منوعات

مسيرة النقل المائي

يقدم “هارموني توب إيجيبت” مسيرة النقل المائي ضمن سلسلة النقل والمواصلات ضمن تقارير معلومة تهمك.

بداية النقل المائي

كانت بداية النقل المائي عندما لاحظ الإنسان القديم كيف تطفو جذوع الأشجار فوق سطح الماء و كيف تتقاذفها الأمواج، فراح الإنسان يمتطي جذوع النخيل لعبور الأنهار و البحار ، ثم ربط أكثر من جذع متجاورين ليمتطيها محمِّلاً عليها أغراضه مبحِراً بها في الماء، ثم تطورت لتصبح قارَباً بمجدافين كقوة دفع للقارب بالماء، و باستخدام الأشرعة تطور القارب إلى سفينة.

النقل المائي
النقل المائي

عرف قَدامى المصريين ركوب الماء، إذ قاموا بصُنع سُفُناً خاصة من خشب السنط لنقل الأحجار على نهر النيل. فعلى جدران معابدهم تركوا رسوماً تحكي براعتهم في امتطاء البحر الأحمر وصولاً إلى الصومال، وكذا البحر الأبيض وصولاً إلى جزبرة كريت ، لم يكتفوا بتسيير المراكب بواسطة المجاديف oars التي يحركها العبيد بل استخدموا الأشرعة المدفوعة بقوة الرياح.

وثم بعد ١٠٠٠ – ٢٥٠ ق.م. طور الفينيقيون Phoenicians المراكب، إذ برعوا في بناء سفن يصل طولها إلى ٣٠ متراً، أعقب ذلك قيام الإغريق ببناء مراكب تجارية جابت البحر الأبيض المتوسط.

ومن الرسومات المدونة على جدران المعابد الرومانية نرى مسيرةتقدم صناعة المراكب و كيف زادت سعتها و تزويدها بأكثر من قلع ( صاري ) mast لتركيب الأشرعة عليها، و للرومان السبق في بناء مراكب تجارية لنقل الركاب.

كما أسهم الصينيون ومن بعدهم اليابانيون في تطوير وسائل النقل المائي shipping، و من خلال تصميماتهم صمم المصريون خلال القرنين التاسع عشر و العشرين ما يُعرَف بالفلوكة Felucca وهي عبارة عن مركب خشبي صغير يستخدم في النقل النهري،  و لايزال بعضه يُستخدَم حتى اليوم.

منذ الحضارة الإغريقية و في القرن الثاني الميلادي اعتمد التقدم في وسائل النقل المائي على أسس علمية متينة،  فوضع العالِم مؤسس علم الجغرافيا إراتوستنيز  Eratosthens ( ٢٧٦ – ١٩٥ ق.م ) خارطة عن العالَم، ظلت مرجعاً للرحالة قروناً عديدة، وتجدر الإشارة إلى أن “إراتوستنيز” قضى فترة طويلة بالإسكندرية كرئيس أمناء مكتبتها و اشتُهر بأنه أول من تمكن من حساب طول محيط الكرة الأرضية Earth’s circumference.

وفي العصور الوسطى أدخل العرب تحسينات على رسم الخرائط بالأسلوب العلمي، إذ أضافوا إليها خطوط الطول و العرض، و كان لهم السبق في استخدم المزولة.

و في القرن الثامن عشر الميلادي وضع العالم العربي “الإدريسي” خارطته الأشهر، كما استخدم العرب البوصلة و نقلها عنهم الطلاينة فيما بعد.

مع بداية القرن السابع بدأ إسهام الدول الأوروبية في صناعة السفن، وفي القرن الثالث عشر جاب البحر الأبيض المتوسط مركب ذو مَتنَين deck أطلق عليه مسمى كارافيل Caravel حيث استخدم لنقل البضائع من أوروبا إلى الهند و قد استخدمه المستكشفان العظيمان “فرديناند ماجلان”Ferdinand Magellan و “كريستوفر كولمبس” Christopher Columbus خلال رحلاتهم الاستكشافية خلال القرنين الخامس عشر و السادس عشر.

