توب ستوريسمير فرج

حوادث على الشريط الفضي .. السينما المصرية تفوقت على الواقع

لم تقتصر الأفلام المصرية على أفكار صناع العمل من مخرجين ومؤلفين، وأيضا لم تقف السينما المصرية علي عملية الاقتباس من الأعمال الأجنبية مثل القصص والمسرحيات والأفلام الإنجليزية والإيطالية والألمانية والفرنسية، بل امتد الفن السابع مصر إلي الواقع الذي أمد الشاشة الفضية بالعديد من الأعمال التي لاقت نجاحا كاسحا، وتحول بعض هذه الأعمال إلي علامات حقيقية مازالت راسخة في وجدان عاشقي هذا الحلم المسمي بالسينما.

“إحنا التلامذة” .. حدث ذات ليلة

فيلم “إحنا التلامذة” الذي تم عرضه لأول مرة يوم 12 أكتوبر من عام 1959 , وأخرجه القدير عاطف سالم , والذي ضم كوكبة من النجوم والأفذاذ علي رأسهم شكري سرحان وعمر الشريف ويوسف فخر الدين وفؤاد شفيق وميمي شكيب وآمال فريد وكمال حسين وزيزي مصطفي , ربما لايعلم الكثيرون أن الفيلم ماهو إلا تجسيدا لحادثة حقيقية وقعت بالفعل في منتصف الخمسينيات , عندما قام ثلاثة من الطلاب بالهجوم علي إحدي بارات وسط القاهرة , وقتلوا صاحب البار الأرميني ولكنهم لم يجدوا في خزانة البار أية أموال.

الغريب أن هؤلاء الطلاب تم القبض عليهم عندما فوجيء شاويش الدورية بهم يتشاجرون في وقت متأخر من الليل , ويتبادلون عبارات اللوم والعتاب بصوت عال , ليتم القبض عليهم واقتيادهم إلي قسم شرطة عابدين , وبعد انتهاء التحقيقات التي باشرها فرج الدري ـ وكيل النائب العام وأمين عام مجلس الشوري فيما بعد ـ تم الحكم علي كل منهم بخمسة عشر عاما , قبل تخفيف الحكم لصغر أعمارهم.
الأغرب أن من بين هؤلاء الطلاب شاب يدعي “أمين” , وهو الذي أطلق علي نفسه اسم سامي , بعد أن التحق بالعمل في التمثيل , وهو نفسه الشقيق الأصغر لشكري سرحان أحد أبطال الفيلم.

حكاية “عمو عزيز”

يعتبر فيلم “أين عمري” ,الذي أخرجه أحمد ضياء الدين وقامت ببطولته ماجدة بمشاركة القدير زكي رستم ويحيي شاهين وأمينة رزق , من أفضل قصص الكاتب الكبير إحسان عبد القدوس التي تم تجسيدها علي الشاة الفضية , ولكن عبد القدوس استوحي قصة الفيلم ـ الذي تم عرضه لأول مرة يوم 6 فبراير من عام 1956 ـ من حكاية شهيرة في الوسط الفني وهي قصة الفنانة ليلي فوزي , والمطرب عزيز عثمان.
وعانت ليلي فوزي بشدة من قسوة وصرامة والدها “التركي” , وكان عزيز عثمان صديقا لوالدها , وكان يعاملها بلطف ويحنوا عليها لدرجة أنها تعلقت به , وفوجيء والدها بعزيز يطلب ابنته للزواج في الوقت الذي كانت ليلي فوزي تنادي عزيز عثمان بـ”عمو عزيز”.

ووافقت ليلي فوزي علي الزواج , هربا من جحيم قسوة والدها , ولكنها ـ كما صرحت هي نفسها في منتصف التسعينيات ـ فوجئت بعزيز عثمان شديد الغيرة , وجعلها حبيسة المنزل , لتجد نفسها في كنف رجل لايختلف عن والدها كثيرا.

وما أثار الوقيعة بينهما تقدم أنور وجدي “الممثل الناشيء وقتها ” ليطلب يد ليلي للزواج علي أساس أنها ابنة عزيز عثمان.
ومن الواضح أن إحسان عبد القدوس استوحي شخصية ليلي فوزي لتلعبها ماجدة , وزكي رستم “عمو عزيز” , وأمينة رزق “والد ليلي فوزي” , ويحيي شاهين “أنور وجدي”.

