آراء حرة

لمياء بولعراس تكتب.. لا تطلّقاني

 

يُنجز الطّلاق في مراسيم مقنّنة مقاييسها عهدة تسير عليها مجتمعات طوّعتها لما يتماشى ومخزونها الأسري الإجتماعي ناهيك عن مجاراة شكل الطلاق الذي دأب عليه الميثاق الانساني العالمي في جوهره الخاص ويختلف التطبيق والتنظير له فصولا قانونية غير مختلفة تماما عمّا تنصّ عليه الأنظمة الانسانية. فالاختلاف وارد فيما يخصٌ الحقوق ،الواجبات ،النقفقات المستفيد والمستفاد ،الى ما خالف ذلك أو ما شابهه من المصطلحات القانونية المتعلقة ببنود إجراء الطلاق دوليا .

وبالابتعاد عن التخصيص والمحلية في التطرق إلى مسألة الطلاق سأحللّ هذه الظاهرة من منطلق سيكولوجي سوسيولوجي إنساني عامة علاقة الطلاق بالطفل، ،الناشئة فالشاب .

تسير الأسرة في اشتراك مداره مجموعة من المعاجم المستهلكة في نطاق المجموعة الواحدة وتنضوي ضمن مركزية العاطفة ،الشعار الرسمي لكل مؤسسة زواج وكثيرا ما تكون العاطفة الرباط الوجداني المزيّف هي غطاء غائي نفعي لمصلحة أحد من الثًنائي كاعتزال العنوسة والإسراع في تكوين أسرة وٱنجاب أطفال مجانبة لحلول سن اليأس أو العقم…

ويطلب الطلاق إذا ما غْيِبت من بين أسسه الزوجية حقولا ومعاجم اكتنزها كلا الزوجين واختزل فيهما مفهوم الزواج إن حصّلها وحافظ عليها وينشأ عنها الطلاق إذا غابت وتنافت مع مطالب أحد الطرفين من الثنائي المؤسس للزواج :

تكون العاطفة مبدءا أساسيا تتناصف مع حقل الجنسانيّة ويحوي المجامع القيم،التملكات والتمثلات التي حددت العلاقة الجنسية في مجتمع ما ودين ما ..فيتعاشر الثنائي الزوجي وفقها في مؤسسة زوجية قائمة على التراحم والتوادد عادة لإنشاء لبنة أسرية تثري المشهد العائلي خاصة ثمٌ الإجتماعي بلحمة إنسانية تكون الغاية منها في وجهات عديدة الحصول على أبناء بهم يستقيم المعنى الأسرى في مطلبه التوسعي الغائي وهو الامتداد للقب العائلة .

ويبقى الزوجان في علاقة تعديلية لكل المفاهيم المجترة والأخرى المستقاة من الحب نتزاوج ينمو الحب لا يضمحلّ ويتهاوى تنزوّج لنتكامل لنسعد حتى نتلاحم بمن ننجب وإن لم ننجب نتواصل ونتحابب نغرق في الحب مع شواغل حياتنا فهي محكٌ محبّتنا، مهما كان حراكه ببن أخذ وردّ صعود و نزول لن يهترئ فمعدنه صلب صلابة مؤسستنا عمادها سند لكل مهاوي الحياة وعليائها وللأسف لو عدنا القهقرى يكون الطلاق الحل الأمثل لفراق موثُق مقنن ببنود بعيدا عن المقايضات التجارية وأخطرها التقايض بالأطفال وياويح المسعى الملطخ بالتشفّي: ان تركتني أفتك منك فلذتك ، اغمس كبدك في حميم لأستردّك أو أقاضيك على صنيعك الذي دفعنا للطلاق …

ما الهراء الواقع في الوحل ؟! أطفال في مهبّ المزايدات والمزايد الأب أو الأم ،يخلع كل منهما قداسة الأبوة والأمومة لارتداء درع الٱذعان لسلطة الحرب بمكيالين مكيال الانتصار أسقط عنك الحضانة لتخنعي لمطالبي النفعية ومكيال الانتصار أيضا أسلبك أطفالك وأحرمك من حق اللقاء بهم لأنصب لك كمينا تقع فيه وكلما أردت الخروج منه تذكًر عقابي لك ضريبة طلاقي.خسارة ثم خسارة لامخرج منها.

