آراء حرة

د.مروى محمد أحمد تكتب.. الإتصال الأسري و الواقع الاجتماعي المعاصر

الإتصال الأسري و الواقع الاجتماعي المعاصر

 مفهوم الاتصال الأسري  :

في ظل المجتمع المعاصر و ما يشهده من تغيرات اقتصادية و اجتماعية، فقد تعرضت الأسرة في مختلف المجتمعات العربية و الجزائرية خاصة لكثير من المتغيرات التي تسعى إلى اختراق بنياتنا الاجتماعية و منظوماتنا القيمية و الثقافية مما دفع إلى التأثير على تكوين الأسرة و طبيعة العالقات بين أعضائها أو تلك التي تتعلق ببعض وظائفها. ولقد انتبه علماء الاجتماع إلى أهمية التأثيرات التي يمكن أن تخلقها هذه التغيرات المتسارعة على الأسرة .ومن هنا أكد” انتوني جيدنز” في كتابه الطريق الثالث على أهمية النظر إلى الأسرة من منظور مختلف في عالمنا المعاصر .ولقد بالغ بعض علماء الاجتماع في وصف حال الأسرة المعاصرة .فبعد أن كانت في الماضي تعتبر “الخلية الأولى للمجتمع”، نجد أن البعض يصفها بأنها مؤسسة تتأرجح بين الموت والحياة، وهى أشبه بالجسد الميت الذي يحاول الفاعلون فيه أن يعيدوا إليه الحياة لم تعد الأسرة من الثوابت، فلقد تعرضت لمجموعة من المؤثرات المحلية والعالمية، بحيث أصبحت الضرورة ملحة العادة فهمها في إطار من تغيير أنماطها ووظائفها التي ظلت تقوم بها عبر فترات تاريخية طويلة .ذلك التغير الذي لحق بالأسرة وأدوارها ال يمثل خصوصية محلية أو تختص به مجتمعات دون غيرها، إنما هو تغير تشهده كافة المجتمعات ألسباب ترتبط بالظروف والتغيرات الداخلية من جانب وبتأثيرات العولمة من جانب آخر بكل ما تحمله من تناقضات وتحديات، بحيث بات السؤال عن مغزى الأسرة ووظائفها التي تبدلت سؤالا ملحا في ظل مجتمعات تتغير حدودها الاقتصادية والسياسية بل والثقافية .مجتمع أصبح يوصف بأنه” مجتمع الأزمة “وهو أيضا مجتمع” المخاطر “التي يصعب التنبؤ بها إن معالجة مثل هذه القضية يتطلب منا التعرف على: 

 

مفهوم الاتصال الأسري 

 .مفهوم الاتصال الأسري

 قبل التطرق إلى تعريف الاتصال الأسري يجدر بنا التوقف عند مصطلح الاتصال ليتسنى لنا توضيح المفهوم المركب. أ- تعريف الاتصال لقد ظهرت تعريفات عديدة و معانى كثيرة و متنوعة لكلمة اتصال. فقد نستعملها لنعني بها مجال الدراسة الأكاديمي أو النشاط التطبيقي الملزم له، أو بوصفه علما أو فنا أو علاقات إنسانية أو وسائل اتصال جماهيرية أو حاسبات آلية شخصية أو إرشادا نفسيا، كما أنه قد يعبّر على عملية هادفة مقصودة أو طبيعية تلقائية تعريف الاتصال لغة تعني كلمة الاتصال communication التعبيـــر و التفاعل من خلال بعض الرموز لتحقيق هـدف معين و تنطـوي علـى عنصر القــصد و التــدبير. وهي مشتقة من الأصل اللاتيني communes التي تعني الشيء المشترك و فعلها communicate وهو أن يذيع الشيء أو يشيع. كما أرجع البعض هذه الكلمة إلى الأصل common بمعنى “عام” أو “مشترك

 ب- تعريف الاتصال اصطلاحا: يعرف ” تشارلز الاتصال : ” ذلك الميكانزيم الذي من خلاله توجد العلاقات الإنسانية وتنمو وتتطور عملية يقصد بها مصدر نوعي بواسطتها، إثارة استجابة نوعية لدى مستقبل نوعي. أي أنه عملية مقصودة، هادفـــة و ذات عناصر محددة” أما فيما يتعلق بالاتصال الأسري فهو أحد متغيرات التنشئة الاجتماعية، و هو إتاحة الفرصة أفراد الأسرة للتعبير عن آرائهم و مشاعرهم و حسن الاستماع لهم و تقبلهم. ومن بين التعاريف التي نوردها للاتصال السري 

 

 الاتصال السري: هو تلك العلاقة التي تقوم بين أدوار الزوج و الزوجة و البناء بما تحدده الأسرة، و يقصد به أيضا طبيعة الاتصالات و التفاعلات التي تقع بين أعضاء الأسرة و من تلك العالقة التي تقع بين الزوجة و الزوج و بين البناء و الباء و بين البناء أنفسهم 

الاتصال السري هو اتحاد مجموعة من الأشخاص بروابط الدم الزواجي و التبني، إذ يتواصلون و يتفاعلون مع بعضهم البعض بأدوارهم الاجتماعي الاتصال السري هو تلك العالقة التي تكونها الأسرة مع أفرادها، سواء كانت هذه العلاقة رابطة الدم أو الأصهار أو الاسباب 

