آراء حرة

دكتور أحمد الشربيني يكتب.. اعرف صديقك


 عزيزي القارئ :إن مراتب الأصدقاء فى هذا الزمان على أشكالٍ وألوان منها ما يعلق في الأذهان ويسكن في سويداء الوجدان ومنها ما اعتراه النسيان وأمسى في خبر كان:

(١)فثمةصديق الدراسة يتصف بالود والكياسة والمحبة والدماسة…لاتغيره الأيام والسنون يبقى أبد الدهر خلك المصون…يتفقدك بين الحين والحين وتظل وشيجة المحبة قائمة إلى يوم الدين وتبقى صورتك فى عقله مقترنة بالصبا وأيام الفتوة والرضا .

(٢)وهناك صديق المصلحة توجهه المآرب والمنفعة أينما تطلبه لايأتى بخير ينكر فضلك ويجحد دورك ويقزم من قدرك ويطعنك فى ظهرك عند الشدة يفرق منك كما يفرق الطير ويحط على أغصان الغير حيث المطامح والخير يكثر عند الطمع ويفر عند الفزع تراه عند الفتن والمحن يقلب لك ظهر المجن ينساك إذا انتهت محطتك وينزل من قطار صحبتك لايعبأ بوفاء ولاثناء…صحبته أيام معدودات ولدغته تبقى لسنوات.

(٣) وثمةالصاحب الساحب جليسك فى الليل الهارب ينادمك المعاطب والمثالب تفتقده وقت الصلاة وتجده عند المباراة أو الملهاة ينفثك الكيد والمكر ويرديك الخنا و الفجر دينه العهر قبلته السكر مدمن بالليل وخائر بالنهار باطنه ويل وظاهره شنار يستنزف على المقهى مالك فى وجهك يستعذب كلامك وفى ظهرك يكثر من قدحك وملامك عجول فى الريبة والشكوك جسور فى المطامع والمخادع دوما إليها يتوق لا تأمنه على عرضك ولايسلم من مكره بيتك

عينه تبحث عن العورات وعقله يختزل الهنات ويكيل السقطات ويتمنى لك التردى فى الدركات فى المسجد تفتقده وفى الحانة وأوكار المهانة تجده حلاف متلاف هماز لماز مخلاف يمقت الصالحين ويحابى المنافقين ويسخر دوما من أهل التقى والدين جليسه شياطين الإنس ونديم لبه الإدمان والجنس إذا رأى لهوا انفض إليه وداوم عليه معرفته تنقص من قدرك ومخالطته تقوض بناء خلقك تعديك معاطبه وترديك مثالبه يحقر فقرك و يكره عسرك ويحسد غناك ويسرك سريع الغضب بطيئ الفيئ والسماحة أملق وجدانه من الصفح والصراحة إذا استغضبته كشف عن مسخ فى الخسة والوقاحة لا يجالس إلا السفهاء ولا يخالط سوى الدهماء ويحقر شأن العلماء والأولياء..وهو أغبى الأغبياء وأقبح الأخلاء!!

(٤) وثمةصديق السفر والغربة سمته النصح والمحبة حصنك ضد الأحزان ونديمك من أجل التصبر والتحمل والنسيان يشاركك طعامك وأحلامك وأفراحك وأتراحك ينسيك الهموم ويحلق معك فوق الغيوم أو يمخر عباب البحار واليموم هو عصاك التى تتوكأ عليهافى مغتربك و دليلك فى طريق بعدك وسفرك ناصح واضح لا قادح ولامادح وجهه مرآة ترى فيها كدك وتعبك و كفاحك ونصبك يذكرك دوما بأنك أب تقى ورع نقى ترك بلاده وأولاده وفارق زوجه وتلاده من أجل لقمة عيش خبزتها الغربة وأنصجتها المحنة والكربة هو مزجى الليالى الطوال وأنيس الخبرة والمقال قديرحل عنك بعد محطة أو محطتين وربما بعد يوم أو أعوام لكن صورته ستظل منقوشة على الدوام فى جدار الأذهان تستحضر سمتها فى حنايا الوجدان لأنه إنسان عاش تجربةرحلتك وركب سفينة غربتك ممسكا بأحد مجدافيها حتى استوت على جودى عودتك . 

(٥) وهاك الخل الوفى رفيق نقى صاحب تقى للعهد وفى وبالنصح صادق ندى يستر عيوبك ولايفضح عطوبك هو نعم الرفيق وقبلتك وقت الشدة والضيق لا ينافقك ولايداهنك ولا يقاطعك ولا يحسدك منصف فى حضور رحابك ودرعك فى ذهابك وغيابك يغبطك عند الخير ويرفع ذكرك عند الغير ويردأ عنك الشر ويصد عنك أهل الخسةالغدر يفيدك علمه ويثريك حلمه ويهديك صلاحه وفكره ،يقيم حجتك ويصل قرابتك ويوثق وشيجة محبتك يعينك وقت الفاقة ويقيل عثرتك عند الحاجة يتقبل الأعذار ويلبى نداءك فى الليل أوالنهار يحبك فى الله وسعادتك مناه وابتسامتك مبتغاه .والحمد لله الذى أنعم على بصديقين وفيين قلما يجود بمثلهما الزمان ويحيط بفضلهما وخصالهماسجل وديوان.

بقلم راجى عفو ربه

 د.أحمد الشربينى

مقالات ذات صلة

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *

زر الذهاب إلى الأعلى