آراء حرة

كريستين عادل يني تكتب.. عندما نحلم

 

عجيبة هي أحلامُنا حينما نستغرقُ في النوم، وتأخذنا إلى واقع آخر قد يكون شديد المتعة يفرغ كل طاقات أمنياتنا في الحقيقة. وأحيانا تأخذنا إلى واقع آخر يكون شديد الألم أو الصراع ليعكس كل أحزاننا في الحقيقة. 

نتفاعل مع هذه الأحلام، متمنين عدم الاستيقاظ من النوم تارة لأننا متمتعين بتحقيقِ أمور عاجزين عن تحقيقها في الواقع فنشعر بالإنجاز عند تحقيقها في اللاوعي، أو متمتعين بتكرارِ أي واقع جميل حدث معنا فنسترجعه من جديد في اللاوعي لأنه أسعدنا. وتارة أخرى منزعجين كثيرًا من هذه الأحلام، بل وباكين أو صارخين أثنائها، أو متمنين النجاة منها في أقرب وقت ممكن، شاكرين الله أنها كانت مجرد أحلام ليست في الواقع. 

إذن فالأحلام وجهان لعملة واحدة، إما أن تعكس سعادتنا وأمنياتنا أو حزننا وآلامنا. كذلك الواقع الذي نعيشهُ إذا ما عشناه دون حلمٍ، فتأكد يا عزيزي أنك لا تشعر بجمال ومعنى الحياة. وحلم الحقيقة الذي أعنيه هو طموحك وأمنياتك التي تجعل من وجودك سببا قيمًا تعيش لأجله. 

فما الحياة إلا الكثير من الأمنيات التي حينما تتحقق، تبدأ لتوك بأحلامٍ جديدة لتجدد الدورة الدموية التي تسري في جسدك. هذه هي الطبيعة التي خُلقنا عليها، إن كنا كبارًا أو صغارًا. فالطفلُ منذُ نعومة أظافرهِ، يحلُم أبواه برعايته وصحته الجيدة ثم قدرتهِ على الاعتماد على نفسه في السير وقدرتهِ على التكلُم والتعبير عن نفسه. ثم نموه وقدرته على التحصيل الدراسي، ليستأنف الإنسان أمنياته بنفسه ويقرر الحلم بنفسه بأمنيات زرعها في أرض خيالهِ في واقعه الجديد. قد تكون نمو كفاءاته وانجازاته، أو العمل في مكانٍ ما أو الزواج أو السفر أو الهجرة لمكانٍ ما، أو إنجاز نشاط رياضي أو فني …. وهكذا. فكلها أحلام متتالية بحسب مراحل العمر وظروف كل فرد.

وكثيرا ما تتحقق أحلامنا، وأيضا لا تتحقق. لأن الحياة ليست كاملة في كل شيء. في نفس الوقت طبيعتنا الإنسانية جعلتنا نستطيع أن نخطط ونفهم وندرك ونميز متى كان تحقيق أحلامنا لصالحنا أو عدم تحقيقها ليس في صالحنا. 

فقد يحلًم شخص ما للالتحاق بعملٍ في مكانٍ ما ويكون هذا المكان متنافيا مع أخلاقه ومبادئه، وتأتِ ظروف لتمنعه عن الالتحاق بهذا العمل. ربما يحزن لعدم التحاقه بهذا العمل، ولكنه يكتشف بعد وقت أن الحلم لم يتحقق لصالحه.

أو كمثل شخص كان يحلًم بفعل جريمةٍ ما وخطط لها فحققها، فكان تحقيقها سببا لنهاية حياته. وقتها يُدرك أن الحلم لم يكن في صالحهِ.

 أو كمثل شخص حلُم بتحقيق إنجازات في علمٍ ما، أو رياضة ما، أو نشاط ما، فسار في خطواتٍ طويلة وعاش بين الأمل واليأس في ليالٍ كثيرة، وبين التعب الذي ليس بقليل، فكانت نهاية هذا الحُلم نجاح كبير ممزوجا بدموع الفرح. هنالك أيضا مَن يحلمون بتحقيق إنجازات مع أشخاص معينة في حياتهم، ولكنهم يكتشفون بعد عمر أن التعب الذي بذلوه في علاقاتهم كان باطلاً. حينئذٍ يدركون أن حلمهم لم يكن صائبا. ولكنها ليست نهاية المطاف. فهذه هي الحياة.  

كلها أحلام بين الواقع والخيال، وبين الحقيقة والسراب. إما أن تأتِ نهايتها بالفرح والمجد والفخر، أو بالندم والألم. ولكن علينا ألا نتوقف أبدا عن الحلم طالما مازلنا أحياء. 

  

مقالات ذات صلة

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *

زر الذهاب إلى الأعلى