حدوتة العتبة الخضراء
يستحق فيلم “العتبة الخضراء” أن يندرج ضمن علامات السينما المصرية , بعد أن أبدع ممثلوه وعلي رأسهم إسماعيل ياسين وأحمد مظهر وزينات صدقي وصباح وعمر الحريري , في أدوارهم , بجانب أن الفيلم ـ الذي تم عرضه لأول مرة في 15 مارس 1959 ـ أخرجه فطين عبد الوهاب الذي قدم العشرات من الأفلام الكوميديا التي وضعته في مصاف المخرجين نجوم الشباك , كذلك كتب القصة والسيناريو والحوار المبدع جليل البنداري.

والفيلم عن قصة حقيقية حدثت بالفعل في عام 1957 , وتناولتها صفحات الحوادث وقتها , عندما حضر إلي القاهرة قروي ساذج جدا , محملا بأموال كثيرة , أعجبه تمثال إبراهيم باشا بميدان الأوبرا , وأصر علي شرائه , ليقع في قبضة أحد النصابين الذي أوهمه أن التمثال ملكا له , وأنه يعرضه للبيع بشرط أن يتم شراء التمثال بالميدان , ليحصل هذا النصاب علي أموال القروي الساذج مقابل إتمام الصفقة مع وعد من النصاب بأن يبيع له نصيبه في محطة باب الحديد “رمسيس” في وقت لاحق , ليصبح المجني عليه علي يقين بأنه قام بشراء تمثال القائد إبراهيم باشا , مع ميدان الأوبرا , ليتم القبض عليه خلال اشتباكه مع بعض الجنود التابعين للبوليس لمحاولته منعهم الوجود في ملكه , وتكتشف الأجهزة الأمنية , بعد القبض عليه , أنه شديد السذاجة وأنه تعرض لعملية نصب , ليتم الإيقاع بالنصاب , وتستحوذ القضية علي أحاديث المصريين.

ورطة “فلوكس”


فيلم “البحث عن فضيحة” , الذي تم عرضه لأول مرة يوم 14 يناير عام 1973 بسينما مترو والمأخوذ عن فيلم “دليل رجل تزوج” , يمثل البداية الحقيقية لعادل إمام , الذي ظهر لأول مرة بطلا بعد أن خرج من عباءة السنيد والأدوار الثانية , وشاركه البطولة سمير صبري وميرفت أمين وكوكبة من النجوم أمثال عماد حمدي وزوز ماضي وميمي شكيب ويوسف وهبي وأحمد رمزي وتوفيق الدقن ومحمد عوض وجورج سيدهم.

ومن المشاهد الشهيرة في الفيلم , تقدم جورج سيدهم لخطبة نوال أبو الفتوح من زوجها صلاح نظمي , الذي اعتدي عليه بالضرب وقام بطرده.
واعترف الفنان المسرحي الكبير فاروق فلوكس بأنه بطل الواقعة الحقيقي , عندما كان مستقلا لترام في حي شبرا في مطلع الستينيات , ليجد فتاة جميلة ظن أنها تبادله نظرات الإعجاب , فراقبها حتي وصلت لمنزلها , ليتجرأ فلوكس ويدق باب المنزل ليفتح له زوجها قوي البنية , ليظن فاروق أنه والدها , ويحدثه عن جمال ابنته وإعجابه بها وأنه علي ثقة من إعجابها به , لينال فلوكس علقة ساخنة , ويفر ناجيا بحياته , بعد أن علم أنه يطلب يد الفتاة من زوجها.

“السفاح”


فيلم السفاح , الذي قام ببطولته هاني سلامة ونيكول سابا , وأخرجه سعد هنداوي , وتم عرضه لأول مرة عام 2009 , ينمض لقائمة الأعمال السينمائية المأخوذة عن قصص واقعية , لكون الفيلم ماهو إلا إعادة لقصة سفاح يدعي ” أحمد حلمي” , قام بجريمة بشعة تمثلت في إزهاقه أرواح أفراد اسرة بالكامل في حي المهندسين , عام 1991 , وتحديدا في شهر يناير , وبعد القبض عليه اكتشفت جهات التحقيق أنه ينتمي لأسرة أرستقراطية شديدة الثراء وأنه خريج مدرسة فرنسية عريقة وشهيرة , ورغم ذلك قام “أحمد” بسرقة منزل المطربة شريفة فاضل وعمره 14 عاما.
وحاول والده القيام بحملة دعائية مكثفة لإظهار ابنه في ثوب المريض النفسي , غير المسئول عن تصرفاته , وامتد الأمر إلي إلقاء الأب للتهمة علي زوجة ابته العراقية “مانويلا عبد الملك” , التي كانت كثيرة الطلبات من نجله والضغط عليه.

ولكن فشلت محاولات الأب لإنقاذ ابنه الذي كان مصيره الإعدام في صيف عام 1992.

محمد رشوان

مقالات ذات صلة

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *

زر الذهاب إلى الأعلى