آراء حرةالجيش والشرطة

دور خبراء المعمل الجنائي للكشف عن الحقيقه لتأكيد العدالة

لم يكن تحقيق العدالة يوماً بالأمر السهل أو الهين فمنذ البداية كان دائماً الحكم بيد الأنبياء لإرساء العدل بإرشاد إلهي، لكن الآن أضحت هذه المهمة بيد العدالة القضائية تلك السلطة التي تحتاج لإتخاذ قرارها  إلى معظم بل كل الأدلة الممكنة وحتى الغير متاحة لإتخاذ القرار السليم، لهذا فإن هناك جيش قائم ومتنوع وذو قدرة وبأس للحصول إن أمكن على كافة الدلائل الظاهرة والغير الظاهرة .
المعمل الجنائي هو واحد بل ومن أخطر مراحل هذا الجيش القائم، فهو المكان الخاص جداً حيث يكشف عن أدلة قد يظن المجرم أنها لم تكن موجودة من الأساس وهو لايعلم انه سهوا ترك مايدل عنه، ولأجل أن نتعرف أكثر على هذا الدور الهام والخطير كان لنا اللقاء مع دكتور عاطف عبد الجليل كبير خبراء المعمل الجنائي….أهلا بيك يادكتور

كخبير للادلة الجنائية ما هي اهمية الاثبات الجنائي في الجرائم علي مختلف انواعها قتل او سرقه او تزوير..الخ؟ 
الإثبات الجنائي هو إقامة الدليل لدى السلطات المختصة بالإجراءات الجنائية علي حقيقة واقعة ذات أهمية قانونية ، وذلك بالطرق التي حددها هذا القانون ورفق القواعد التي أخضعها لها وبالتالي فان نطاق الإثبات الجنائي لايقتصر علي إقامة الدليل أمام قضاء الحكم – بل انه يتسع لإقامته أمام سلطات التحقيق بل وسلطات الاستدلال أيضا .
وتسعي وسائل الإثبات جميعا إلي كشف الحقيقة بالدليل حتى يطمئن القاضي ويستقر ضميره وتبني احكامة علي الجزم واليقين كما تجعل جمهور المواطنين يطمئن الي عدالة القاضي وينعكس ذلك ايضا علي المجرم باصلاحه وتقويمه ويصيب ذوي ذوي الجزم الخطورة الإجرامية الكامنة بإحباط نحو تفكيرهم في ارتكاب الجريمة ويجعلهم ينصرفون إلي الحياة من كسب حلال ناتج من عمل شريف .

اذن هدف الاثبات الجنائي هو تاكيد التهمه علي المتهم أو تبرئته بالدليل المادي ؟

نعم فالإثبات الجنائي يهدف إلي ضرورة التوصل إلي كشف الحقيقة الموضوعية الواقعية وذلك من خلال معرفة حقيقة الواقعة الإجرامية والوقوف علي تركيبها كما حدثت في الواقع فتهدف قواعد الإثبات الجنائي الي البحث فيما إذا كان من الممكن أن يتحول الشك إلي ” يقين ” فالاتهام يبيتدي في صورة شك في شخص او مجموعة اشخاص بانهم ارتكبوا الجريمة وتقوم قواعد الإثبات بعد ذلك بتمحيص هذا ” الشك ” وتحرى الوقائع التي انبعث عنها هذا الشك لنصل في النهاية بما إذا كان قد تحول هذا الشك إلي ” يقين ” تبني عليه الادانه أم أن ما أمكن الوصول إليه بتطبيق قواعد الإثبات لم يفلح في ذلك فيبقي الشك علي حالة ومن ثم يستحيل الادانه فقواعد الإثبات تهدف علي تحقيق هذا الغرض في إطار مبدأين .
المبدأ الأول :
الحرص علي أن يجئ الدليل المستخلص صادقا اى متضمنا اكبر قدر من الحقيقة بحيث يكون الحكم المعتد به اقرب مايكون إلي العدالة ومن أمثلة القواعد التي تصدر عن هذا المبدأ اشتراط حلف اليمين قبل أداء الشهادة .
المبدأ الثاني :
مشروعية التنقيب عن الدليل وتقديمه والحرص علي ألا يتعارض التنقيب عن الدليل مع الحريات العامة والكرامة البشرية للمتهم ومن أهم القواعد التي ترتبط ارتباطا وثيقا بهذا المبدأ استبعاد التعذيب والاحتيال للحصول علي اعتراف المتهم بجريمة .

