آراء حرة

د/مروى محمد احمد تكتب.. الحلقة الأخيرة علاج الإدمان من الناحيه النفسية

 

  


ومن الضروري ألا يقتصر العلاج على كل ذلك ، بل يجب أن تتكامل التخصصات العلاجية وتتحدد وصولاً إلى النتيجة المطلوبة ، وهى الشفاء التام وليس الشفاء الجزئي أو المحدود ؛ ذلك أن الشفاء الحقيقي لا يكون مقصوراً فقط على علاج أعراض الانسحاب ثم ترك المدمن بعد ذلك لينتكس ، إنما يجب أن نصل معه إلى استرداد عافيته الأصلية من وجوهها الثلاثة ، الجسدية والنفسية والاجتماعية ، مع ضمان عودته الفعالة إلى المجتمع ووقايته من النكسات في مدة لا تقل عن ستة أشهر في الحالات الجديدة ،أو سنة أو سنتين في الحالات التي سبق لها أن عانت من نكسات متكررة .

وعلى العموم فإنه كلما ازداد عدد النكسات وزادت خطورة المادة الإدمانية يجب التشدد في معايير الشفاء حتى في الحالات التي يصحبها اضطراب جسيم في الشخصية أو التي وقعت في السلوك الإجرامي مهما كان محدداً ، وتبدأ مراحل العلاج بالمراحل الآتية:

1- مرحلة التخلص من السموم:

وهي مرحلة طبية في الأساس ، ذلك أن جسد الإنسان في الأحوال العادية إنما يتخلص تلقائياً من السموم؛ ولذلك فإن العلاج الذي يقدم للمتعاطي في هذه المرحلة هو مساعدة هذا الجسد على القيام بدوره الطبيعي ، وأيضاً التخفيف من آلام الانسحاب مع تعويضه عن السوائل المفقودة ، ثم علاج الأعراض الناتجة والمضاعفة لمرحلة الانسحاب ، هذا، وقد تتداخل هذه المرحلة مع المرحلة التالية لها وهى العلاج النفسي والاجتماعي؛ ذلك أنه من المفيد البدء مبكرا بالعلاج النفسي الاجتماعي وفور تحسن الحالة الصحية للمتعاطي.

2- مرحلة العلاج النفسي والاجتماعي

إذا كان الإدمان ظاهرة اجتماعية ونفسية في الأساس . فإن هذه المرحلة تصبح ضرورة، فهي تعتبر العلاج الحقيقي للمدمن، فأنها تنصب على المشكلة ذاتها، بغرض القضاء على أسباب الإدمان. وتتضمن هذه المرحلة العلاجية العلاج النفسي الفردي للمتعاطي ، ثم تمتد إلى الأسرة ذاتها لعلاج الاضطرابات التي أصابت علاقات أفرادها ، سواء كانت هذه الاضطرابات من مسببات التعاطي أم من مضاعفاته ، كما تتضمن هذه المرحلة تدريبات عملية للمتعاطي على كيفية اتخاذ القرارات وحل المشكلات ومواجهة الضغوط ، وكيفية الاسترخاء والتنفس والتأمل والنوم الصحي . كما تتضمن أيضاً علاج السبب النفسي الأصلي لحالات التعاطي فيتم ــ على سبيل المثال ــ علاج الاكتئاب إذا وجد أو غيره من المشكلات النفسية كما يتم تدريب المتعاطي على المهارات الاجتماعية لمن يفتقد منهم القدرة والمهارة ، كما تتضمن أخيراً العلاج الرياضي لاستعادة المدمن كفاءته البدنية وثقته بنفسه وقيمة احترام نقاء جسده وفاعليته بعد ذلك.

3- مرحلة التأهيل والرعاية اللاحقة:

وتنقسم هذه المرحلة إلى ثلاثة مكونات أساسية أولها:

أ- مرحلة التأهيل العملي:

وتستهدف هذه العملية استعادة المدمن لقدراته وفاعليته في مجال عمله، وعلاج المشكلات التي تمنع عودته إلى العمل، أما إذا لم يتمكن من هذه العودة، فيجب تدريبه وتأهيله لأي عمل آخر متاح، حتى يمارس الحياة بشكل طبيعي

ب- التأهيل الاجتماعي:

وتستهدف هذه العملية إعادة دمج المدمن في الأسرة والمجتمع ، وذلك علاجاً لما يسمى (بظاهرة الخلع) حيث يؤدي الإدمان إلى انخلاع المدمن من شبكة العلاقات الأسرية والاجتماعية ، ويعتمد العلاج هنا على تحسين العلاقة بين الطرفين (المدمن من ناحية والأسرة والمجتمع من ناحية أخرى) وتدريبها على تقبل وتفهم كل منهما للآخر ، ومساعدة المدمن على استرداد ثقة أسرته ومجتمعه فيه وإعطائه فرصة جديدة لإثبات جديته وحرصه على الشفاء والحياة الطبيعية.

