آراء حرة

د.عبير حلمي تكتب.. الثقافة والتنوير

 


عندما تتلامس بطون أقدامنا أرض التنوير ، ونصل للمحيط وغزارة ماءه الخرير إلى ما يشبع العقل ويغير كيان الإنسان بالعلم و منهج التنوير .

فمنهج التنوير ورسالته له شروط ولكل شرط حساب للتقويم، لنجد أنفسنا ومن حولنا بالشكل المطلوب لمجاهرة هذا التطلع والوصول بنا لشاطئ السلامة .

 و تستقر مراكبنا على بر الأمان ونجد بيننا ليس فقط رجل العلم وهؤلاء العلماء ولكننا نجد أيضًا المثقفون المبدعون في كل مجال الذين يحفظون و يحافظون على تلك الكنوز ،


 بحر الثقافة عالم كبير يحتاج لعقول مستنيرة لها أفق واسعة المدارك تشمل كل فروع العلم بمجالاته المختلفة فنصل لمحطة الثقافة الشاملة ،


 كنوز العلم قد تكون لإحدى العلوم وفروعها فهناك عالم بمجال الجيولوجيا أو مجال الطب أو الهندسة أو الطاقة …الخ فيكون كل عالِم له تخصصه الذي أبدع فيه و أثمر منه بالثمار النافع للبشرية كلها .


وهذا يدعى عالِم وله مكانته العلمية بالطبع ولكنه لا يدعى رجل التنوير فهذا الأخير يكون قادر على الإلمام بكافة فروع العلوم والتكنولوجيا ويقدّر مكانة العلم والعلماء بكل تأكيد.


 رجل الثقافة والتنوير يجب أن يكون مُلم بكثير من العلوم وأيضًا بكثير من الفنون . وأيضا بكثير من الرياضيات بالإضافة إلى الإلمام بالتطور التكنولوجي وبالتاريخ والفن ، وما به من مقتنيات حسية وحركية في ذلك الزمان.

 وأيضا على علم ومعرفة كبيرة بقضايا المجتمع كله والشباب أيضًا وله الفكر المنير المنطلق نحو تقديم الحلول للبعض منها .

 فقد يكون لهم رؤية مستقبلية نحو الأفضل فهذا هو المثقف صاحب رسالة التنوير ومبدأ التطوير ،


 ولكل ذلك شروط كما ذكرنا سابقًا وهي تتطلب أن يكون صاحب رسالة التنوير أولاً ذو مدارك واسعة و علم غزير و قرارات متنوعة بفكر واعي ومشاركة إيجابية في كل مجتمع حواري تحت مظلة الثقافة وتحت مسمى التطوير نحن نحتاج لمثل هؤلاء المثقفون في حياتنا كما نحتاج لكل العلماء كلاً في مكانه فكل منهم له مجاله وله إنجازاته ولا يستغنى أبدًا إحداهما عن الآخر فكل منهم يكمل الآخر فالعالم عليه الإبداع والابتكار ، و أيضًا رجل التنوير له دور عظيم في الحفاظ على كل شبر من الأرض بما فيها وما عليها بكافة الحضارات والتاريخ والفنون بأنواعها ،


ومع ذلك نحن في زمن العولمة يا صديقي ويتطلب منا التركيز على منهج التنمية المستدامة كأساس للنجاح والتطوير ،

 ويجب الحفاظ على ما لدينا اليوم لتكملة مسيرة الحياة وحياة الآخرين لمستقبل أفضل .


هناك العديد من العلماء كلاً في مجاله و ابتكاراته بما قدم وما اخترع مثل اختراعات الطائرات والسيارات و العجلة البخارية وكمثل من اخترع التلسكوب و سفن الفضاء والحاسب الآلي … إلخ 


و إنما لم يكن لدينا فيما سبق كثيرا من لديهم الشغف بمعرفة كل ذلك الاختراعات بفوائدها ومن هو مخترع ذلك أو تلك ومتى وكيف انتقلنا بذلك العلم من زمن إلى زمن أكثر حداثة ؟ 


 حتى وصلنا بالاختراعات إلى الحفاظ على المعلومة لكي لا تندثر ولا تتغير ، ووصلنا بذلك إلى التقدم العظيم في كافة المجالات و خصوصًا التقدم في علم التكنولوجيا و المعلومات .


