توب ستوري

سميا دكالي تكتب.. في انتظار لحظة ( قصة قصيرة )



فتح عينيه بصعوبة مازال يرغب في النوم حرارة أغسطس ما رحمته حتى ينام في الليل مرتاحا، ولا تلك المروحة التي في السقف لبّت الغرض. كيف سيقاوم ذاك الحر؟ ربما عليه أن يشتري المكيف بدلا من تلك المروحة التي لم تنفعه بقدر ما أصابته بالبرد، رجلاه لم تعد تقوى على حمل جسمه المنهك.


من المطبخ سمع نداء زوجته:

–  لقد تأخرت عن العمل فطورك على المائدة.


نهض بتكاسل لا يريد سماعها وهي تكرر نفس الجملة، حفظها لقد باتت أول الكلمات التي يبتدأ بها يومه تشعره وكأنه ملزم بذلك في كل الأحوال والظروف.


أجابها بنبرة باردة تدل على عدم الرضا: 

– ومتى غبت عن عملي، لا تقلقي سأكون في الموعد؟ 


لبس ملابسه،ثم نظر في المرآة وكأنه يتعرف على نفسه ليجده غريبا عنها، ليس هو من سيذهب إلى العمل بل ذاك الماثل أمامه، هو من عليه أن يمثتل لكل شيء حتى الملابس التي يرتديها وإن كانت تخنقه، حمل حقيبة عمله الممتلئة بكومة من الأوراق وصفق الباء وراءه وذهب إلى عمله كالعادة.


لقد حالفه الحظ هذه المرة لم ينتظر كثيرا، ليركب الحافلة التي بدت له غاصة المهم أخذ مكانا فيها بالغصب، كان العرق يتصبب من جبيه كل حين ينشفه بمنديل وهو يحدث نفسه متسائلا : 

– أي حياة هذه تسيره إلى حيث تشاء لا كما هو يشاء؟ 


ما شعر يوما أنه عاش لنفسه ولو لحظة كما اشتهى أن يكون في حضن الحياة، يسحبه العمل إلى الشركة والزواج إلى بيته وإذا ما أحس بالملل يجلس مع أصدقائه في المقهى، هم نفس الوجوه التي يراها يوميا.

كم تمنى أن يحيا يوما لنفسه مرة واحدة، بل ولو لحظة واحدة تمنحه الحياة حضنها كما صورها دوما في مخيلته، لا آوامر لا عادات لا قيود بل أن يعيشها لنفسه فقط.


إلى متى سينتظر تلك اللحظة؟ التي حلم بها منذ أن وعى بوجوده لقد أصبحت تبدو له مستحيلة، اكتفى من لحظاته التي أسقته حياته إياها، وهو يقطعها فما وجدها سوى كونها تشبه بعضها البعض، أكيد لحظته تلك ستظل قيد الانتظار مادام يعيش تحت رحمة الغير والظروف، وهو لن يكون سوى غيره يعيش في جلباب نفسه.


قاصة مغربية

مقالات ذات صلة

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *

زر الذهاب إلى الأعلى