 مجالات الاتصال السري تتمثل هذه المجالات في العلاقات الأسرية التي تربط بين أفراد الأسرة ، و تساهم في استمرارها وخلق جو يساعد على إعداد أفراد فاعلين في المجتمع و تتمثل في 

العلاقة بين الزوجين: تقوم هذه العلاقة على أساس الحقوق الزوجية لكل منهما ، ومسؤولياتهما تجاه تنشئة أطفالهما و اتخاذ القرارات الأسرية ، و دور كل منهما في المسؤولية الاجتماعية و الاقتصادية للأسرة

 

 2-علاقة الباء بالبناء: هذه العلاقة تقوم على تعليم البناء القيم المستوحاة من الشرائع السماوية و المعايير الاجتماعية، فالوالدان يعلمان أبناءهما القيم و الحقائق و المفاهيم والأنماط السلوكية و كل ما هو مرغوب و يبعدونهم عن كل ما هو غير مرغوب مثل طريقة الكل و الملبس و طريقة التعامل ، و التي تكتسب عن طريق التكرار أو التقليد والممارسة أو السلطة الوالدية 

3-علاقة الأخوة: وجد أنه العلاقة بين الإخوة تتسم بالقوة و التضامن ، و يحظى الابن الأكبر بمكانة أكبر من إخوته ألنه يمثل أبيه فيعطي الأوامر لأخوته و أخواته الأصغر منه أو على الأقل يهددهم بالعقاب و عليهم إبداء الطاعة و الاحترام، و يعزز أفراد الأسرة الآخرون مكانة الخ الأكبر في الأسرة و خاصة بأنه عادة ما يتولى مسؤولية الأسرة و رعاية أشقائه و شقيقاته بعد وفاة الأب ، أما العلاقة بين الأخوات فهي علاقة تقوم على المودة و التعاون المشترك بينهن، و تتسم العلاقة بين الأشقاء و الشقيقات بمسؤولية الإخوة عن أخواتهم ورعايتهم 

4- .أنماط الاتصال السري نمط الاتصال المفتوح: نجد أن تحقيق الحاجات المتبادلة للأسرة شيء مرغوب و محبب، ومن ثم فإن الاتصال بين الزوجين و البناء يكون بحرية و مباشر و يتسم بالانسجام و الاحترام والأمانة و الصدق و الإحساس بمشاعر الطرف الآخر. ا. نمط الاتصال المغلق: يلاحظ في هذا النوع أن أنماط الاتصال و التفاعل بين الزوجين و البناء تحكمها مجموعة من القواعد الشديدة، تلك القواعد سواء كانت ظاهرة أو ضمنية فإنها تحدد ما الذي يمكن التعبير عنه بحرية، و ما ليس من الضروري التعبير عنه على الطالق، فقد تظهر عدم القدرة على مناقشة الموضوعات الحساسة خشية التصادم أو حدوث ردود فعل انفعالية غير مقبولة ، و بمرور الوقت قد تزداد هذه الموضوعات لدرجة أن الفرد يرغب في التجنب والحجام ب . نمط التشابك المغلق: في هذا النمط تتميز الأسرة بالقرب الشديد بين أفرادها ، و في النساق المتشابكة من الصعب أن نجد الاستقلال و الذاتية بل إننا نجد نقصا في الخصوصية وتكون الفروق الفردية غير محتملة ، و قد يعبر أفراد الأسرة المتشابكة عن المشاعر التي تعكس الحماية الزائدة الخانقة أو التي تكتم الأنفاس و تشابك الأسرة و هو أيضا نتيجة لقوى نسقية في حالة عمل و تفاعل إذ تصبح الأسرة متشابكة استجابة منها للضغوط التي تتعرض لها و الاتصال الأسري من أهم عوامل التماسك الداخلي للأسرة السليمة المستقرة و ينعكس على الأسرة بالطمأنينة و السكينة في علاقاتها في ما بينها، كما يعكس لنا أن حياة هذه الأسرة تتسم بالاتزان الانفعالي و الاجتماعي و وجود عالقات حميمية بين أفرادها. فالكل ينشد أو يبحث عن المحبة وعن الاحترام و الصفاء و الصراحة

و الاتصال الأسري من أهم عوامل التماسك الداخلي للأسرة السليمة المستقرة و ينعكس على الأسرة بالطمأنينة و السكينة في علاقاتها في ما بينها، كما يعكس لنا أن حياة هذه الأسرة تتسم بالاتزان الانفعالي و الاجتماعي و وجود عالقات حميمية بين أفرادها. فالكل ينشد أو يبحث عن المحبة وعن الاحترام و الصفاء و الصراحة و التفهم و عن التقبل وعن المداراة في التعامل و عدم التطفل و الابتعاد عن الفضول وعن الطريقة الحسنة و المريحة في الكلام و التعامل و التواصل معه. لذا فالعالقات الأسرية تستوجب من الأبوين باعتبارهما العمود الفقري للحياة الأسرية إتقان مهارات الاتصال الأسري وذلك بإعطاء أفراد الأسرة فرصة للتواصل عن طريق السماع و الإنصات، بمحاولة الأخذ و الرد معهم والحوار حين يتحدثون و عدم إقحامهم و محاولة إحباطهم و تقليل رغبتهم بالتواصل عن طريق عدم الاهتمام لما يقولون أو ما يفعلون

                               

 

 

مقالات ذات صلة

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *

زر الذهاب إلى الأعلى