 ومع ذلك كيف يكون الحال حينما تسقط الشبكات وينتهي تواصل العالم كله بالنت وشبكات التواصل الاجتماعي والبث الفضائي …. إلخ،


 ستكون كارثة لضياع ثمار هؤلاء المبدعون ،


و بذلك وصلنا لما نحن عليه الآن عالم التنوير من خلال مشاركة العالم و المطالعة على كل ما هو جديد بأحدث التقنيات التكنولوجية واستخدام أحدث التقنيات لبث أخبار كل الدول بعضها البعض وللحفاظ عليها 

 عن طريق النت والقنوات المتعددة وأصبح العالم كله في بوتقة واحدة ،


والعالم اليوم يسعى لمزيد من العولمة والتطوير ويسعى للحفاظ على كل تلك الكنوز وهذا هو الأهم عن طريق حفظها بالعقول البشرية قبل الالكترونية فالعقل الالكتروني ما هو إلا اختراع بشري أيضًا ،


 ونستطيع أن نقول كل شيء لنا أصبح تحت عنوان واحد وتحت قبضة اليد الواحدة في جهاز صغير جداً يطلق عليه الكمبيوتر وما به من عقل الكتروني بحسب تقنياته المختلفة المستخدمة في الحاسوب أو الهاتف المحمول ، ومن يستخدمهم الآن هم المثقفون ولكن بنسب متفاوتة على حسب قدرتهم على استغلال تلك الأجهزة في الثقافة وفي معرفة كل ما يحدث حولنا أول بأول من أخبار ومن اختراعات ومن تواصل اجتماعي ومن تاريخ سابق بجميع العصور وتطور علمي بجميع أقسامه ،


الآن أصبح لدينا المعرفة فبمجرد البحث عن معلومة تاريخية مثلا لأي عصر تجدها في لحظة ،


.ولكن يبقى السؤال منْ يحفظها ويحتفظ بها بمداركه و بعقله و بذاكرته؟


 لكي لا تندثر و لكي لا تتغير الحقائق أو النتائج أو التاريخ، و منعًا لأي تلاعب لمنْ يراوده نفسه بسوء ؟! 


فكل ما نحتفظ به اليوم هو مصدر من مصادر الحياة للغد وعدم تزييف الحقائق هى مسؤولية أهل الثقافة والتنوير ، لحفظ المعلومات سليمة والتاريخ كما هو بكل سلبياته لنتعلم من أخطاء الماضي ونسعى للنهوض بالمجتمع في المستقبل وبكل إيجابياته و نجاحاته أيضًا .


ذاك هو صاحب رسالة التنوير لتتحول من مجرد معلومة إلى مدارك أوسع للاستغلال والتطوير والاستفادة بتجارب الآخرين للسعي الي التطوير والتحديث وللحفاظ على ما سبق لكي لا يضيع مجهود من سابقونا بعلمهم وفكرهم وإبداعاتهم وليالي من السهر والجهد لنصل إلى ما نحن عليه الآن ،

إذن نحن في أشد الاحتياج لمنْ يحافظ على المعلومة ويسعى بها للتطوير و لتنوير الآخرين ،


فهذا ينتج عنه جيل واعي يحب الثقافة والعلم ويسعى لأن يكون أمثال هؤلاء هم عُلماء الغد لنستكمل مسيرة الحياة ، 


 ويصبح صاحب التنوير مثال يحتذى به في كل جيل ويأتي الدور علينا لنكون نحن أيضًا فيما بعد فخر و مثال لمنْ يأتي بعدنا ،


و لتصل الأمانة جيلا وراء جيل فتتواصل الحلقات وتستمر الحياة ونصل بها لبر السلام بكل هؤلاء المبدعون مع المثقفون أصحاب العقول المستنيرة الحافظة لعهود مَجمع العلم وعلماء الزمن والتاريخ والأدب فكل هؤلاء يجتهد في مجاله و دورنا نحن أن نحافظ على مقدراتهم ومقدراتنا .


هذا دور المثقفون و دور كل صاحب فكر مستنير ودور كل واحد فينا للحفاظ على كل ما لدينا بفكر التنمية المستدامة لغد مشرق بالأمل لكافة الأجيال القادمة.

مقالات ذات صلة

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *

زر الذهاب إلى الأعلى