آراء حرة

الدكتور علاء رزق يكتب .. الإقتصاد غير الرسمي في ظل تفاقم الأزمات الإجتماعية

يمثل الإقتصاد غير الرسمي ظاهرة عالمية تعاني منها كافة دول العالم،ولكن بنسب متفاوتة،وكذلك تحت مسميات مختلفة فقد يشار إليه على أنه إقتصاد الظل ،او الإقتصاد الخفى،أو الإقتصاد الموازى،ولكن ايا كانت مسمياته فهو إقتصاد لا يدخل ضمن الناتج المحلي الإجمالي للدولة، كما يؤثر على بناء السياسات الإقتصادية الكلية،وذلك لغياب إحصائيات حول أنشطة، وحجم هذا الإقتصاد، وإلى الآن لم يتم تحديد ما يمثله بالفعل هذا الإقتصاد من الناتج المحلي، فتارة يقدره البعض ب 30% من الناتج المحلي، وتاره يتم تقديره ب 60% ، كما أنه يساهم في زيادة عجز الموازنة العامة للدولة نتيجه تدنى الحصيلة الضريبية التي لا ترقى أبدا إلى النسب المقبولة عالمياً ،والتى لا تقل عن 25% ،من الناتج المحلي الإجمالي، ولكنها فعليا لا تتجاوز 12% من الناتج ،والسبب عدم القدره خلال العقود السابقة على توسيع قاعدة الحصر الضريبي، وادخال أنشطة الإقتصاد الرسمي صوب الدائرة الشرعية للإقتصاد نتيحة تفاقم أعمدة الفساد التى دائما ما تكون نشطة فى دوائر تحقيق الإيرادات أكثر من تحققها مع المصروفات وهو موضوع يحتاج إلى مناقشة فى مقالات أخرى ،كذلك فإن عدم فعالية السياسة النقدية نتيجه غياب حركة الأموال غير الرسمية المتداولة فى قنوات الإقتصاد غير الرسمي، حيث أدى ذلك إلى زيادة حده التضخم. فنحن نعيـــش اليـــوم فـي عـــالم مربك ومحيـــر للغاية،حيـــث الإقتصـــاد الـــدولي يعمل بشـــكل جيـــد، لكن النظرة الســـلبية للأســـواق، والإحباط مـــن العولمة،والتشـــكيك في النمـــو، أمر مســـتفحل في الاقتصـــاد ،وكل هـــذه المعتقـــدات تتفاعـــل مـــع بعضهـــا البعض لتعـــزز إخفاقاتها المشـــتركة.

وفــــــــي الوقـــــــت نفســـه، أدت السياســـات الماليــــــة والنقدية التوسعية، إلى جانب اضطرابات سلاسل التوريـــد الناجمـــة عـــن الوبـــاء، والأزمة الروســـيــة الأوكرانيـــة، إلى تغذيـــة التضخم الـــذي رفع بدوره تكاليـــف أساســـيات الحيـــاة اليوميـــة (مـــن طاقـــة وغذاء وإســـكان) أكثر. نعم نحن كلنا نأمل برؤية مســـتقبل يكـــون فيه كل شـــيء مجانيـــا، لكـــن واقعنا الحالي لا يمكنـــه تحمـــل ذلـــك. ومـــع مطالبـــة الشـــعوب حكوماتهـــا بالتدخـــل لتخفيـــف إرتفـــاع الأســـعار، تواجـــه الحكومة ضغوطـــا هائلـــة ،وتحديات لا يمكن صدها. وهذا يتطلـــب ضرورة التعامـــل مـــع التحديـــات العالميـــة من أجل ضمان أســـعار نزيهـــة وصادقة ،وتنقل معلومـــات موثوقة حـــول التكاليـــف، لكن هذا بـــدوره ســـيتطلب قدرا كبيـــرا مـــن الإبتـــكار والإبـــداع خاصة فى كيفية إدخال الإقتصاد غير الرسمي فى الإقتصاد الوطني ، ويعد إيمان الدولة المصرية بأن عالمنا يتشـــكــل بفعــــــل التكنولوجيا،وبالتالى لم يعد هناك مجال للتراجع عن هذا التوجة الفنى.

وســـيلعب توجه الحكومة عبر آليات لضم الإقتصاد غير الرسمي الأساس فى تقليل هذه الظاهرة ، وذلك عبر مجموعة من التشريعات التي تصدرها الدولة وخاصة القانون 152لسنة 2020 والخاص بتنميه المشروعات المتوسطة والصغيرة ومتناهية الصغر ،مع منح هذه المشروعات مزايا ضريبية وغير ضريبية لتذليل سبل الإنضمام للإقتصاد الرسمى، او من خلال مجموعة الإجراءات التي تقوم وزارة المالية ممثلة في مصلحة الضرائب بتطبيقها لزيادة قاعدة الحصر الضريبي، وإيجاد حملات للتوعية بالإشتراك مع جهاز تنمية المشروعات وجهاز حماية المستهلك وإتحاد الغرف التجارية والسجل التجاري وغيرها من أجل ضمان مكافحة التهرب الضريبي، وتطبيق المنظومات الإلكترونية المختلفة، نعم قد يمتلـــك آخـــرون فهما أعمـــق للتعامل مع بعض القضايا والملفات.

ولكن عندما يتعلـــق الأمر بكيفية تفاعلنـــا مـــع بيئتنـــا، فـــإن المهم من يمتلـــك الحل العلمى والمنهجيةالرزينة ، وإذا كنا نريـــد تغييــــــر الواقع غير المرضى إقتصاديا، فيجب أن نهتم بالتعليم والتكنولوجيا، لأن هـــذا التخصص يشـــكل الدعامة الوحيـــدة الحقيقيـــة لتحقيـــق طـــرق جديـــدة لزيادة الإنتاج . وإدراكا لهذا الواقع، اتخذت الدولة المصرية إجراءات ومبادرات لرعايـــة المواهـــب الإســـتثنائية، مـــن خـــلال مبادرات تشمل الإستراتيجية الوطنية للتعليم . وتهدف هذه الاستراتيجية إلى تزويد الجيل القادم بالمهارات التقنية والعمليةعالميـــة المســـتوى التي من شـــأنها دفـــع اقتصاد المعرفة للوطن إلى الأمام من ناحية ، والمساعدة من الآن فى تقليص ظاهرة الإقتصاد غير الرسمي من ناحية أخرى.

مقالات ذات صلة

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *

زر الذهاب إلى الأعلى