علاء رزق

دكتور علاء رزق يكتب..تأملات فى ديناميكيات البريكس العالمية (٤)

 

د. علاء رزق

رئيس المنتدى الإستراتيجى للتنمية والسلام

طرحنا فى المقالات السابقة عدة تساؤلات حول تأثير توسع تجمع البريكس على العلاقات مع الغرب؟ وهل من الممكن أن يكون تجمع بريكس في يوم من الأيام نداً للتجمعات الاقتصادية G–7 أو G–20. حيث أن سعي كل من الصين وروسيا والهند على تأسيس هذه المنظمة ،هو تأمين للموارد، إضافة إلى فتح الأسواق في الدول المنضمة إليها. هذه المنظمة إذا ما كتب لها التوسع والنجاح ستشكل نقلة نوعية في النظام العالمي، وستكون الأساس في إيجاد عالم بقطبين متنافسين، وتنقل ثقل التنمية والتطور إلى الجنوب وتنزع من الشمال بدرجة ما الهيمنة التي إستمرت لفترة طويلة، بل إن الشمال سيكون حينها القطب الآخر الموازى ، وهو بكل تأكيد سيخدم دول العالم الثالث، بما فيها الدول ذات الاقتصادات الناشئة، لكن هل يخلو التحول المرتقب من الصراع حتى بين دول البريكس، بكل تأكيد أن هذا التحول سيؤدي إلى صراعات وتنافسات على صعيد الاقتصاد والتجارة، وأن العالم في المستقبل، سينقسم الى قطبين متوازيين ومتنافسين بقوة وشراسة من دون صراع عسكري، بإستثناء حروب الوكلاء،هما القطب الأمريكي والقطب الصيني، على قاعدة تأمين الحصول على الموارد، وفتح الأسواق .وعليه فإن الصراع التنافسي سيكون مستقبلاً بين القطبين الصيني والأمريكي، مع إعادة هيكلة الأمم المتحدة ومجلس الأمن الدولي، بإضافة أعضاء جدد للأخير. سوف لن يكون للأيديولوجيا تأثير ووجود، إنما التأثير الوجودي الفعال والعميق، سيكون للثورة المعلوماتية، وقوة الإقتصاد والمال وتكنولوجيا المعلومات فائقة الذكاء. ملخص القول، أن تجمع البريكس خطوة متقدمة على صعيد منظومة التحالفات الدولية والتى من شأنها تسهيل التعاملات التجارية بين أعضائه، وبشكل أكثر وضوحاً سوق واسع يخدم الصين في المقام الأول. ومن شأنه أيضاً الحد نسبياً من الهيمنة الغربية. ومع ذلك، لايزال أمامه الكثير من التحديات الكبيرة لكسر الهينة الغربية التامة وترسيخ نظام دولى تعددي حقيقي.

فعلى سبيل المثال فإن تأسيس عملة موحدة عملية غاية التعقيد، ويجب أن يسبقها سلسلة من العمليات والإجراءات الاقتصادية الطويلة والمعقدة أيضا. فالإتحاد الأوروبي قد أسس عملته الموحدة بعض قرابة 3 عقود من تأسيس الإتحاد، ولم تنضم لها عدة إقتصاديات قوية أوروبية. وحالة البريكس أشد تعقيداً من حالة الإتحاد الأوروبي، وذلك من حيث إختلالات هيكلية إقتصادية واسعة بين أعضائه، وخلافات سياسيةعميقة كما هو موجود بين الصين والهند .لكن من منطق الإيجابيات فهو إرساء لنظام دولي إقتصادي أكثر توازنا وعدلاً. مع ضعف نسبى للهيمنة الغربية بمؤسساتها على النظام الاقتصادي الدولي الذي تسبب في حدوث إختلالات فادحة في العالم، وأودى بدول إلى حافة الإنهيار وأخرى إلى إعلان الإفلاس.كذلك، ستضعف الهيمنة الساحقة للدولار الأمريكي، وما يترتب على تلك الهيمنة كنظام العقوبات الغربي المجحف، والهيمنة على سوق النفط العالمي، ومبيعات السلاح. أي تراجع للسطوة الأمريكية المطلقة المستمدة معظمها من الدولار. ولكن الآمال معقودة بدرجة كبيرة على تجمع البريكس بعد توسعه فى أن يحدث انفراجة واسعة للكثير من الأزمات الدولية الشائكة، وعلى رأسها الأزمة الروسية- الأوكرانية، حيث إن إستمرار هذه الأزمة سيعيق من نمو التكتل ويضرب مصداقيته في مقتل. علاوة على أن الصين راغبة بالفعل في إنهاء هذه الحرب المنهكة لقوة روسيا، وهو ما يفسر الرحلات المكوكية لوزير الخارجية الصيني وانج يي لروسيا حالياً .

د. علاء رزق

رئيس المنتدى الإستراتيجى للتنمية والسلام

مقالات ذات صلة

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *

زر الذهاب إلى الأعلى