توب ستوري

معلومة تهمك .. فن الكلام

معلومة تهمك .. فن الكلام
فن الكلام 

 معلومة تهمك .. فن الكلام 

    الكلام هبة فطرية أعطاها الخالق للمخلوق من بني البشر و ميزه بها عن سائر المخلوقات ، بدأها بمخارج صوتية يدعمها اللسان و الشفاة للتعبير عن  المشاعر و الأحاسيس. ثم حفظ البشر تلك الألفاظ مرتبطة بما تعنيه من أحاسيس و معانٍ و مع التكرار أصبح لكل لفظ معنىً مستقل. و لما تشعب البشر في سلالاتهم و انتشروا في الارض من مشارق الشمس إلى مغاربها و من الشمال إلى الجنوب تنوعت أساليبهم في التفاهم كما تنوعت حضاراتهم و عاداتهم . و تشكلت لهجات خاصة من  الكلام بما اصطلح على تسميته لغات . و لصعوبة المواصلات بين الأقطار بعضها ببعض ، استقلت هذه اللغات بألفاظها  و قواعد تصريفها و للتفاهم مع الأجناس الأخرى لزم للإنسان أن يتعلم لغاتهم و ضروب لهجاتهم. 

   و أول ما يتعلمه الإنسان في مراحله الأولي هو الكلام ، و قد يُظن أن الإنسان الذي علمته أمه الحديث و الكلام قد تم نضوجه ؛ مع أن كثيرين من الكبار لا يجيدون الحديث مع الناس ، و إن بدأوا حديثهم وصلوا مع المتحدث إليهم إلى عكس ما يقصدون . فكثير من الناس لا يجيد التحدث إلى رؤساءهم في العمل أو زملاءهم في المدارس أو والديهم في المنزل و بذلك أصبح كلامهم ثقلاً على أي إنسان و نراهم غير ناجحين في الحياة لعدم إجادتهم فن الكلام و أصول التحدث إلى الناس. 

     الكلام إذن هو الذي يصنع الزعماء و يبشر بنجاح ذوي الأعمال العظيمة و يعطي الرفعة لمن يشاء أو ينزعها عمن يشاء..الكلام إذن هو العلم الذي تزداد معرفة أساليبه يوماً بعد يوم ، و بقدر تلك الاستزادة يزداد النجاح في الحياة . فالكلام هو التعبير الصحيح عن العاطفة ، فيه قوة الإقناع فهو نعمة تمنحنا السيطرة على قلوب الناس و عقولهم . 

    و لكي نتعلم فنون الكلام ، لا بد من ممايلي : 

١ – لا بد من الدرس و المطالعة ؛ فكل جيل ينظر إلى الحياة نظرة خاصة مستقلة عن نظرات غيره .. فقراءة كتب الأدب اللفظي و التصور الصحيح للحياة ، تتضمن المعاني التي تجيش في صدور الناس عبر العصور. 

٢ – على الإنسان أن يكون رابط الجأش دائماً في حديثه مع الناس لا ينتابه الغضب و لا يفرغ منه الصبر ؛ فمن لا يتحكم في أهواءه لا يستطيع أن يتحكم في أهواء سواه . فأسوأ أنواع الحديث هو الحديث الغاضب الذي ينجم عن النقد اللاذع المرير الذي ينتهي إلى انفصام عُرَى الصداقة.  

٣ – لا بد من مراعاة المزاج النفسي في مخاطبة الناس حسبما يليق بهم و مراعاة الثقافات بدرجاتها مع كل فئات الناس حتى يمكن الاقتراب إليهم و الاختلاط بهم .. 

٤ – من الناس من هو مصاب باللجلجة و التمتمة و الفأفأة و اللثغة و أكثرها يبدأ في الصغر و أسبابها التعجل في الكلام و عدم التروي و التدقيق في التفكير ، و الخجل الذي يسيطر على المتكلم فمتى تقدم في السن زاد ظهورها بعدم التمرين و التقصير في الدرس . و علاجها ليس بالأمر الصعب بل بالمران و قوة الإرادة يمكن التغلب عليها. 

٥ – آفة الكلام في عدم الإيجاز ، فاستعداد السامع أو قابليته للإصغاء ليست واحدة عند كل الناس و كثير من الناس من كثرة كلامهم لا أحد يلتذ بحديثهم  ، بل هم كثيرو الأخطاء مسهبون في الخيال ، مسرفون في الأكاذيب،  لايخلو كلامهم من التجريح ظناً منهم أن ذلك يسر السامعين. 

٦ – لا يَخفى أن الشكل و الوجه و الابتسامة و الحركات و الإشارات أو ما يسمى لغة الجسد لها أهمية كبرى عند الحديث لأنها تشارك النطق في نقل الفكر ، متخذة لها البصر سبيلاً بديلاً عن السمع . فهي اللغة العمومية التي يفهمها أي إنسان و ما تتركه من تأثير في المتلقي هيهات أن تأتي بمثله لغات العالم. فالانحناء عند مقابلة رئيس كريم و الابتسامة عند مقابلة صديق حميم لها مفعول كبير في قلوب السامعين . و الصوت مهما اختلفت موجاته لا يكفي للإفادة و الإقناع و التعبير عن معاني اللذة و الألم و الغضب و اليأس و الاحتقار و ما إلى ذلك مالم تساعده حركات اليد و ملامح الوجه و بريق العينين. 

٧ – حسن الصوت له مفعول السحر دائماً في الإقناع و الاسترحام . ينبغي أن يتجنب المرء كل ما من شأنه أن يصيب أغشية الحنجرة كالتدخين و الكحوليات و المشروبات الساخنة أو المثلجات و الإفراط في تناول الأطعمة لا سيما اللحوم فكل ذلك يتسبب في الإضرار بالأحبال الصوتية .. 

٨ – تكلم و لكن بهدف . فالغاية النبيلة تجعل حديثك غالي القيمة فالكلام فن من الفنون الجميلة و كل قطعة منه يعلوها عنوان يهدي المستمع إليه.  و كلما قل كلامك و زادت أفكارك زادت قيمة الكلمة . فلو قُلتَ فكرة في عشر كلمات كانت قيمة الكلمة ١ / ١٠ فكرة و لو قلت الفكرة ذاتها في مائة كلمة فلن تزيد قيمتها عن ١ / ١٠٠ فكرة . فخير الكلام ما قل و دل .. كثير القطوف قليل الحروف غزير الثمر . 

٩ – حاول إفادة السامع و احفزه للاستفسار فيما هو غامض و تحدث بصراحة فتريح ذاتك و تريح الآخرين من عناء اللف و الدوران . علمه كل ما يهمه معرفته عن الموضوع . و اعلم أن الصدق ليس كل ما تقوله بل كل معلومة يهم السامع معرفتها. اترك لسامعك حرية التعبير حتى تفهم ما يريد لا ما تريده أنت .

١٠ – لا تكابر و لا تتحمس لآراء غيرك قبل أن تعرف مدى صحتها و لا تكثر من التخمينات الشخصية فذلك يشكك الناس في قيمة كلامك و يجعل الشائعات تحاصرك فتقلل قيمتك بين الناس .   

مقالات ذات صلة

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *

زر الذهاب إلى الأعلى