آراء حرة

أمجد المصري يكتب.. فُقراء الأثر

 

 

الفقراء يتصدرون المشهد فيُفسدونه .. لا أقصد فقراء المال ومِلح الأرض فهم فوق الرؤوس دائمًا . ولكن أقصد فقراء القيمه والعطاء وهؤلاء التافهين الذين أصبحوا فجأه حديث الناس وقدوة الصغار ومسار أغلب النقاشات الصاخبه علي مواقع التواصل دون أن يكون لهم أي أثر إيجابي يذكر علي أرض هذا الوطن العظيم وشعبه الطيب .

نحن نصنع من فقراء القيمه نجوم مجتمع حين نتباري في الحديث عنهم ولو بالسخريه منهم أو حتي علي سبيل الفكاهه فيتحولون مع الوقت إلي تريندات ومشاهير فيشجعون غيرهم علي فعل أي شيء مخالف للعرف والمنطق من أجل أن يحظوا بهذا الأهتمام من رواد مواقع التواصل وبعض الفضائيات والمواقع الإخباريه التي تلهث خلف أي تريند مهما كان تافهًا لتروج له بغرض حصد مزيد من المشاهدات وجني الأرباح فقط دون النظر إلي خطورة هذا الفعل علي المجتمع وقيمه وأعرافه ومستقبل أجياله الناشئه .

نجوم المجتمع ونخبته وقوته الناعمه تغيرت تركيبتها دون أن نشعر في العقد الأخير . لم يعد لدينا رموز ثابته عليها شبه إتفاق أو إجماع بين الناس لمدد طويله وإنما هى موجه تأتي وتذهب سريعًا كما أتت لتأتي من بعدها موجه أخرى وتريند آخر فينسي الناس من كانوا يتحدثون عنه بالأمس ويركزون مع صاحب التريند الجديد وهكذا . ليس الأمر مجرد تسليه علي مواقع التواصل ولكنه إهدار لقيم المجتمع وإعلاء لقيمة التافهين وإحباط أصحاب القيمه والأثر حين يجتهدون كثيرًا ولا يجدون أي إهتمام من الناس وسط هذا السيل من الشخصيات الجوفاء التي تصدرت مشهد الحياه في مصر .

علي كافة الأصعدة وكل مجالات الحياه ستلحظ هذا النمط من علو شأن من لا شأن لهم ولا وزن . لماذا نترك هؤلاء ليصبحوا رموز المجتمع وقدوة للصغار والشباب . لماذا نروج لهم ويتباري البعض في إلتقاط الصور معهم ونشر أخبارهم وكأنهم بالفعل أصحاب عطاء فريد في الفكر والفن والثقافه والسياسه والإعلام وكل دروب الحياه. لماذا إنخفضت الأوزان النسبيه للنجوم في حياتنا فأصبحنا نمنح الألقاب المفخمه مجانًا لمن لا يستحقها فضاعت قيمة الألقاب وأصبحت بلا قيمه تُذكَر 

دعوه للهدوء في التعامل مع هذه الشخصيات التافهه التي غطت سماء بلادنا الطيبه فحجبت أشعة الشمس ونورها عن الوصول إلي عقول وعيون الناس كى يتدبروا ويروا بوضوح فيفرقون بين الغث والسمين ويعرفون بالعقل لابالنقل من هم نجومهم الذين يستحقون أن يسترشدوا بهم في ظلمة بحر الحياه … كفانا إهداراً لقيمة الرموز فبهم وبمن يقتدون بهم تتقدم الأمم ويعلو شأن الأوطان .. حفظ الله بلادنا من هذا العبث . حفظ الله الوطن .

مقالات ذات صلة

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *

زر الذهاب إلى الأعلى