إبداعات أدبية

الكاتب دكتور العشماوي عبدالكريم أحمد الهواري يكتب..العربيد الطيب

 

لم يمر ليله كما يمضي كل يوم يتساهران في خلوة من المتعة التعسة التي تؤلمه ،كانت متعته في شراب عرق البلح بعد أن كان يرتاد أفخم البارات ولم تكن هيئته التي تغير حالها مع الأيام السارية كسيل جارف يقلب من فيه دون ان يكون للإنسان ادني مقاومه حتي مع موته ما تزال الأيام تمضي وتمر علي قلوب ورؤوس قد فنت منذ بعيد من الوقت،كان كل هدف الحاج مراد أن يبعد عن كل شىء و أن ينسي كل شئ في دنياه اقرب للموت من الحياه . مغيب في حجرته التي تعلو منزله الريفي القديم الذي كان قد أعطاه من قبل لأحد حراسه عندما كانت الدنيا متبسمة له وكان نصيبه منها كثيرا من أموال و أراضي ورثها عن ابيه التاجر الكبير ولكن عدم مقدرته علي حسم الأمور أو وضعها في نصابها ولهو الحياة مع أقران السوء الذين زينوا له جمال كل إثم مما جعله يلهث خلف غريزته تاركا أملاكه يديرها غيره الذين تحولوا فيما بعد أصحاب تلك الأملاك بعد أن ابتاعوا من الحج مراد حتي يتمكن من السير في غيه فسهر الليل وكسر حواجزه لا يقدر عليها سوي المال ،والمال يعطي القوة ولا يعطي العقل ،سئم الحج مراد الحياة ومتعها التي عاش ما لا يحصي منها ولم يعلم أن هذه المتعة عذاب ،فقده لأمواله علي مرتزقة الليل جعلهم ينأون عنه ويتجنبون مقابلته. إدمانه للكحوليات وعدم استطاعته البعد عنها جعله يبيع ما تبقي من أملاك تكفيه وقتا كبيرا ولكن في ضيق من المال ولان نوعية نشأته منعته من محاولة العمل فهو لم يملك مهنة أو تعليم فهو وارث لأموال لم يستطع الحفاظ عليها كان ليله هو خليله الوحيد يسهران مع بعضهما البعض ويختفيان حتي يولدان من جديد كل يوم ومع ذلك فقد كان الحج مراد له من أفعال الخير حينما كان ميسورا حيث بني مسجدا ومدرسة ووهب لهم عشرين من الافدنه كوقف لهم وبعض الأعمال الخيرية سرا في إنقاذ بعض الناس من نهش الأمراض بهم. وبعد انزوي عنهم في هذه الحجرة القديمة في حياة أشبه بالقبر بعد سكناه للقصور وعدم مجاوبة احد من الذين قدم لهم خيرا من قبل أن يساعده لأنه لم يكن يريد سوي عرق البلح ليسد ظمأ نفسه من الكحوليات حتي مات ممسكا بزجاجة الويسكي الفاخرة المملؤة بعرق البلح.

 

 

مقالات ذات صلة

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *

زر الذهاب إلى الأعلى