علاء رزق

دكتور علاء رزق يكتب..الإقتصاد المصرى بين وتيرة التوتر وركيزة الإستقرار (١)

 

دكتور علاء رزق

رئيس المنتدى الإستراتيجى للتنمية والسلام

لا شك أن الأوضاع السياسية المتفجرة في المنطقة بحكم العدوان الصهيوني على غزة، قد نشطت الدور السياسي المصري، وجعلت صندوق النقد الدولي أكثر مرونة تجاه الحكومة المصرية. فقد أعربت مديرته، كريستينا جورجييفا، عن دعمها الخطوات الإقتصادية التي تقوم بها مصر، واستعداد الصندوق لرفع قيمة القرض المتفق عليه، كما أشارت في تصريحاتها في قمة المناخ بالإمارات إلى عدم إصرار الصندوق على ربط دعمه لمصر بتحرير سعر الصرف، ما يعني أن مصر لن تكون مضطرة لتحرير سعر الصرف قبل الحصول على القسط الثاني من القرض، وقيمته 700 مليون دولار.أيضاً، بدورها، بدت دول الخليج أكثر حرصاً على مساندة الاقتصاد المصري في هذه المرحلة، حتى وإن اقتصرت هذه المساندة، حتى الآن، على تجديد أجل ودائعها في المصرف المركزي المصري. ولكن يجب أن ننتبه جيداً إلى أن المرونة التي يبديها صندوق النقد الدولي ودول الخليج تجاه دعم الإقتصاد المصري، بعد خطاب متشدد، ترتبط بشكل واضح بالتوتر الذي تشهده المنطقة على خلفية العدوان الإسرائيلي على قطاع غزة ، وأهمية دعم إستقرار النظام المصري، وتعزيز دوره النشط في الوساطة، ما يعني أنها مرونة مؤقتة يمكن أن تزول مع تراجع هذا التوتر .

ولكن فى مقابل هذا التوتر على الحدود الشرقية، نجد أن الإستقرار السياسي الناجح نتج عنه التفكير في كيفية إستكمال عملية القيام بالإصلاح الاقتصادي والاجتماعي. وهو ما بدا واضحاً بعد انتهاء الإستحقاق الدستوري الخاص بإنتخاب رئيس الجمهورية ، فقد أظهرت نسبة المشاركة العالية والقياسية التى وصلت إلى 66,8% إصرار المجتمع المصري على توصيل رسالة تحمل كل معاني الثقة ،والدعم، والقبول، والتأييد، والتفاؤل، بما هو قادم من أجل مواجهة التحديات والمخاطر التي من المتوقع أن تواجهها الدولة المصرية نتيجة الأزمات العالمية والإقليمية المتشابكة والمتعاظمة.

وبالتالى فإن الإنتخابات الرئاسية 2024 هي الإستحقاق الأهم في الدولة المصرية، حيث لعب الإقبال المتعاظم للناخبين دوراً هاماً في رؤية العالم الخارجي للإستقرار في الدولة المصرية.وهى أحد أهم النجاحات التى أفرزتها السياسة الخارجية المصرية التى اتسمت طوال السنوات التسع الماضية بالمرونة والإتزان والإلتزام بالمصالح الاقتصادية، عبر العمل على توفير استثمارات والانفاق على البنية التحتية بمبالغ بلغت اكثر من 9.4 تريليون جنية خلال الفتره من عام 2014 إلى عام 2023 لضمان تحسين جودة الحياة للمواطن المصري، وللعلم فإن هذا المبلغ خلال التسع سنوات الماضيه لا يتجاوز 22% من الناتج المحلي الإجمالي لمصر خلال هذه السنوات ،وبعبارة أخرى فإنه لا يتعدى الحد الادنى للدول التي نجحت تجربتها التنموية مثل دول جنوب شرق آسيا ،وبالتالي فإننا نرى أن الدولة المصرية عازمة كل العزم على تنفيذ المخطط الإستراتيجي للتنمية الذي يقوم على زيادة عدد المدن الجديدة إلى أكثر من 40 مدينة ذكية، وربطها بمساحات شاسعة من الأراضي الزراعية تستطيع مصر معها أن تحقق الهدف بإستصلاح أراضي تصل الى 17 مليون فدان ،تكون قادرة معها على تعزيز الامن الغذائي، وتوفير الإحتياجات الأساسية ، وبالتالي تحقيق وتوفير مظلة الحماية الاجتماعية لأبناء الوطن. ولا شك ان إقامة مجتمعات صناعية تكون قادره على تحقيق هدف مصر من توطين الصناعة المصرية وتعميق هذا الطلب عبر تعظيم الموارد المتاحة والاستخدام التكنولوجي، والذى يمثل أضلاع مثلث عملية الإصلاح الإقتصادى الثانية خلال الفترة من نوفمبر 2021 إلى نوفمبر نوفمبر 2025 ، وبالتالي فإنه يمكن القول أننا أمام تحديات كبيره فرضت علينا ، ولكن الشعب المصري وبقيادتة الحكيمة الواعية تدرك تماماً ان الإصطفاف الشعبي في الانتخابات الرئاسية الماضية ستكون هي الداعم الحقيقي لمواجهة هذه التحديات ،وعلى الرغم من أن هذه التحديات قد فرضتها الأزمات العالمية على الاقتصاد المصري، إلا أنها ولدت عددا من الفرص التي ساعدته على التصدي لتلك الأزمات والتخفيف من حدتها ووطأة تداعياتها، وأن إستكمال إنجاز تحقيق الأهداف التنموية أصبح أمراً متعلقاً بالأمن القومي المصرى ، ولذلك نرى أن تحقيق هذه الأهداف يجب أن يتعلق بركيزة تحقيق اقتصاد مزدهر عبر استثمار طويل الأجل وهو ما يتطلب قيام مؤسسات الدولة المعنية بالعمل على:

تعظيم القدرات الاستثمارية وتوفير والإعلان عن الفرص الإستثمارية المتاحة بصورة أكثر شفافية،

كذلك إطلاق قطاعات واعدة تضيف للإقتصاد المصري وتعمل على تقليل مؤشرات البطالة والفقر ، وأيضاً الإسراع فى إستكمال خصخصة الخدمات الحكومية.

أما الركيزة الثانية فهى : وضع إستراتيجية لتحقيق أفضل توجة وطنى نحو الإندماج في الاقتصاد العالمى ، والإنفتاح على الأعمال ويكون ذلك عبر :

تحسين بيئة الأعمال ، إعادة تأهيل المدن الاقتصادية،وإقامة مناطق اقتصادية خاصة، أيضاً زيادة القدرة التنافسية لقطاع الطاقة ليكون مركزا إقليمياً لمصر. مع اليقين بأن الدعوة الى الاندماج في الاقتصاد العالمي يجب ان ترتكز على الموقع الإستراتيجي والجغرافي الفريد للدولة المصرية في قلب العالم، مما يجعلها نقطة توازن تجاري واقتصادي عالمي خلال الفترة القادمة ، فالإستفادة من الموقع الفريد لمصر يتطلب فى المرحلة المقبلة العمل على بناء مركز لوجستي إقليمي فريد، ودعم الشركات الوطنية، وتعزيز الشفافية.

وهو ما ستناوله فى المقال القادم إن شاء الله.

مقالات ذات صلة

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *

زر الذهاب إلى الأعلى