مادور خبير الادلة الجنائية في اثبات او نفي الدليل ؟
لخبير الادلة الجنائية دور كبير وبارز في اثبات او نفي الدليل عن المتهم فخبير الادلة الجنائية هو من يقوم بمعاينة مسرح الجريمة ورفع الاثار الموجودة به والتحفظ عليها بعد تحريزها طبقا للطرق العلمية الحديثة المتبعة في ذلك ونقل تلك الاثار الي المعامل تمهيدا لفحصها علميا بواسطة الاجهزة العلمية المختلفة وعقب الفحص الدقيق لهذه الاثار يقدم لجهات التحقيق تقريرا متضمنا الاسانيد العلمية التي تدين او تبرأ المتهم .

في هذه الحالة مسرح الجريمة يكون له اهمية كبيره في اقامة الدليل علي المتهم؟
بالتاكيد مسرح الجريمة له اهمية كبري في اقامة الدليل علي المتهم فهو يكشف ماديا عن وقوع الفعل الإجرامي أو عدم وقوعه وكونه جنائيا من عدمه وهل الجريمة عمديه او تمت بفعل فاعل أم وقعت بنوع الخطأ كما يوضح مسرح الجريمة ايضا ظروف وملابسات الجريمة ومدي علاقة المتهم بها ويحدد مكان وزمان ارتكاب الجريمة وسببها وكيفية حدوثها والأداة المستخدمة في ارتكابها والوصف القانوني لها كما ان المعاينة لمسرح الجريمة تلقي الضوء علي الأماكن الواجب تفتيشها والأشياء اللازم البحث عنها وضبطها ونوعية الخبراء المطلوب الاستعانة بهم والشهود اللازم سماعهم وكيفية دخول الجاني الي مسرح الجريمة وكيفية خروج الجاني منه كما انه يبين عدد الجناة ودور كل منهم في حالة التعدد ومعرفة الجاني السابقة بمكان الحادث وعلاقة الجاني بالمجني عليه وفي حالة حوادث إطلاق النيران يبين مكان الجاني والمجني عليه والمسافة بينهما وهل حدثت مقاومة من المجني عليه من عدمه كما ان المعاينة الدقيقه لمسرح الجريمة تؤدي الي تحديد شخصية الجاني وذلك من الآثار المادية التي يتركها بمكان ارتكاب الجريمة كما توضح كثيرا من عاداته مثل تدخين السجائر فنجد أعقاب السجائر ملقاه ومنها نعرف نوع السجائر وصفاته وحرفته وامراضة ( تحليل اثر البصاق أو الدم ) كما كما اننا نجري تحليل البصمة والوراثية ( D.N.A ) علي اللعاب المتروك علي أعقاب السجائر ومنها نعرف شخصيته .

من خلال حديثك عن اهمية مسرح الجريمة هل يمكن لخبير الادلة الجنائية تحديد الاسلوب الاجرامي للمتهم ؟
نعم بالتأكيد من خلال المعاينة الدقيقة لمسرح الجريمة يمكن للخبير الفاحص تحديد كيفية ارتكاب الحادث والأسلوب الإجرامي المستخدم في ارتكابه وطريقة دخول المتهم لمسرح الجريمة وطريقة خروج المتهم من منه فلكل مجرم أسلوب إجرامي اعتاد عليه فهناك من المجرمين من يستخدم إمكانياته العقلية ومنهم من يستخدم امكانياته الجسمانية فلكل مجرم بصمة نفسية تؤدي به الي عادات معينة يرتكبها في مسرح الجريمة ومن هنا نتبين اسلوبه الاجرامي .

من خلال كلامك عن اهمية مسرح الجريمة بما تنصح المواطن عند اكتشاف حادث سرقه او قتل او حريق … الخ؟
إن أي مكان ترتكب فيه جريمة يمثل في الواقع التحركات والتصرفات التي تطرأ بداخله أثناء ارتكاب الجاني أو الجناة للفعل الإجرامي فمسرح الجريمة هو مكان ارتكابها الرئيسي وهو مقصد المجرم لارتكاب جريمته يدخل إليه بوسيلته الخاصة ويبقي فيه فترة من الزمن يعبث بمحتوياته وقد يلتقي بالمجني عليه ثم يغادره محققا هدفه من الجريمة أو يخاب أمله في ذلك فمكان مسرح الجريمة الرئيسي هو مستودع السر لما ارتكب من أفعال بداخله وهو الشاهد الصامت علي الجناة وهو المكان الحقيقي والفعلي والرئيسي الذي ارتكبت فيه الجريمة وماعدا ذلك من الأماكن التي يعثر فيها علي دليل أو أثار متعلقة بالحادث فجميعها في الحقيقة مبعثها الرئيسي للتوصل إليها هو المسرح الحقيقي للجريمة ويمكن أن نطلق عليها الأماكن المتصلة بالحادث ويدخل في نطاقها ( الطريق المؤدي إلي مسرح الجريمة والذي سلكه الجاني أو الجناة – طريق مغادرة الجاني أو الجناة لمسرح الجريمة – أماكن الإخفاء ) وانا انصح أي مواطن يكتشف جريمة بان لايعبث في محتويات مسرح الجريمة لحين حضور السلطات المختصة للتحفظ علي مكان الجريمة لحين وصول الخبراء المتخصصين .