جـ- الوقاية من النكسات:

ومقصود بها المتابعة العلاجية لمن شفى لفترات تتراوح بين ستة أشهر وعامين من بداية العلاج ، مع تدريبه وأسرته على الاكتشاف المبكر للعلامات المنذرة لاحتمالات النكسة، لسرعة التصرف الوقائي تجاهها.

علاقة الادمان بالامراض النفسية … أثبتت الدراسات الطبية في الآونة الأخيرة أن هناك علاقة وثيقة بين الأمراض النفسية وإدمان المخدرات، لكن السؤال الأهم التي أبرزته تلك الدراسات هو ما هي العلاقة الحقيقية وراء الأمراض النفسية هل هي المخدرات ذاتها أم أن الأمراض النفسية سبب من ضمن أسباب إدمان الشخص.

الحقيقة أن الإجابة وضحتها الكثير من الدراسات الطبية، أن هناك أسباب متعددة للإدمان من بينها بالطبع هو التعرض للمشاكل النفسية وضغوط الحياة مما يسبب الدخول في تجربة الإدمان، لذلك هناك علاقة وثيقة بين إدمان الشخص وبين الأمراض النفسية، لكن المقال هنا يتناول وجهة النظر الأخرى التي تبنتها بعض الدراسات أن المخدرات والإدمان عليها سبب من أسباب الإصابة بالأمراض النفسية العديدة والتي من بينها يصل الإنسان إلى الإنتحار والتخلص من حياته ذاتها.

يتناول المقال من خلال بعض النقاط التفصيلية علاقة الأمراض النفسية بالإدمان من خلال العوامل التي تزيد من مخاطر التعرض للمرض النفسي، وأسماء بعض أنواع المخدرات التي تؤدي بالضرورة إلى التعرض للمرض النفسي، كما يتناول المقال من خلال نقطة تفصيلية أخرى العلاقة المتبادلة بين المرض النفسي والمخدرات، كما نتناول في نقطة اخرى الدراسات الطبية التي تحدثت عن العلاقة الوطيدة بين المرض النفسي والمخدرات، وذلك خلال السطور القليلة القادمة

.

  

علاقة إدمان المخدرات بالأمراض النفسية.. عندما تبدأ الإضطرابات يبدأ الخطر:

أيهما يسبق الآخر، الإدمان يسبق المرض النفسي أم أن المرض النفسي والاضطرابات والضغوط النفسية الحياتية هي التي تسبق الإدمان وتتسبب فيه، الحقيقة أن كلاهما له علاقة وصلة وطيدة بالآخر، فالكثير من الحالات التي تعاني من الاضطرابات النفسية في بدايتها وبعض ضغوط الحياة والتعرض للمشكلات الحياتية الصعبة التي لا يوجد لها حل في بعض الأحيان، عندها يهرب الإنسان ويلجأ إلى عامل وهمي وهو عالم المخدرات الذي يعطيه السعادة لساعات معدودة ثم يسلب تلك السعادة ليرجع الإنسان إلى واقعه الأليم.

وفي المقابل نجد أن المزيد من إدمان المخدرات يسبب هو الآخر المرض النفسي والتعرض لبعض الأمراض التي تحتاج إلى العلاج النفسي والتأهيل السلوكي، والتدريب على سلوكيات جديدة غير التي أرتبط بها الإدمان، وذلك لأن مفهوم الإدمان ذاته يعني اضطراب سلوكي يعاني منه الإنسان يعتمد فيه على مؤثر خارجي ليعيد تشكيل كيمياء المخ بحيث تفرز هرمونات السعادة والنشوة والإطمئنان لساعات معدودة، اي أنه الوهم ذاته، لذلك الأسباب السابقة نؤكد ان العلاقة وثيقة للغاية وملتصقة بين الأمرين، وان الإدمان نفسه مرض خطير من الأمراض النفسية التي قد تصيب الإنسان لذلك يحتاج إلى العلاج الفوري

                       

 

 

            

مقالات ذات صلة

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *

زر الذهاب إلى الأعلى