آراء حرة

هدى عبده تكتب.. الأطفال والشاشات الرقمية

أهمية البحث والاطلاع عن المشاكل الواقعة أو المتوقع حصولها لأطفالنا جراء الاستخدام الخاطئ أوالمفرط للشاشات الرقمية يأتي من منظور أخلاقي كون الأبوين هم المسؤولين بالدرجة الاولى عن اختيار ما هو الأمثل لأطفالهم، ومن منظور علمي يعود ذلك إلى البحوث العلمية والدراسات التي لا تزال قليلة ونادرًا ما تتحدث عن المخاطر التي تلحقها التقنية بصحة أطفالنا الجسدية والنفسية.


لنتحدث بواقعية قليلا، اليوم الشاشات الرقمية تحل ضيفا ثقيلا على المنازل، لها ما لها من تبعات على الصحة والسلوك لكل أفراد الاسرة، الأرقام تتحدث عن 63% من الأطفال الذين يقضون مايزيد عن ساعتين يوميا أمام الشاشات الرقمية. اليوم ندقق في تأثيرها على صحة الطفل، ونموه، وسلوكه.


التأثير على دماغ الطفل ونموه

يبدأ الطفل في سنواته الأولى التعلم من بيئته المحيطة، وإذا دخلت الشاشات الرقمية في هذا السن المبكر إلى دائرته الصغيرة فيمكن أن تلحق أضرارًا شديدة به، حيث تعيق هذه الشاشات بمختلف أنواعها انتباه الطفل، وقدرته على التركيز، وشعوره بمواقف الآخرين والتواصل معهم، وبالتالي يُحرم الطفل الفرصة في تطوير قدراته.


يتطور دماغ الطفل بسرعة ويكون حساسًا بشكل خاص تجاه البيئة المحيطة، وتحديدًا بين فترة الولادة والسنة الثالثة، فالتغييرات التي تحدث في الدماغ خلال هذه السنوات الأولى تصبح القاعدة الأساسية التي تقوم عليها وظائف الدماغ اللاحقة.


أشارت نتائج دراسة، أن الأطفال الذين قضوا أكثر من ساعتين في اليوم في أنشطة على الشاشات الرقمية سجلوا درجات أقل في اختبارات اللغة والتفكير. أما الأطفال الذين استخدموا الشاشات أكثر من سبع ساعات، فقد أظهرت الدراسات التي أجريت عن طريق تصوير الدماغ بالرنين المغناطيسي ترقق في قشرة الدماغ، وهي المنطقة المسؤولة عن التفكير النقدي والمنطقي. 


تأخر النطق

أشار باحثون إلى أن استخدام الأطفال دون العامين للشاشات الرقمية لنصف ساعة يوميا مرتبط بتأخر النطق والتعبير، حيث يصعب على هؤلاء الأطفال التعبير عن مشاعرهم أو إيصال المعلومة بالكلام.


ضعف التركيز 

أظهرت الدراسات التي أجريت على الأطفال دون سن المدرسة، ارتباط ضعف التركيز بشكل واضح مع استخدام الاطفال للشاشات الرقمية لساعتين أو أكثر .


كما ربطت أبحاث أخرى استخدام الشاشات الرقمية واحتمالية تشخيص الطفل بفرط الحركة مع قلة التركيز “attention-deficit/hyperactivity”، حيث أفاد البحث أن الأطفال الذين يستخدمون الشاشات الرقمية بمعدل ساعتين أو أكثر يوميًا تزيد احتمالية التشخيص بفرط الحركة مع قلة التركيز بمعدل يصل إلى 7 مرات أكثر من سواهم.

وبالمقارنة مع الأطفال الذين يقضون أقل من 30 دقيقة في اليوم، فإن الأطفال الذين يقضون أكثر من ساعتين كانوا أكثر عرضة بخمس مرات لمشاكل السلوك .


حيث أبلغ الآباء عن نوبات الغضب، والصراخ والمواقف السيئة العامة والسلوك العدواني للأطفال، بالأخص عند محاولة حرمانهم من الشاشات الرقمية.


العنف في سلوك الطفل

تم إجراء العديد من الدراسات حول آثار التعرض لشتى أشكال العنف الموجود في ألعاب الفيديو والأفلام والبرامج التلفزيونية والموسيقى، حيث أظهرت النتائج أن مشاهد العنف مرتبطة بشدة بالسلوك العدواني أو العنيف لدى الأطفال، كما أنها تقلل أيضًا من التعاطف لدى الأطفال.


الأداء الدراسي

غالبا ما يرتبط الإفراط في استخدام الشاشات الرقمية بشكل سلبي بأداء الأطفال في المدرسة، فقد أجرى الباحثون في الأكاديمية الأمريكية لطب الأطفال دراسة تشير إلى وجود علاقة بين الوقت الذي يقضيه الأطفال في سن الدراسة في مشاهدة التلفزيون وتشغيل ألعاب الفيديو واستخدام أجهزة الكمبيوتر والأجهزة اللوحية والهواتف الذكية مع زيادة احتمال عدم إتمام واجباته المنزلية.


تحاول المنظمات الدولية رفع شعارات كالشعار الذي رفعته اليونيسف الأطفال بحاجة إلى البشر وليس الشاشات


تزداد هذه النسبة كلما ازداد عدد ساعات استخدام الأطفال للشاشات الرقمية، حيث وصلت النسبة إلى 63% من الأطفال الذين لم يستطيعوا إكمال واجباتهم عندما استخدموا الشاشات لست ساعات.


بعد أن عددنا أهم المشاكل التي قد يتعرض لها أطفالنا نتيجة سوء استخدام التقنية، لا ننسى أيضًا اضطراب الأكل والسمنة الناتجة عن إهمال الوجبات الأساسية من قبل الأطفالـ وتناول الوجبات الخفيفة بكثرة أثناء استخدامهم للشاشات الرقمية. أضف إلى ذلك الخمول وقلة الحركة التي بدورها تعمل كعوامل عديدة لتفشي السمنة بين الأطفال.


اليوم، ربما تحاول المنظمات الدولية رفع شعارات “الأطفال بحاجة إلى البشر وليس الشاشات “Babies need humans, not screens” كمحاولة للحد من الاستخدام السيئ للتقنية


إهمال الطفل وتركه الساعات تلو الساعات على برامج التلفاز والهواتف الذكية والألواح الرقمية، يسلب الطفل قدرته على الإبداع وعلى التفاعل الخلاق داخل محيطه، وبذلك يكون التحدي الاكبر واقعاً على عاتق الأهالي للحد من هيمنة الشاشات الذكية بمختلف أنواعها على حياتنا وعلاقتنا بأطفالنا، بالسيطرة أولًا على هيمنة الشاشات على الأهالي قبل الأطفال، إذ يبدأ التحدي من منح الطفل الاهتمام وتوفير البدائل وخلق قوانين منزلية توفر للطفل الاهتمام الكافي لينعم بطفولة صحيحة.

مقالات ذات صلة

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *

زر الذهاب إلى الأعلى