إبداعات أدبية

دكتور عمرو الدمرداش يكتب....قصة المثلث الورقى (قصة قصيرة)

جلس الجميع في  جلسة سمر  في حديقة الفواكه المزروعة بأشجار اليوسفي في وسط منطقة أبو غالب هذه القرية  التي تقع في أقصى شمال  محافظة الجيزة ، كانت الشمس قد ذهبت منذ فترة  وقاموا  جميعا وصلوا المغرب جماعة  على هذه الحصيرة التي تناولوا فوقها من وقت قصير طعام الغداء الفلاحي اللذيذ الذى دعاهم إليه صديق لهم .

وجلس كل منهم يحكي قصة  عن حياته وقصص الإرتباط والخطوبة والزواج التي مر بها كل منهم .

حتى  جاء الدور على أحدهم والذى كان يعمل معلماً الذى قال لهم بل سأحكي لكم قصة مختلفة قليلة تتعلق بنفس الموضوع ….

زمان اول ما تخرجت كنت شغال فى مدرسة مشتركة، وكنت أقوم بالتدريس مجموعة بنات درس

(ومكنتش لسه اتجوزت، وكان البيت اللى بدى الدرس فيه صاحبته ست طيبة جداً جداً وبتعاملني كأني ابن من أبنائها وقتها كنت خاطب زميلة لى  وفاضل وقت بسيط وأتزوج طبعاً كانت البنات سنها قريب منى كنت أكبر منهم بحوالى 5 سنين.

بنتها كانت بنت رقيقة جداً ومهذبة وكانت بنتعامل معايا برقة زيادة.لكن وقتها طبعاً كانت محبتي لخطيبتي بتخليني محصن شوية إنى أتزحلق فى علاقة أخرى أو أفكر فى أي إرتباط أخر كنت تقريباً قافل عقلي وتفكيري على خطيبتي.

لاحظت أن أم البنت ووالدها بيعاملوني معاملة فوق العادة والراجل كان بيصمم بعد الدرس إني أقعد معاه وسط بناته وأسرته وكأنى أحد أفراد الأسرة وكان كثيراً ما يصمم أنه يعزمني عندهم .

فى مرة قالى حاجة كانت غريبة بالنسبة لى لم أستهجنها بل اعتبرتها وقتها نوعاً من الثقة في شخصي .

فتح الكلام وقالى يا أبنى انت خاطب من إمتى قلتله من سنتين يا حاج أنا خطبت وأنا فى الكلية قالي إستعجلت يا بني إزاى أبوك وافق على خطوبتك وأنت صغير كدا قلتله والدى كان نفسه أنه يفرح في ويشوف أحفاده نظراً لانى اخويا الكبير توفى من ٤ سنين وهو عاوز يعنى يحس أن فيه عزوة حواليه .

قالي وكان لازم تخطب من بنات الجامعه دول، قلتله إن فيه إرتباط بينى وبين خطيبتي من أولى كلية وإن فيه بيننا محبة وعلاقة أسرية لأن أسرتينا قبل الخطوبة كانوا بيتزاورو  ومباركين الموضوع .

قالي سيبك من بنات الجامعه دول ونقي أي عروسة تانية تتمناك قلتله يا حاج انا لسه هادور وهاتعرف وأدرس شخصية حد تانى من جديد الحمد لله على اللى ربنا رزقني بيه =والبنت كويسة وأنا دارس شخصيتها ومربيها على أيدى زي ما بيقولوا وبعدين ما ينفعش بعد الناس ما شايفينا رايحين جايين مع بعض أربع سنين أخلى بيها دي حتى متبقاش رجولة .

لقيته بص لى وقالي ما هو اللى عاحبني فيك ومخليني مستخسر انك تروح مننا هو اخلاقك دي. وإنك ابن ناس محترمين، قلتله ربنا يخليك يا حاج .

قالى انا بكلمك بجد انا عندي فى العمارة دي ٣ شقق فاضية وإنت عارف أنا معنديش إلا البنات وفيه لكل بنت شقة وأنا بصراحة ماشي بمبدأ اخطب لبنتك ولا تخطبش لإبنك .

وأنا يا بني بعتبرك ابنى وعارف انك بتبني نفسك أنا عاوزك تنقي أي بنت من بناتي وأنا أجهزها، إحنا يابني بنشتري راجل .

دخلت زوجته فجاءة بالشاي وكأنها كانت واقفة بتسمع وقالتله والأستاذ سيد الرجالة والشباب يا حاج.

رد عليها  وكأنهم كانوا  متفقين  وقالها انا كنت لسه بقوله الكلام ده يا حاجة.

