آراء حرة

الملقه ..مقال للكاتب دكتور العشماوي عبدالكريم الهواري 

حفاظا على اللفظ والتراث الصعيدي

لعل هذا اللفظ من الألفاظ المعتاده لدى الجيل القديم الذي عاش أو كان يعيش في جنوب الصعيد وهذا اللفظ منتشر في شمال السودان بين القبائل ذات الأصول العربية.

ويعني هذا اللفظ المعروف نطقا اكثر منه كتابة بمكان اللقاء او التحدث في صحن المنزل وخاصة في الفترة ما بين العصر والمغرب حينما تنكسر اشعة الشمس الصيفية ؛ لذا فالملقة ترتبط بالصيف اكثر من ارتباطها بالشتاء الذي تمتاز فيه الحياة القروية بالسكون.

ولقد كانت الملقه مكان للتسامر وحل المشاكل والتواد والمعاتبات والزيارات وبقدر ما يكون الإهتمام بها بقدر ما تعني طيبة افرادها في استقبال الأصحاب والجيران وخاصة عندما يقوم الصغار بكنس (صلح) الملقة ثم رش (بخ) المياه علي تربتها الصلبة لتكون اكثر ملائمة وخاصة عندما تاتيها الرياح الشمالية من الجهة البحرية وكانت ادوات النظافة والكنس او ما يسمي (صلح الملقة) من خلال زباطة نخيل جافة ويجب ان تكون لنخلة وليس لدكر نخل كما يسمي حتي تكون مطاوعة لأداء الغرض منها كما أنه كان يتم ربطها ببواقي قماش من منتصفها لتزيدها قوة في الاداء من خلال تحزيمها.

وكان للجلوس في الملقة التي يفترش فيها حصير سميك وخشن من الحلف المنسوج والذي يتم ترطيبه برش المياه عليه مما يعطي المكان وجاهه وخاصة عندما يكون الضيف ذا قدر عند الأسرة صاحبة الملقة.

بالفعل كلنا نحتاج للملقة التي كانت تجمع الكل في تواد ورحمة وكانت كل مشاكلهم تنتهي بعتاب جميل وراقي ويكسر من حدة اكبر المشاكل من خلال الروح الطيبة الجميلة المتصالحة اولا مع نفسها في سلام نفسي نفتقده جميعا الان وللأسف لا يشترى بالمال وتحولنا الي كتلة من المشاكل التي يمكن تمثيلها بخميرة يزداد حجمها ومع الوقت يتغير طعمها وتتغير رائحتها فلا يمكن معها اصلاح .

 

مقالات ذات صلة

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *

زر الذهاب إلى الأعلى