بكدا مسرح الجريمة بيكون مكان شديد الفعالية للكشف عن الجريمة مما يدعوا للتحفظ الجيد عليه بماذا تنصح كخبير ادلة جنائية للتحفظ علي مكان مسرح الجريمة ؟
هو اول شئ بيعمله المبلغ بعد ابلاغ السلطات انه لايدخل المكان ولا يسمح لاحد ان يدخله لحين حضور السلطات وتوجد العديد من الاحتياطات التى تقوم بها السلطات والتي تسبق حضور الساده خبراء الادلة الجنائية لفحص آثار مسرح الجريمة وأهمها عمل كردون حول مسرح الجريمة ومنع دخول أي شخص مهما كان شخصيته قبل حضور المختصين بالفحص مع عدم استعمال التليفونات الموجودة بمسرح الجريمة وعدم استعمال صنابير المياه او الحمامات به بالاضافة لعدم تناول المأكولات أو المشروبات بمسرح الجريمة وعدم التدخين به مع عدم إلقاء مناديل التنظيف ( المناديل الورق ) بمسرح الجريمة
وعلي المستجيب الاول من السلطات المختصة سرعة الاستجابة وتلقي المعلومات وعند وصوله لمسرح الجريمة يجب عليه تدوين المعلومات : مثل ( عنوان وموقع ووقت وطبيعة البلاغ – الأشخاص المشتبه فيهم ) الاقتراب بحذر من الموقع ومسح كافة المنطقة قبل دخول الموقع وملاحظة إمكانية وجود مسرح جريمة آخر ثانوي أو شخصي أو سيارة متصلة بالجريمة ولا بد ان يتوفر له الحيطة والحذر واعتبار أن الجريمة جارى تنفيذها وان الموقع مازال مسرح جريمة حتى ثبوت العكس أما من ناحية الاجراءات الامنية فلابد له من التأكد من عدم وجود تهديد حال للمستجيبين الآخرين اللذين سيتوافدون علي مسرح الجريمة وعليه ان يقوم بمسح المنطقة باستعمال الحواس ( النظر- والسمع – والشم ) للوقوف علي مصدر اى خطر ( مواد خطرة مثل الوقود والمفرقعات ) وإذا كان الخطر يتعلق بأسلحة بيولوجية أو إشعاعية فيجب عليه الاتصال بالجهة المسئولة عن التعامل معها قبل دخول الموقع كما يقوم باستطلاع الموقع بحثا عن أشخاص خطرين والتعرف علي كافة الأشخاص بالموقع مثل المشتبه فيهم والشهود وتأمينهم ( التحفظ عليهم بمكان أمن ) ولا بد له من إحاطة القيادة بالموقف وان يقوم بمساعدة الضحايا لإبقائهم أحياء وتوفير العلاج الأولي لهم .
وعند وصول فريق العمل من السادة الخبراء حسب نوع الجريمة يكون اقدم خبير ضابطا لمسرح الجريمة ويقوم بتقييم الموقع وتقييم الناحية الأمنية والعوامل التي قد تؤثر علي باقي الفريق وتحديد ممر واحد لدخول وخروج الأشخاص المصرح لهم بالتواجد بمسرح الجريمة وتحديد أولويات دخول الخبراء الفاحصين علي ان يقوم بأقامة منطقة مؤمنه مجاورة للموقع للتشاور بين الخبراء وفي حالة تعدد مسارح الجريمة يجب توفير الاتصال مع الخبراء بتلك المواقع كما يقوم بإقامة منطقة مؤمنه لتخزين الأدلة وحمايتها والتأكد من تحديد شهود الحادث وعزلهم عن باقي الجمهور والتحفظ علي تحقيق شخصيتهم كما يقوم بحماية الأثار والمحافظة عليها لحين رفعها من مسرح الجريمة وتحديد زمن العثور على الأثر وبيان مكان العثور على كل أثر على حدة وتمييز الآثار وترقيمها والعناية بالآثار وعدم الخلط بينها .

