توب ستوري

معلومة تهمك| الهندسة.. من العصر الحجري إلي التكنولوجيا الرقمية

معلومة تهمك| الهندسة.. من العصر الحجري إلي التكنولوجيا الرقمية
معلومة تهمك| الهندسة.. من العصر الحجري إلي التكنولوجيا الرقمية


 لم تصل الهندسة إلى مكانتها الحالية دفعة واحدة، بل امتد تطورها خلال أكثر من ٢٥ قرناً مع تعاقب الحضارات ، من العصر الحجري حتى عصر المعلومات . فلم يكن معلوماً تعريفاً محدداً مفصلاً للهندسة حتى القرن ١٨ الميلادي ، إذ كانت الفواصل الفارقة بين المهندس و العالِم و المخترع و التكنيكي غير واضحة و من ثم حدث تداخل لقرون عديدة بين نشأة كل من الهندسة و العلم و الفن و التكنولوجيا.

 الهندسة و لقب “المهندس” 


لفظ ” هندسة ” في لسان العرب هو لفظٌ معرَّب عن اللفظ الفارسي ” إندازة ” يختص بالقياس و النظام ، و منه اشتُقَ لفظ ” هندازة ” و هو مقياس كان مستخدماً لدى مصممي الأزياء قديماً . و ذات المعنى نجده في الكلمة الإغريقية ” جيومتري ” المركبة من مقطعين : ” جيو ” بمعنى ( الأرض ) و “متري” بمعنى ( القياس ) أي قياس الأراضي . أي هو علم يبحث في قياسات الخطوط و الزوايا و المسطحات و المساحات و المنحنيات و المجسمات . و مع اتساع أساليب الإنشاء و وسائل الإنتاج الصناعي ، امتدت تسمية” الهندسة ” لتشمل جميع مصنفات الهندسة . و من كلمة”الهندسة” اشتُقت كلمة “مهندس” لتصف من يحترف الهندسة.

و قد أَطلق قدامى المصريين لقب “البَنّاء المَلَكي” على كل من احترف أحد الحرف الهندسية . و يُعَد “أمنحتب” البَنّاء الأشهر في العصر الفرعوني ، أما الإغريق فقد أطلقوا لقب ” آرشي تكتون ” على رئيس البنائين أو سادة البنائين ، كما أطلقوا لقب ” ميكانيكوس ” على من يشرف على النشاط الهندسي . إلا أن الرومان أطلقوا على من يقوم بتشييد المنشئات العسكرية و كذا من يصنع المعدات العسكرية لقب ” إنجيناري ” . أما لفظ ” إنجينير ” في اللغات المنبثقة عن اللغة اللاتينية و التي تقارن كلمة” مهندس” في معناها باللسان العربي إذ أطلِقت على من يقوم بتركيب و تشغيل و صيانة الآلة البخارية في بداية ظهورها ، و اشتُق منها كلمة” إنجين” أي : مُحَرِّك ، و بناءً عليه صارت كلمة “إنجينير” تطلق على من يحترف مهنة الهندسة بشكل عام .

 تعريف الهندسة 

يتضمن عمل المهندس تطبيق العلوم الطبيعية و الرياضية في حياة البشر و تطويعها لخدمته ، ليس ذلك فحسب بل يعتمد على تراكم الخبرات و التجارب في ميادين الإنشاء و الإنتاج و التصنيع . و بناءً على ذلك يتبلور تعريف الهندسة في أنها ” مهنة يتم فيها تطبيق المعارف الرياضية و الفيزيائية و الكيمياء المكتسبة بالدراسة و التجربة للاستفادة من مواد و قوى الطبيعة “. أو بتعريف آخر ” هي المهنة المختصة بتصميم و إنشاء الآلات و الماكينات و المباني و جميع و سائل الانتاج الأخرى “. و يمكن تعريف الهندسة كذلك بأنها ” علم و فن السيطرة على القوى الطبيعية و استغلال طاقاتها في بناء الأشياء و تنظيمها ” من هذا التعريف نرى أن الهندسة ترتبط ارتباطاً وثيقاً بالعلم و الفن .

 تعريف العِلم

يمكن تعريف العلم بأنه ” المعرفة الإيجابية المنظمة عن فيزياء و كيمياء الكون بهدف استكشاف عديد الحقائق و الظواهر الكونية ” . أي أن رسالة العلم تتلخص في دراسة قوانين الطبيعة و المجتمع بصورة منتظمة و إيجابية. و بصياغة أخرى هو بحث و تنقيب منسق و إيجابي عن أحكام و نظريات الكون . هكذا يمكن إيجاز تعريف العلم بأنه ” إدراك الحقيقة الكامنة وراء الأشياء ” .. و يعتمد العلم بصورة أساسية على الحقائق الرياضية المجردة بعيداً عن أي إحساس أو تطبيق لها . فهو يفسر الواقع بالفعل عن طريق الأبحاث و الدراسات و التجارب مجنداً قدراته التكنيكية و حساباته الرياضية و مقدماً ما يتوافر لديه من قوانين طبيعية أيضاً.

