إبداعات أدبية

الكاتب دكتور العشماوي عبدالكريم احمد الهواري يكتب....قرش كبير (قصة قصيرة)

قرش كبير

   دخل الظلام كل البيوت والشوارع في قريته الصغيرة وتسلل لهذا المنزل ليملئه بنوره المظلم بين ضلوعه واشتعلت مسرجة الليل (لمبة العويل) نعم كانت كثيرة البكاء بدموع سوداء يغطيها قطرانا اشد سوادا لينا في شكله لا يلبث أن يتصلد علي مقلة المسرجة تنفست المسرجة الصعداء بأنفاس شديدة غابرة تتخذ خط اسود لأعلي كأنها خطوط طائرة نفاثة تحرث السماء خلفها ،تزداد أنفاسها كلما حركها هواء الصيف المعتل ليعطي مددا أخري للحياة لقلب المسرجة ، ولم تكن نظرات الصغير القابع بجوار أمه يقاومان الليل الذي يدفع بالنوم دفعا داخل العيون المنهكة من أشعة الشمس المتقدة في هذه البيئة الصحراوية الجافة،أسئلة الطفل الكثيرة التي يحاول بها اكتشاف ما حوله من حياة يجهل بها الكثير كانت كلمات أمه هي المخطوط القديم المفسر والمعجم الحياتي الموضح لأمور تلك الحياة التي تحاول أن تحتجب عن الأطفال حتي يعيشوا طفولتهم ولكن هيهات فالطفل يحاول ويحاول أن يدفع نفسه داخل غياهب تلك الكينونة الخافية عنه ويشتد تعلقا بها كلما اشتد غموضها وفي أثناء حواره الترددي للكلمات المتنوعة الوجه في سؤال واحد عن هذه الورقة الكبيرة الملونة الحمراء التي توليها الأم اهتمام كأنه ابن ولد بعد فقدان كل الآمال في البنوة أو كعزيز رجع من رحلة الموت للحياة فما كان من الأم إلا أن تتفادي الأسئلة حول الورقة الكبيرة أنها ورقة ولكن الطفل لم يقنع وأصر أنها قرش كبير ومع نهر الأم له أنها ورقة عادية مثلها مثل الأوراق التي تملا المنزل القديم ، ولكن خفايا عقله لم تصدق وحاول أن يثبت للام أن هذه الورقة هي قرش كبير يستطيع بها تحقيق كل أحلامه في حياته الصغيرة راقب أمه وهي تنقل الورقة من أسفل الوسادة لتضعها أسفل المرتبة ناحية نومها ونام الاثنان وفي لحظات قران الفجر صحي الطفل يسمع مناداة داخله لنوازع مطالبه تقول له قم فالوقت حان لتحقيق طموحاتك وهنا استل القرش الكبير وأمه تنام كالأطفال بجواره ونزل من علي السلم بترقب وحذر شديدين حتي لا تصحو أمه وحتي يأتي لها بالمفاجأة الكبري ويثبت لها انه علي حق حتي وصل الي باب المنزل المغلق مثل الحصون الحربية بممالك اسبرطة القديمة حاول أن يفك أغلال الحصن المنيع واتبع كل الوسائل الحربية المتاحة لديه انتصر في النهاية وخرج قبل شروق الشمس وجري نحو دكان صغير طيني له مدخل صغير لا يصل الضوء داخله مظلم بداخله كأنه قدس الأقداس في احد معابد الفراعنة العظام ،هذا المكان الموجود به كل شئ من لعب وعلب للحظوظ(بخت) واشتري جملا بلاستيكيا اخضر اللون لا يمشي علي أرجل بلي علي عجل بلون اصفر وحمل الطفل ما استطاع ولم يستطع إنفاق كل المال وهنا تساءل الطفل نفسه نعم هذا قرش كبير هذا هو الأب لكل القروش الصغيرة التي يأخذها كل صباح واخذ ما تبقي من مال منها الورقي وكثير من الفضيات المختلفة الأحجام والأشكال  واخذ ينثرها الواحدة تلو الاخري عند عودته للمنزل حتي يرزق باقي الأطفال بمثل ما رزق وعند عودته فرحا وجد الأم تهرول في المنزل صارخة علي ابنها وعلي ابنها الأخر القرش الكبير الذي تركه الزوج أمانه تروي به احتياجات المنزل في سفره للعمل بالقاهرة  ونهرت الابن وبعثت من حاول إنقاذ ما تبقي من القرش الكبير

 

 

 

 

الكاتب دكتور العشماوي عبدالكريم احمد الهواري يكتب….قرش كبير (قصة قصيرة)

مقالات ذات صلة

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *

زر الذهاب إلى الأعلى