آراء حرة

دكتور محمد علي الطوبجي يكتب..كل طرق الحل للخروج من أزمة الحرب الإسرائيلية على غزة تبدو مسدودة تماما

كل طرق الحل للخروج من أزمة الحرب الإسرائيلية على غزة تبدو مسدودة تماما.فكل الأجهزة والمؤسسات الدولية المنوط بها التعامل مع مشكلات الحروب والصراعات الدولية المسلحة بمجلس الأمن الدولي متوقفة رغما عنها وغير قادرة على إدارة أزمة هذه الحرب والتعامل معها بدرجة عالية من الفعالية والحضور على غرار ما كانت تقوم به في العديد من النزاعات الدولية السابقة. وآليات التفاوض الدبلوماسي المباشر بحثا عن تسوية توافقية معطلة هي الأخرى، لأنها لا تجد تحت يدها ما يمكن الأطراف المتنازعة التفاوض عليه في ظل تعارض المواقف وتباعدها عن بعضها بما لا يترك مجالا للحلول الوسط. والمجتمع الدولي شرقا وغربا لا يعير هذه الحرب اهتمامات كافيا لغياب الإحساس لديه بأنها تشكل تهديدا خطيرا للسلم والامن الدوليين، وأنه إذا كان يتعاطف مع ما يحدث للفلسطينيين في غزة، فإنه يفعل ذلك من منطلق إنساني بحت لا علاقة له بأي شيء آخر. والأطراف العربية لا يجمعها ببعضها موقف واحد أساسه رؤية عربية مشتركة حول كيفية التحرك استراتيجية عربية متكاملة على مختلف المحاور الإقليمية والدولية لوقف هذه الحرب والانطلاق منها بحثا عن حل توافقي لهذا النزاع الإقليمي الخطير…وعلاقات القوى الكبرى ببعضها يشوبها الكثير من التوتر والخلاف لأسباب لا علاقة لها بهذا النزاع.، فضلا عن أن روسيا غارقة في حربها في أوكرانيا، كما أن للصين أجندتها الدولية الخاصة والتي لا تدخل حرب إسرائيل على غزة من ضمن اهتماماتها وأولوياتها المتقدمة. وأما بالنسبة لتركيا وإيران كقوى إقليمية قريبة من غزة وما يدور فيها، فإنهما ليستا على استعداد للتورط في هذه الحرب، ولهذا فإنهما تكتفيان باستنكار ما يحدث من فظائع وانتهاكات إسرائيلية ويشددان على أهمية دور المجتمع الدولي في وضع حد لها.. الجبهة الفلسطينية المنقسمة بين غزة ورام الله وبين حماس والسلطة الوطنية ما تزال على حالها ولم تتغير برغم الكارثة التي حاقت بغزة اخيرا.. وعلى الجانب الآخر، فإن الحكومة العنصرية المتطرفة في تل أبيب تدير حربها على غزة على اساس ان في تدميرها وابادة شعبها وطرده من أرضه ضمان الحياة للاسرائيليين..ومن أنه لا مجال للتفاوض حول أية حلول وسط مع الفلسطينيين.. او كما قال وزير الدفاع الإسرائيلي جالانت أنه لا مستقبل لإسرائيل في الشرق الأوسط ما لم يتم القضاء نهائيا على حماس وإخلاء غزة منها.. وهو ما يعني أننا أمام منظور صفري في إدارة إسرائيل لصراعها المسلح الراهن مع الفلسطينيين.. صراع لا مكان فيه للآخر..وإنما فيه نفيه وابادته.  هذا بينما تتدفق الأسلحة على إسرائيل من امريكا وشركائها الأوروبيين كل يوم بلا توقف، وما نعلمه عنها اقل بكثير مما لا نعلمه وهو ما يدعم من قدرة إسرائيل على مواصلة حربها في غزة الي مدى طال كثيرا بالفعل عن كل ما اعتادت عليه في كافة حروبها السابقة والتي كانت كلها حروبا سريعة وخاطفة كان لسلاحها الجوي بشكل خاص الدور الأكبر في حسمها في بضعة ايام يعقبها وقف إطلاق نار دائم في معظم الأحوال..وليباشر مجلس الأمن الدولي دوره بعدها على نحو ما حدث في حروب ١٩٥٦، و١٩٦٧، و١٩٧٣..  وازاء كل هذه المعطيات والاوضاع والمعوقات على كل المحاور والجبهات، فمن اين يمكن أن يأتي الطريق إلى الحل لوقف حرب هي الابشع والافظع والأكثر لا انسانية من بين كل الحروب الدولية التي شهدناها خلال عقود طويلة والتي كانت تدور كلها بين دول وجيوش نظامية، وليس بين دولة مدججة بالسلاح التقليدي والنووي حتى اسنانها وشعب صغير مسالم اعزل لا يملك سلاحا واحدا يدافع به عن نفسه الا إيمانه بقضيته العادلة وبحقه في الحياة الحرة كغيره من شعوب العالم.؟

 

دكتور/  محمد علي الطوبجي

مقالات ذات صلة

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *

زر الذهاب إلى الأعلى