طفل قابع في أتون الناّر لايلبث أن يخرج منها حين يتقبل معنى الفراق بين والديه وأريحيٌة العيش بعيدا عن المناورات الأسريّة ،معارك شاحنة أثوت تلك القلوب النًامية ،لا مفر للطفل منها الا بالهروب: يقطع أنفاسه في وسادته ،كي لا يسمع صوت وقع القنابل المدوية في صداه ،يصمّ أذنيه بألعابه حتى لا تتلوٌث مسامعه بمكاره الشتائم.. الخائن المتهاونة الغيورة المريض النفسي سأعيد النظر في تربيتك سأقتلك س..س.سس سيوف قطعت حبل الرّحم بين الوالد وما ولد ،نفوس زالت قبل تكوينها عيون دامية قبل أن تلحظ الحرف وتتهجاه ..

طلاق طلاق عبارات لن تكون مدويٌة في قلب طفل أدرك بلطف أن الأب سيفترق عن أمٌه ليستكمل طفولته بسعادة كانت غائبة زمن تعايشهما ،طفل يقبل الطلاق حين يوعد بلقاء أبيه سيحلم بحضنه وهو في مخدعه يبتسم للغد الذي كان البارحة يبكي فيه بثغر ينعي طفولته البائدة ،

طلاق وحسن معاملة رغبات مكبوتة طلبها طفل يافعة ذات يوم وفي غفوته وحين تتحقق الطلاق استبشر بوفاق مفقود ورتع لحضن كان ممنوعا عنه عند نزال منزلي غابت فيه كل حقوق طفل مطلبها الأساسي السند والعائل ،ألا يمكن أن يكون العائل خارج الٱطار البيت ؟ بلى يتلهف الطفل لمقابلة والده أو أمه بعد الطّلاق وهو في سكينة دون خواء، هو ممتلئ بالصدر المحب له كان يوما حذوه ،في حضنه ولم يلمس محبة منه لأنه واقع في العراك ،ثالب ومثلوب معنف …

وما أحوجه في يومه هذا لصدر أم أو أب حين يلتقي به كل نهاية أسبوع في حرم الحب المقدس الخالص من الشوائب والضغوطات ،عندها يكون الطلاق من باب الرفق بتلك الأجسام البلورية حين تخدش في مؤسسة الزواج لن يستقيم لها شباب ..

حين يتطلّق الوالدان لن يتطلّقا من أبنائهم ،لا لزوم للهروب من مسؤوليتهم، ولا تهديد بحرمان أحدهم من أبيهم أو أمهم ،ولا شروط يقايض بها أحد الطرفين مقابل الحصول على الحضانة فالحضانة موكولة للإثنين ،ينعم بها الطفل في كل يوم تهبه الأم للأب دون موعد قانوني ،سلوك يحفّز في الطفل الرغبة فيهما مما يرفع من شأن ٱحترامه لهما ،توازن نفسي يستكمله بهذه اللقاءات المبرمجة وغير المبرمجة قانونيا ، برمجتها إنسانية المرء

فرحة طفل يطرق باب أبيه المطلق بحريّة دون مضايقات طليقته هو انطلاقة حرة ليافع حرّ أدرك أن الطلاق سبيل لانعتاقه من الأزمات واستبشاره بحياة أقوم يشترك فيها مع والديه ليس تحت سقف واحد وإنما تحت غطاء واحد هو الحماية الامشروطة بالزمان والمكان ،الاحترام كنفها والطلاق نهج حياة جديدة لشاب كان ذات عمر يتألم في مؤسسة الزواج وأصبح حالما عند الطلاق شريطة قوله تطلّقا انتما ولكن لا تطلُقاني منكما …

أديبة تونسية

مقالات ذات صلة

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *

زر الذهاب إلى الأعلى