هل يقوم بمعاينة مسرح الجريمة خبير واحد ؟
بالتأكيد مش خبير واحد اللي بيقوم بمعاينة مسرح الجريمة بل يقوم بمعاينته فريق متكامل من السادة الخبراء المتخصصين فأن تشكيل فريق أو مجموعة عمل لمعاينة مسرح الجريمة مرتبط بنوعية القضية أو الجريمة المراد معاينتها .. فمثلا .. إذا طلب انتداب وانتقال خبراء المعمل الجنائي لمعاينة حادث سرقة فان مجموعة العمل تتكون من خبير استكشاف ومعاملة البصمات وخبير تصوير ورسم هندسي وخبير فحص آثار الآلات
أما إذا كان حادث السرقة مقرونا بجريمة قتل فان مجموعة العمل تتكون من خبير استكشاف ومعاملة البصمات وخبير الفحوص البيولوجية وخبير تصوير ورسم هندسي وخبير فحص آثار الآلات وخبير فحص آثار الأسلحة ( إذا كان القتل بسلاح ناري أو سلاح ذات نصل ) .. وهكذا كل جريمة ينتدب خبراء مجموعة العمل حسب نوعها

هل لديكم قواعد او نظريات علميه تساعدكم وتعملون بها خلال معاينتكم لمسرح الجريمة ؟
نعم بالتأكيد فخبير الادلة الجنائية او الطب الشرعي لا يعمل عشوائيا بل يعمل بنظريات وأسس وقواعد علميه فلابد من اقامة الدليل ببرهان علمي يؤكد صحة رأي الخبير فالخبير قاضي يحكم بالعلم ويصيغ نتائج علمه التي استخرجها من الاثار المرفوعة من مسرح الجريمة بعد فحصها علميا في تقرير للقاضي ليحكم بالقانون ومن النظريات العلميه الاساسيه التي نستخدمها نظرية تبادل الأثر : وهي أن كل جسم يتلامس مع جسم آخر لابد أن يأخذ منه ويعطيه ففي عام 1928 وضع العالم الدكتور اديمون لوكارو نظرية تبادل الأثر وهي تنص علي أن ( كل تلامس لابد أن يترك اثر ) من هنا بدا تطبيق تلك النظرية في علم مسرح الجريمة فالمجرم لابد أن يترك اثر في مسرح الجريمة يدل عليه وان يحمل منه اثر ينبأ عن سبق وجوده فيه
بل ليس الإنسان وحده هو الذي يترك آثاره الذاتية بمحل ارتكاب جريمته مثل بصمة أصبعه أو طبعة قدمه أو راحة يديه أو بقعة من دمه أو سلخه من جلده أو شعره من رأسه .. لكن السلاح الذي شرعه أو الآلة التي استخدمها تترك آثارها الذاتية كذلك فالعيار الناري يحمل اثر السلاح الذي أطلق منه والسكين والبلطة والفأس والمقص والأجنة ومقصات الخزائن وغير ذلك من الآلات القاطعة والراضة مثل الشاكوش يترك استخدامها أثره الذاتي المميز والتي يمكن عن طريق اجراء المضاهاة الفنية الميكروسكوبية باستخدام جهاز الميكروسكوب المقارن مقارنة آثار هذه الآلات مع الآثار المتخلفة علي الأشياء التي استخدمت في إحداث العنف بها كذلك نظرية الفردية العامة أي انسان او الة تنفرد بمواصفات تختلف عن غيرها وأن المميزات والخواص التي تكون في شخص او الة لا يمكن أن توجد مجتمعة بكل صفاتها العامة وعناصرها فى شخص آخر او الة اخري ايضا درجة ذكاء الجاني فأن الأشخاص تختلف درجة ذكائهم من شخص للأخر فهناك الذكي جدا ومتوسط الذكاء وقليل الذكاء وان الجاني مهما وصل درجة ذكائه لابد ان يترك اثر يدل عن شخصيته لان تركه لهذا الأثر يكون دون تدخل ذكائه بل لا إراديا (أي خارج عن نطاق إرادته ) فممكن ان يكون نتيجة لاحترافه حرفه معينه أو مداومة استخدامه لااله معينة

 

 

 

 

دور خبراء المعمل الجنائي للكشف عن الحقيقه لتأكيد العدالة

مقالات ذات صلة

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *

زر الذهاب إلى الأعلى