آراء حرة

الكاتبة سميا دكالي تكتب.. المعاناة

 



الحياة هي أن نحياها كما سيرت أو خيرت لنا، سواء توافق ذلك مع رغباتنا أو لم يكن مثل ما تمنيناه. وإلا لما كانت كذلك لأنه لا يمكن تصور إمكانية وجود حياة خالية من المعاناة والألم،  بمعنى أوضح أن تكون كلها مفروشة بالورود.


فالمعاناة هي الحياة فكلما حصلت على شيء إلا وعانيت بسببه وذقت حلاوته وعذابه، فلننظر إلى الأم وفرحتها عند استقبال رضيعها، أكيد تكون سعيدة وقد حضيت بأجمل فرحة لمست قلبها، جعلتها تنعم به وتعيش شعورا جديدا وهي تربيه وتغدق عليه من حنان الأمومة ما شاءت، لكن مقابل ذلك فإنها تعاني عندما تضحي براحتها وتسهر الليالي، ولا تنام إلا القليل حتى تعطيه ما يحتاجه من رعاية وحب…


أو تخيل نفسك وأنت تتجول في بستان من الزهور، فراقتك وردة وجدبتك رائحتها العطرة، ودونما شعور اقتربت لتستنشقها فوخزتك شوكتها. محاولتك إنعاش روحك قابله ألم. 


هي الحياة لن تكون خالية من المعاناة وإن أذاقتك الفرحة فسوف تكون ممزوجة بالمعاناة. لكن المهم هنا أن تكون للمعاناة معنى وهدف. وذلك بأن نجد نتائجها عند نهاية السفر في محطة الانتظار وقد أهدتنا أجمل ما كنا نهفو إليه. حينها لن نتذكر تلك الايام التي قضيناها ونحن نتألم بل سنسىاها مادمنا قد حصلنا على ثمرة تعبنا.


لكن متى ستصبح الحياة معاناة بالفعل؟ حين تستمر على ذلك المنوال. دون أن نجني من جهدنا وتضحياتنا شيئا، قطعنا أشواطا وجلنا دروبا واعترضتنا عواصف عاركنها بكل قوانا، إلا أنها كانت أقوى لتردينا أرضا دون أن نحرك ساكنا تاركة إيانا نحيا دون أمل. 


فالمعاناة جزء من الحياة علينا أن نذقها رضينا أو لم نرضى لكن الأهم أن لا تتبعنا وتلازمنا طول مشوارنا، بل أن نعرف كيف نتخلص من شبحها بأن نتركها وراءنا، أن نراقصها ونحن نقتفي حلمنا ولا نمكنها الفرصة لتمسكه قبلنا، فنكون بذلك قد تحررنا من قيد متين آلا وهي المعاناة.

كاتية مغربية

مقالات ذات صلة

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *

زر الذهاب إلى الأعلى