدَماً لأكثر من ٢٠٠٠ عام. و تميزت الأجهزة التي ظهرت لاحقاً ، بتيسير إجراء العمليات الأساسية، و تعد ” آلة باسكال ” التي اصطنعها العالم الفرنسي “بليز باسكال” Blaise Passcal في العام ١٦٤٢ م ، هي أول حاسبة ميكانيكية في التاريخ الإنساني، إذ يسرت أداء عمليتي الجمع و الطرح ميكانيكياً . كما تُعد المسطرة الحاسبة التي ظهرت في العام ١٦٦٢ م مثالاً آخر لتلك الأجهزة ، و ظلت حتى وقت قريب. و في العام ١٩٦٤ م أدخل الألماني “جوتفريد لايبنتز” تعديلات على آلة باسكال ؛ فاستخدم تروساً مدرّجة مما ساعد على أداء عمليتي الضرب و القسمة.
لم تُروَّج أفكار باسكال و ليبنتز تجارياً حتى العام ١٨٢٠ م ، عندما نجح “تشارلز توماس” Charles Thomas في تطوير أول آلة حاسبة ميكانيكية تجارية تيسر عمليات الجمع و الطرح و الضرب و القسمة.
وفي العام ١٨٠١ م ظهرت الكروت الصلبة المثقبة على يد مهندس النسيج الفرنسي جوزيف جاكار Joseph M. Jacquard عندما صنع نول جاكار Jacquard Loom. و في العام ١٨٣٢ م اخترع عالم الرياضيات الإنجليزي تشارلز باباج Charles Babbage آلة حاسبة ميكانيكية ذاتية أسماها آلة الفروق difference engine تعمل بقوة البخار لحساب جداول اللوغاريتمات الرياضية بدقة ، و طبع النتائج آلياً ، ثم طورها في العام ١٨٣٣ م ، كي تساعد في حل المسائل الرياضية و أسماها الآلة التحليلية analytic engine و هي تُعد أساس صناعة الحواسب الرقمية الحديثة ، و عملت الآلة التحليلية بقوة البخار أيضاً لإدارتها ، كما استُخدِمَت الكروت الصلبة المثقبة كوسائل إدخال.
في العام ١٨٩٠ م طوّر الأمريكيان ” هيرمان هوليرث ” و “جيمس باورز” معاً Herman Hollerith & James Powers ، طورا أفكار كلاً من : جاكار و باباج ، وذلك لإنتاج ماكينة لتبويب البيانات عن طريق بطاقات مثقبة ، و يُنسَب الفضل لهوليرث في تصميم أول آلة لقراءة المعلومات الموجودة على الكروت المثقبة في العام ١٨٩٠ م ، و في العام ١٨٩٦ م أسس هوليرث شركة كانت نواةً لشركة IBM في مجال الحواسب و التي أعلن عن إنشاءها في العام ١٩٢٤ م. و قد أظهرت الحرب العالمية الثانية مدى الحاجة لزيادة سعة الحساب لتناسب المطالب العسكرية، ففي العام ١٩٤١ م ، قام المهندس الألماني كونراد زيوس konrad Zeiuss بتطوير حاسوب آلي لاستخدامه في تصميم الطائرات و الصواريخ الحربية ، كما أقام الحلفاء مشروعاً آخر لفك شفرة الرسائل الألمانية المتبادلة أثناء الحرب.
في الفترة الممتدة من العام ١٩٣٧ م حتى العام ١٩٥٩ م ، ظهرت حواسب تعتمد في عملها على الصمامات المفرغة vacuum tubes كمثال لذلك حاسوب ABC الذي صممه ” جون أتاناسوف ” John Atanasoff في العام ١٩٣٨ م بجامعة”إيوا” بأميركا و حاسوب ENIAC الذي صممه كلاً من : “جون ايكرت ” و ” جون موكلي ” John Eckert & John Maukhly بجامعة بنسلفانيا في العام ١٩٤٢ م و الذي ُيعَد أول حاسوب إلكتروني ذا سرعة عالية و قابل للبرمجة ، استخدم حاسوب ENIAC ١٨٠٠٠ صمام مفرغ و ٧٠٠٠ مقاومة و بواسطته يمكن تنفيذ ٣٠٠ عملية ضرب في الثانية الواحدة . و استطاع الأميركي” جون فون نيومان” John Numan لدى انضمامه ضمن فريق العمل بجامعة بنسلفانيا في العام ١٩٤٥ م تصميم حاسوب إيفاك EVAC ، و بواسطته أمكن تخزين بيانات بذاكرته و باستخدام البرامج المخزنة أنتجت شركة IBM العام ١٩٤٥ م الحاسوب IBM 1650 الذي استخدمت به الأقراص المغناطيسية كذاكرة للمرة الأولي و البطاقات المثقبة كوسائط إدخال و إخراج ، و مع بداية استخدام تقنيات البرامج الفرعية ازدادت سرعة و مرونة و كفاءة كلاً من البرمجة و الحساب.
