آراء حرة

الاستاذ / أحمد النجدي يكتب.. دور السينما والمسرح , أزمة مصرية مستمرة – الجزء الثاني

في ظل القفزات الضخمة التي يشهدها الخليج العربي خصوصا في الإمارات العربية المتحدة والمملكة العربية السعودية في المجال الثقافي سواء من حيث عدد الأعمال الفنية وجودتها ومن حيث عدد دور المسرح والسينما وتمتد تلك الصحوة إلي الفعاليات الثقافية والفنية المقامة علي أراضيهم, يشهد القطاع الثقافي والفني المصري تراجعا مستمرا وتذبذا واضحا منذ فترة ليست بالقصيرة. ذلك التراجع والتذبذب له أسبابه والتي أود مناقشة بعضها مع سيادتكم.

في الجزء الأول تنازلت بشكل مختصر وضع السينما المصرية سواء من حيث عدد الأفلام أو من حيث عدد الدور وتوزيعها ولم أتكلم عن جودة الأفلام نفسها لأن الجميع أن يعلم بأن الجودة في الغالب معدومة. تبين من خلال البحث وبالأرقام الرسمية خلو 13 محافظة من دور العرض السينمائي, وتذبذت عدد الأفلام بين 20 إلي 30 فيلم سنويا.

أما في هذا الجزء فسأتحدث عن المسارح والتي تعد ركنا رئيسيا في صناعة الثقافة الوعي وخلق جيل من الممثلين الجديد القادرين علي التعبير عن مشاكل العصر الحالي.

يتضح من الأرقام الرسمية أنه ورغم القفزة الكبيرة في عدد المسارح في بعض المحافظات, لكن للأسف وبشكل إجمالي تقلص عدد المسارح بشكل طفيف بين عامي 2018 و2019. ومثلما هو الحال مع دور السينما, انضمت محافظات جديدة مثل الغربية والإسماعيلية إلي المحافظات التي لا يوجد بها مسارح من الأساس مثل قنا ليصبح العدد الكلي للمحافظات المحرومة من المسارح إلي 14 محافظة.

الغريب في الأمر أن بعض المحافظات تنعدم فيها المسارح ودور السينما, كما أن عدم توافر تلك المنشآت لا يقتصر علي محافظات الصعيد بل يمتد شمالا وجنوبا وشرقا وغربأ. 

أما بالنسبة لعدد المترددين علي تلك المسارح, فقد شهد انخفاضا بنسبة تصل إلي 22.5 % من 892 ألفا إلي 691 ألفأ. الأمر الذي يشكل ناقوش خطر فادح جدا يجب العمل علي تداركه في الفترة المقبلة. بالمناسبة, يشكل الإنفاق علي الثقافة والترفيه أقل من 3% من إنفاق المواطن في مصر.

صحيح أن العصر تطور وأن الأدوات الإعلامية والثقافية تطورت, لكن إهمال قطاع كبير مثل قطاعي السينما والمسرح سيؤدي إلي كوارث لا قبل لأحد بها. والأمل كان معقود علي مؤسسات المجتمع المدني التي كانت تستطيع حل الأزمة أو تخفيفها في ظل غياب الدولة لفترة طويلة سابقة. لكن للأسف الشديد, من ضمن 50572 جمعية أهلية يوجد فقط 250 جمعية ثقافية أي نسبة لا تتجاوز 0.5 % ! الأكثر خطورة أن تلك الجمعيات الأهلية الثقافية يقتصر نشاطها في الأغلب علي تقديم دروس خصوصية (أي أنها تعمل كسناتر) أو كستار لانشاء معاهد تعليمية عليا.



مقالات ذات صلة

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *

زر الذهاب إلى الأعلى