آراء حرةاجتماعيات

د.م. هاني عيسى الفقي...يكتب (النخلة Vs الشجرة)

النخلة Vs الشجرة

ستظل مسألة التشجير هي شغلنا الشاغل سواء ماضياً أو حاضراً أو في المستقبل۔ فمع التطور الهائل في تكنولوجيا الحياة بكافة نواحيها يتولد لدينا تلوث متعدد الجوانب ومختلف التأثيرات۔ أهمه على الإطلاق تلوث الهواء وكذا التلوث البصري والذي يمس الإنسان بشكل مباشر۔ ونظراً للإتجاه المحلي في ضرورة التشجير، وهذا ما نجده على نطاق واسع في التشجير بواسطة النخيل، فإني أرى ضرورة المفاضلة بين التشجير بواسطة النخيل والتشجير بواسطة الأنواع المختلفة من الشجر۔

دعونا نتخيل أحد الشوارع وقد تمت زراعة أحد جانبيه بالنخيل وعلى الجانب الآخر بالشجر۔ سنجد عدة متناقضات بين التشجير بالنخل والشجر۔

فالتشجير بالنخل يعطينا نقاط محددة على أبعاد محددة من الظلال فضلاً عن كونه ذو إرتفاعات عالية نسبياً بالإضافة إلى الناحية النفسية عند رؤية النخيل والتي توحي وبشكل مباشر بالتواجد في صحراء، أما التشجير بالشجر فنجد أن تداخله وتمازج أوراقه يعطي نسبة ظلال ممتازة لحجب أشعة الشمس فضلاً عن أنه يقوم بترطيب الأجواء وتقليل درجات الحرارة من حيث التبريد الناتج عن طريق عملية البخر لقطرات المياه هذا بالإضافة إلى شكله الجميل والمريح للأعصاب بألوان أوراقه المزهرة على مدار العام والرائحة المميزة التي تعطي مجال من الراحة لكونه ذو إرتفاعات قصيرة نسبياً قريبة من حجم الإنسان۔ ومن أهم مميزاته أيضاً إمكانية تنوع أشكاله وألوانه طبقاً لمكان زراعته وبالطبع إمكانية التشجير بأشجار مثمرة، فيمكن قصه وتقليمه بأشكال هندسية لتحديد الطرق على المحاور السريعة، ويمكن تركه ينمو بشكله العشوائي مما يعطي مساحات ظلال وفيرة بالشوارع الداخلية بالمدن ومناطق المتنزهات، مما يؤدي إلى إمتصاص أكبر لثاني أكسيد الكربون وإنبعاث هام للأكسجين۔ فضلاً عن فرصة تجمع الطيور المغردة بكافة أنواعها على هذه الشجيرات مما يعطي اندماج الصورة واللون والصوت في جو بديع۔ وهذا ما يؤكد نظرية ضرورة أن تتكون أي مدينة من ثلاث ألوان تتمثل في اللون الرمادي للمباني والمنشآت واللون الأزرق للبحيرات والأنهار وحتى النافورات واللون الأخضر المتمثل في التشجير ولنترك النخيل لأماكنه الطبيعية والمنطقية كمحددات للطرق السريعة خارج المدن أو لمزارع النخيل المثمرة بالمناطق الحارة۔ وبالطبع هناك من سيتحدث عن شح المياه والري، وله نقول أن كل هذا التشجير يتم ريه بالمياه الرمادية العكرة الناتجة من معالجة المياه سواء الناتجة من الصرف الصحي أو أي مياه ناتجة عن مخلفات صناعية أو غيرها من المياه الغير صالحة للشرب۔ وهو ماسيؤدي بنا إلى الحديث عن وحدات معالجة المياه والذي تخطو فيه الدولة بشكل جاد۔

د.م. هاني عيسى الفقي

أستاذ وإستشاري التخطيط الحضري

مقالات ذات صلة

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *

زر الذهاب إلى الأعلى