تعريف الفن


كلمة” فن ” آرت مشتقة من الكلمة اللاتينية ” أرز ” بمعنى مهارة ، و قد تبدل معنى الكلمة على مر العصور ، ففي العصور الوسطى كانت تعني الفن التحرري اللاتقني ثم أصبحت مع بدايات القرن ١٩ الميلادي تعني الفن المرئي كالرسم بالألوان و الرسم التقني و النحت و التصوير و العمارة . بالإضافة لفنون الموسيقا و الشعر ، مجمل القول أن الفن مهارة و موهبة محكومة بالذوق و يختص بإدراك الجمال و الاحساس به. أما الفن التشكيلي فهو مجموع الوسائل التي تسبب إدراك المتلقي للجمال و تثير فيه الإحساس بالجمال و الانفعال به .

العلاقة بين العلم و الهندسة 


الشبه الكبير بين العِلم و الهندسة و بين العالِم و المهندس كاد أن يطمس الفارق الأساسي بينهما في أذهان المتخصصين . فإذا كانت الهندسة تُعنى بإمكانية تطبيق العلم لا سيما العلوم الأساسية كالفيزياء و الكيمياء و علم البيولوجيا و سائر العلوم التي تتعلق بدراسة و قياس و فهم الظواهر الكونية ، فيمكن تشبيه العلاقة بين العلم و الهندسة بالطريق الذي يظل مفرداً إلى حين يتدرج إلى طريقين مفترقين . كذلك عندما نتطرق إلى إمكانية التطبيق نجد أن الهندسة تحمل صفات العلم البحت و ظواهره مع بعض الإحساس بالواقع المُعاش و إمكانية تطبيق العلم ، أما العلم فيعتمد بالأساس على الحقيقة المجردة بعيداً عن أي إحساس أو تطبيق لها. و نظراً لتقارب الشبه الحادث بين العلم و الهندسة فيمكن تشبيه ذلك بوجود اتصالات عرضية بين طريقين إلا أن الحقيقة تبقى بجلاء في افتراقهما إلى جهتين .. فإذا واجه العالم و المهندس مشكلة فإن نهج الحل لدى العالم ينحصر في المحاولة و التطوير المجرد بعيداً الإحساس و التطبيق . بينما نهج الحل لدى المهندس من خلال واقع المشكلة بالحلول التقديرية و المقربة .

 العلاقة بين الفن و الهندسة 


يتعين أن يكون المنتَج الهندسي على قدر من الجمال لاجتذاب العميل منذ الوهلة الأولى فيسعى لاقتناءه و الحفاظ عليه ، و من ثم الاهتمام بمظهر المنتَج و جاذبيته لعين العميل . فتطوير الجانب الجمالي المعبر للمنتج من أهم مهام المهندس القائم بأعمال التصميم . لا يمكن للهندسة أن تصور الجمال إن لم تُعَد فناَ بذاتها كذلك المهندس لا يمكن أن يفعل ذلك إلا إذا كان فناناً بالفطرة و السليقة.

 تعريف التكنولوجيا 


التكنولوجيا كشأن الهندسة قائمة على العلم و اكتشافاته و يمكن تعريفها على أنها التطبيق العملي لعديد العلوم فهي الوسيلة العملية التي تحيل الاكتشافات العلمية النظرية إلى مخترعات شتى نستفيد منها في مناحي الحياة فهي مبحث في كيفية إنتاج السلع و المعدات أو تشييد مبنى أو منشأة و كذلك استحداث كل جديد في مجال الطاقة .

 العلاقة بين ثالوث الهندسة العلم التكنولوجيا

ليس سهلاً التفرقة بين العلم و التكنولوجيا . يأتي ذلك الالتباس من كون التكنولوجيا ترتكز على العلم و اكتشافاته كشأن الهندسة . فبعض صور التكنولوجيا يرتكز على العلم و بعضها الآخر يرتكز على العلم بشكل أقل. مجمل القول فإن التكنولوجي يتعين إلمامه بالعلم إلى جانب معلوماته التقنية . أما العالم فدراسته علمية نظرية بحتة. في إيجاز شديد بينما العلم يهتم و يبحث عن لماذا ؟ إذا بالتكنولوجيا تبحث عن كَيفَ ؟ . أما الفصل بين الهندسة و التكنولوجيا فهو أشد التباساً فمعظم التكنولوجيين من المهندسين أو ذوات أصول هندسية، و من ثم استطاعوا تنمية مداركهم العلمية و أحدثوا تطوراً جوهرياً في الآلات بل اخترعوا ماهو أحدث ، بناءً على سابقة أعمالهم . أي أن الهندسة فيما تختص بتطبيق العلوم للإستفادة منها في صورة مخترعات وتصميمات فإن التكنولوجيا تهتم بكيفية تصنيع تلك المخترعات للحصول على المنتج النهائي ..

هكذا يتداخل مفهوم كلاً من العلم و الهندسة و التكنولوجيا و عليه يتعين إلمام المهندس بقدر كبير من العلم و التكنولوجيا .

مقالات ذات صلة

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *

زر الذهاب إلى الأعلى