ومنذ مطلع القرن التاسع عشر استُخدِمَ البخار في تسيير السفن ، إذ في العام ١٨٠٣ صمم الأميركي روبرت فولتون Robert Fulton ( ١٧٦٥ – ١٨١٥ ) أول مركب بخاري steamboat مختبراً إياه بتسييره في نهر السين بفرنسا، ثم عاد إلى أميركا عام ١٨٠٧ لتسيير مركبه البخاري – و الذي أطلق عليه مسمى”كليرمونت” Clermont – مابين نيويورك و المحيط الأطلنطي إذ وصلت سرعته آنذاك إلى خمسة أميال في الساعة، و في العام ١٨٣٨ عبرت المحيط الأطلنطي أول سفينة بخارية خلال خمسة عشر يوماً.

وبحلول النصف الأول من القرن التاسع عشر أُدخلت العديد من التحسينات على المراكب فَصُنِعَ هيكلها من الصُلب، ليصل طولُها إلى ٦٠ متراً و عرضها ١٥ متراً و حمولتها ٢٠٠٠ طُن.

واستمر تطوير المراكب فأصبحت أكبر حجماً وزادت سرعتها لتصل ما بين ١٨ – ٢٠ عقدة ( ٣٢ – ٣٧ كم / ساعة).

وفي عام ١٨٣٠ استخدم حلزون أرشميدس (اللولب الدوار ) في تسيير السفن، وتعد سفينة المهندس الإنجليزي “برنيل” Burnel المسماة “بريطانيا العظمى” Great Britain هي أول سفينة كبيرة ذات هيكل من الصُلب مُسَيَّرة بنظرية الدفع اللولبي escrow propeller.

و في العام ١٨٥٨ بنى المهندس برنيل سفينة أخرى أسماها ” الشرق الأعظم” مزودة بعدد ستة أشرعة ومحرك بخاري للتسيير بالإضافة إلى محرك آخر للقيادة والمناورة، وقد وصل طول السفينة ٢١١ متراً وحمولتها ٢٧٤٠٠ طن و عمل عليها ٤٠٠ عامل بالإضافة إلى عدد ٤٠٠٠ راكب ، أعقب ذلك ظهور التوربين البَخَّاري عام ١٨٨٤، ثم ظهرت عام ١٩٠١ أول سفينة تجارية تُدار بالتوربين وهي السفينة الإنجليزية “الملك إدوارد” King Edward بسرعة ٢٠ عقدة ( ٣٧ كم / ساعة ).

النقل المائي.. سفينة تيتانيك

يجب ألا نغفَل سفينة الركاب الإنجليزية” تيتانك” Titanic التي اصطدمت بجبل من الجليد ثم غرقت في أول رحلة لها مساء ١٤ – ١٥ أبريل عام ١٩١٢ خلال رحلتها من ميناء ساوث هامبتون بإنجلترا إلى نيويورك وعلى متنها ٢٢٠٠ راكب، غرق منهم ١٥٠٠ راكب.

النقل المائي
النقل المائي

وتُعَد من أكبر وأفخم السفن في تلك الفترة، ولم يتم العثور على حُطام السفينة إلا عام ١٩٨٥، و قد أرجَعَ الخبراء السبب إلى أن السفينة كانت مسَيَّرة بسرعة عالية في ظروف جوية سيئة، وأن صُلب هيكلها صار بحالة هشاشية brittle عند درجة حرارة التجَمُّد، ما سَهَّلَ كسرَ الهيكل عند اصطدامه بجبل الجليد، و بسبب ذلك الحادث أُبرِمَت أول اتفاقية تُحدِّد شروط الأمان الواجب توافرها في تسيير السفن.

وقد تعددت السُفُن بكامل أغراضها من ناقلات البترول و البضائع إلى سُفُن الركاب، ومن البوارج و حاملات الجنود إلى الغواصات والسفن الحربية.و

عادةً ما يُستخدَم النقل المائي بشكل عام لنقل الرُكَّاب وبعض البضائع كالرمال والزلط والفحم والأقماح وخامات الحديد .إلخ، إذ تقل تكاليف النقل إلى حدها الأدنى مقارنةً بالوسائل الأخرى، حيث يشكل الوقت عاملاً ثانوياً في اقتصاديات النقل.

مقالات ذات صلة

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *

زر الذهاب إلى الأعلى