بصراحة وقتها كنت فى نص هدومي الناس دي بتعاملني حلو جداً جداً أنا مقدر كلام الراجل أوي ومقدر أوي ثقته وجزء مني فرحان أوي للثقة دي .

سكت شوية ودار فى عقلي مشاهد من لحظاتي الجميلة مع خطيبتي وأيامي معاها وأحلامنا سوا وكيف أنها رفضت ناس كتير وإحنا طلبة علشان تنتظرني وواجهت الدنيا كلها.

وقررت اني أرد رد حاسم ولكن بكل ذوق .

رديت عليه وقلتله، بصراحة يا حاج حضرتك راجل محترم جداً وأسرتك كلها ناس محترمة أنا وسطكم بحس اني بين اهلي وبحس أن بنات حضرتك إخواتى أوى ولو مكنتش خاطب كان لازم إنى أسعد بشرف إنى اناسب حضرتك بس هل يا ترى حضرتك هاتحترمنى لو سيبت بنت اعرفها بقالى سنين وخاطبتها من سنتين تفتكر اني هاكون أمين على بنت حضرتك وإني ممن أكرر ده معاها .

على العموم انا لو مش مرتبط مكنتش هلاقى أحسن منكم أبداً وتقريبا قمت أستأذنت من غير ما أشرب الشاي .

والراجل قام سلم علي بكل بشاشة وكأنه بيقولي لا عليك محصلش حاجة .

وقالى إنت برضه ابني وزي ما إنت فى قلوبنا. بس الست الطيبة قلبت بوزها وسلمت على بطرف إيديها.

المهم تاني معاد للدرس روحت فى معادي لقيت الحاجة والدتها فى إستقبالى وقعدت تدعيلي  وقالتلي ده أنت يا بني غالي عندي مهما حصل .

وطلعت أجندة صغيرة بنية اللون من الغلاف وقلب الغلاف من الداخل مثلثات بيضاء لها جيب داخلى شفاف جدا وقالتلى كل سنة وانت طيب فقد كانت رأس السنة على الأبواب .

ومضت الأحداث بعدها طبيعية جداً وكأنه لم يكن شئ وبعد هذا الموضوع بثلاث شهور تزوجت ..جائت الحاجة الطيبة وبناتها ليباركولي فى منزلي .

المهم مرت١٤ سنة بعد زواجي وكنت أنقل من شقة التى تزوجت بها إلى شقة أخرى وجائت مشكلة بالنسبة لى وهى الكتب والرفايع اشتريت صناديق كرتون صغير كثيرة جداً وجلست أسبوع كل يوم أملي مجموعة صناديق و الصقها بالسلوتيب العريض  وأرصها فوق بعضها .

وفجأة وقعت فى ايدى أجندة صغيرة بنية اللون وقتها إرتسم فى مخيلتى صورة كافة الأحداث المتعلقة بهذه الأجندة  وإرتسمت على وجهى إبتسامة خفيفة وتصفحت الأجندة الصغيرة وأتذكر ما دونته بها من ١٤ سنة .

لاحظت فى الجزء الأبيض فى الغلاف الداخلى الأجندة المزخرف بمثلثات بيضاء أن في أحد الأركان خلف الجيب الشفاف فيه خط ترابي على أطراف مثلث الركن من أسفل تعجبت من ذلك ولكن كان ممكن يمر الموضوع عادي جداً.

لكن مديت أيدى اتحسس هذا الجزء فوجدته يكاد يكون طبيعى إلا أن جزء الى فيه التراب أعلى قليلاً ولونه أغمق قليلاً أيضاً عن باقي الغلاف الأبيض الداخلي. فمدت أصبعى أحاول أن أستكشف الأمر  فوجدت الجيب ضيق جدا يكاد يتمزق فمزقته لأجد ورقة بيضاء صغيرة تم ثنيها بعناية شديدة.

لتأخذ سجل ومقاس المثلثات التي تزخرف الغلاف من الداخل فتحت الورقة فوجدتها على كل مثلث من المثلثات مكتوب حرف باللغه العربية لم أستغرق وقتا طويلا حتى ادرك كنه هذه الورقة بين يدي فهذه الورقة كانت بالبلدى كدا عمل (.سحر يعني) وتذكرت شكل السيدة الطيبة وهى تبتسم وهى تعطينى الأجندة.قمت بهدوء بإحراق الورقة وانا اتلو أيات قرآنيه

وأنا أدرك أكثر أنه ليس كل من إبتسم فى وجهك ..قد يكون طيباً ..أو من أهل الخير

تمت

 

 

 

 

دكتور عمرو الدمرداش يكتب….قصة المثلث الورقى (قصة قصيرة)

مقالات ذات صلة

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *

زر الذهاب إلى الأعلى