إبداعات أدبية

ديما المصري تكتب..رحيل أم (قصة قصيرة)

 

 

طغى الصمت في أرجاء المنزل العتيق، ولم تعد تلك الروائح الشهية تفوح من مطبخه المهجور التي اعتاد أهل المنزل على استنشاقها كل صباح، روائح تزكم أنوفهم وتبعث في نفوسهم شيء من البهجة والسرور، 

غابت الروح الجميلة عنهم، وخبى صوتها الشجي، ولم يبق لهم سوى ذكريات رقيقة تداهمهم كلما مرت بهم رائحة الياسمين، بات المكان خاليا باردا كأن الحياة غادرته برحيلها، وقد كان فيما مضى عامرا بالصخب والضحكات، لكن أيام الفرح ولت وحل محلها الحزن. 

لا يكاد ينقضي يوم دون دموع، خاصة في لحظات الصباح الأولى، عندما يفتح سكان المنزل عيونهم على رائحة النباتات العطرية المزروعة في الحديقة، وكلهم أمل بأن يختفي هذا الكابوس الأسود، وتدخل عليهم بصخبها المعتاد وهي تغني بصوتها العذب إحدى أغنيات فيروز؟! 

من كان يصدق بأنها غادرت عالم الأحياء قبل شهر؟ لقد كانت تمثل كل ما هو جميل بالنسبة لهم، وبغيابها حياتهم أصبحت رمادية كئيبة خالية من ألوان الفرح، كأنها كانت تتحكم حتى بألوان الحياة؟؟ 

كم هي قاسية قوانين الحياة، فهي تلقي بالبشر على ضفاف خاوية، حفات عرات وتجبرهم على إختبار كل أنواع العذاب والمر، وتدفع بهم نحو مستقبل مظلم وتترك لهم إختيار طريق واحد دون مساعدة. 

لكن تلك الأم فضلت تحدي تلك القوانين واختارت إمساك خيوط سعادة عائلتها بيديها، لتعينهم على تجاوز العقبات والخيبات ببسالة، لكن قوانين الحياة الصارمة انتزعتها منهم باكرا وألقت بهم مجددا في العراء؟

مقالات ذات صلة

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *

زر الذهاب إلى الأعلى