آراء حرة

دكتور محمد علي الطوبجي يكتب..حرب الوكالة

إذا كانت غزة الفلسطينية قد دفعت كل هذا الثمن من دماء وأرواح أطفالها ونسائها وشيوخها وشبابها وتحولت على يد اسرائيل إلى أرض محروقة. لا تصلح للحياة انتقاما لمقتل قاسم سليماني، كما أعلن المتحدث الرسمي باسم الحرس الثوري الإيراني اليوم في تصريحه الذي كشف فيه للمرة الأولى وبعد طول إنكار أن عملية طوفان الأقصى التي نفذتها حماس في السابع من أكتوبر الماضي كانت لهذا السبب…وهذا الإعلان الخطير يضعنا أمام اعتراف إيراني رسمي سوف يكون له ما بعده من تداعيات وعواقب وخيمة يصعب التنبؤ بحدودها ومداها ، فلسطينيا وعربيا وإقليميا ودوليا…. فإيران سوف تجد كثيرين داخل المنطقة العربية ممن سوف يحملونها بالمسئولية الكاملة عن هذه العملية الكارثية التي دمرت غزة وشعبها وكانت نتيجتها وبالا على الفلسطينيين كما لم يحدث لهم في تاريخهم.، وأن قادة حماس كالسينوار وهنية ومشعل وغيرهم لم يكونوا اكثر من أدوات تنفيذ لمخططات إيرانية إقليمية أكبر منهم ولا علاقة لها بقضيتهم، وأن عملية طوفان الأقصى كانت من تخطيط وتدبير الحرس الثوري الإيراني ولحسابه في الحرب غير المعلمة الدائرة منذ سنوات بين إيران وإسرائيل حول البرنامج النووي الإيراني.. وأن حماس هي إحدي الاذرع الايرانية في هذا النوع من الحروب بالوكالة كتلك التي يخوضونها بالوكالة عن إيران في غزة..شأنهم في ذلك شأن حزب الله في لبنان والحوثيين في اليمن، الخ. وأما إسرائيل وامريكا والغرب بشكل عام، فسوف يكون لهم مع إيران وحماس حساب أخر لن يتوقف عند اتهامهم بانهم هم من كانوا السبب في كل ما حدث، وإنما سوف يجعلون إيران تدفع ثمنا باهظا فيه اما بضربة عسكرية عنيفة يوجهونها إليها او بمضاعفة العقوبات المفروضة عليها، وأما بالنسبة لحماس فسوف يتركونها لإسرائيل لتصفية حسابها معها بطريقتها..أما لماذا جاءت إيران لتعلن على لسان حرسها الثوري اليوم فقط هذا الذي فاجإت به العالم وهي من ظلت تنكر كل علاقة لها بعملية طوفان الأقصى ومن انها لم تستشار فيها مسبقا لأخذ رأيها فيها، مؤكدة على لسان وزير خارجيتها أنها شأن فلسطيني خالص لا يعني احدا سواهم، وما إلى غير ذلك من تصريحات إيرانية رسمية متلاحقة تنفي تورط إيران في ما اقدمت عليه حماس، نقول لماذا الإن تناقض إيران نفسها بنفسها وتقبل بالتحدي وهي التي ما تزال تحت الحصار الغربي الكامل لها ؟ ولماذا تأتي ايران في هذا التوقيت الحرج للغاية لتعطي إدارة بايدن وحكومة نتنياهو ومن ورائهما الغرب كله الذريعة المطلوبة للهجوم عليها واساطيل أمريكا البحرية تحتشد على مقربة منها جاهزة للانقضاض عليها وتدميرها بمنظومات الأسلحة الهجومية المتطورة التي تحملها ؟ لماذا اليوم وامريكا تحمل إيران بالمسئولية أيضا عن ما يفعله الحوثيون في البحر الأحمر من تهديد لسلامة حركة الملاحة العالمية في مضيق باب المندب وغيره بهجماتها بالمسيرات على الناقلات العملاقة العابرة لهذه الممرات المائية الدولية المهمة ؟ وما هي حساباتهم في طهران، ولماذا تخلوا عن حذرهم وتحفظهم الذي اتسمت به سياساتهم ومواقفهم طيلة الفترة الماضية في محاولة منهم لتجنب الصدام العسكري مع إسرائيل والغرب في ظروف اعتبروها غير مواتية لهم ؟ والا يؤشر ذلك كله بأننا اصبحنا على أبواب حرب كبيرة في الشرق الأوسط بدأت علاماتها تلوح في الافق ؟ حرب لم تعد تنقصها الذرائع والأسباب بعد أن اكتملت لها كل عوامل الضغط الذي يسبق الانفجار ؟

 

دكتور/  محمد علي الطوبجي

 

مقالات ذات صلة

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *

زر الذهاب إلى الأعلى