كان لتقدُّم علم فيزياء الجوامد و الإلكترونيات و اختراع الوصلة الثلاثية ” ترانزستور ” transistor في العام ١٩٤٨ م أثر كبير في تطور الحاسبات ،حيث استبدل بالصمامات المفرغة كبيرة الحجم ، الترانزستور تدريجياً. و قد اكتشف الفيزيائيون الأميركان : جون باردين و والتر براتان و وليم شوكلي John Bardeen & walter H. Brattain & William B. Shockly معاً وصلة الترانزيستور خلال عملهم في مجال أشباه المُوَصِّلات بمعامل شركة بل Bell في العام ١٩٤٨ م . و قد اشتركوا جميعاً في الحصول على جائزة نوبل في الفيزياء في العام ١٩٥٠ م ، عن اختراعهم الترانزيستور. ازدهرت وصلة الترانزيستور تِجارياً فترة السبعينات من القرن العشرين ، و قد تميزت حواسب الترانزيستور بصِغَر حجمها و زيادة قدراتها على التخزين و سرعتها التي أصبحت تقاس بالميكروثانية ، فضلاً عن قلة استهلاكها للكهرباء و قلة أعطالها. كذلك قامت شركة IBM بتطوير أول حاسوب آلي يستخدم الترانزيستور و الذاكرة المغناطيسية ، و كان من نتاج هذا التطور ظهور حواسب موديل IBM 1401 و IBM 7090.
و مع تطور تقنيات الجوامد أكثر ، و مع اختراع أشباه الموصِّلات ، و اختراع ” جاك كلير ” Clair Jack العام ١٩٨٥ م ما يُسمّى الدوائر المتكاملة ( IC ) Integrated Circuits بتجميع عديد المكونات الإلكترونية على شريحة محدودة الحجم ، انخفض حجم و سعر الحواسب و زادت دقتها و سرعتها زيادة فائقة حتى أصبحت تقاس بوحدة نانو ثانية ( ١٠ مرفوعة لأُس – ٦ من الثانية ) ، من أهم تلك الحواسب IBM 360 .
في العام ١٩٧١ م حدثت طفرة هائلة في صناعة الرقائق الإلكترونية و ذلك بإنتاج شركة إنتيل Intel أول معالج دقيق microprocessor ما ساعد على ظهور الحواسب الشخصية PC ذات السعة التخزينية الكبيرة مع الحجم و السعر المنخفض ، و من أهم تلك الحواسب : 80286-80286 ، 8088 ، و في العام ١٩٨٤ م قامت شركة” أبل ماكنتوش ” Apple Mackintosh بتطوير جهاز “الفارة” mouse الذي يسَّر كثيراً عملية الإدخال على الحواسب الشخصية ، و استمر تطور الحواسب حتى ظهور معالج بنتيوم Pentium في العام ١٩٩٣ م ، كما انتشر استخدام الأقراص المدمجة CD ذات القدرات المتعددة multimedia فأمكن إرسال رسومات و صور متحركة ( فيديو ) بين أجهزة الحواسب بعد أن كان ذلك محصوراً في النصوص المكتوبة فقط ، و واصل حجم الحاسوب الشخصي في التضاؤل فظهرت” الحواسب المحمولة ” Lab Tops .
واكب التطور في تكنولوجيا صناعة الحواسب ؛ حدوث تطور هائل في لغات الحاسوب ؛ حيث استبدلت باللغة الأولية للحاسوب المعروفة ب “لغة الماكينة” لغات تسمى “لغات البرمجة الراقية” ، و هي أكثر سهولة و تستخدم الحروف و الأرقام في كتابة البرامج ثم يتم ترجمتها بعد ذلك إلى لغة الماكينة ، و قد ظهرت لغات البرمجة الراقية كلغة “فورتران” FORTRAN العام ١٩٥٦م ، و “كوبول” COBOL العام ١٩٥٨ م ، و”بيزيك” BASIC العام ١٩٦٥ م ، و “باسكال” PASCAL العام ١٩٦٦ م .
اتجه التطور بعد ذلك في اتجاه ربط الحواسب بعضها البعض سواء داخل المؤسسة أوالمصنع ، أو داخل القُطر ، أو حتى في جميع أنحاء العالم ، مما سهَّل تبادُل المعلومات فيما بينها . لذا ظهرت الشبكات الداخلية و الشبكات العالمية ، و مع حلول العام ١٩٦٩ م أمكن ربط مجموعة حواسب بشبكة المعلومات العالمية الإنترنت Internet ، و انتشر استخدامها مع حلول العام ١٩٩٠ م ، حتى أصبحت تصل بين ملايين الحواسب.
شهدت الستة و العشرون سنةً الأخيرة ، أحداثاً مثيرة غيّرت تاريخ الحواسب الآلية، ففي العام ١٩٩٠ م ، ظهر نظام تشغيل النوافذ ٣ ( Windows 3 ) ، كما اخترعت لغة HTML و هي اللغة الأولى في تصميم صفحات الإنترنت ؛ أما في العام ١٩٩٣ م ، فقد قدمت شركة “إنتيل” أول معالج من نوع “بنتيوم” Pentium ، كما قدمت شركة ” مايكروسوفت ” Microsoft نظام NT لتشغيل النوافذ ، و قد تطورت الشبكة العنكبوتية تطوراً هائلاً خلال الأعوام من ١٩٩٤ م حتى ١٩٩٧ م ، ليصل عدد مستخدمي الشبكة إلى ٢٠٠ مليون. ثم ظهرت أنظمة تشغيل نوافذ ٩٥ ثم نوافذ ٩٨ إلى أن ظهر نظام نوافذ XP في العام ٢٠٠١ م ، و هو الأحدث حالياً ، و قد بيع من هذا النظام ١٧ مليون نسخة في أول ستة أشهر من ظهوره ، و من جهة أخرى، فقد قُدِّرَ عدد مستخدمي شبكة الإنترنت في ج.م.ع. خلال يونيو ٢٠٠٠ م بأكثر من ٥٢٠ ألف مستخدم □
|