آراء حرةسمير المصري

دكتور سمير المصري يكتب.. سوء الظن والخيال المسيء

سوء الظن والخيال المسيء

 إنّ مما يبتلى به النّاس بكثرة على مر العصو سوءُ الظنِّ ببعضهم البعض ، حتّى كاد ذلك أنْ يذهِب علاقاتهم الاجتماعيّة ، ويُقطّع أواصر المحبة، ويفشي السّوء والبغضاء بينهم . 

ولقد حثّ الله عزّ وجل على اجتناب سوء الظنّ بالآخرين، فقال: ﴿يَا أَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُوا اجْتَنِبُوا كَثِيرًا مِّنَ الظَّنِّ إِنَّ بَعْضَ الظَّنِّ إِثْمٌ وَلَا تَجَسَّسُوا وَلَا يَغْتَب بَّعْضُكُم بَعْضًا﴾.

 أن ” سوء الظن ” بالآخرين مرض نفسي يجر صاحبه إلى عقد نفسية، والتعامل مع البشر الذين ابتلوا بهذا المرض بعدة خطوات وهي الحذر من سوء الظن ، وعدم ترتيب آثار على ما ينقله صاحبه ، وعدم الانفعال معه من أجل اجتثاثه من هذا المرض ، وعدم مجادلته وانتقاده لأنه إنسان مريض ويحتاج إلى علاج نفسي ، وتوجيه النصيحة له بما يمكن أن يؤثر فيه. 

كما ينبغي على من ابتلي بهذه الخصلة أن يتقي الله في نفسه وأن يستشعر دناءة هذا الجرم وعظيم إثمه وأن يجدد التوبة ويلزم الاستغفار ويعزم ألا يعود لذلك، وإذا رأى من أخيه ما يكره حمله على حسن الظن فإن أبت نفسه طوعها بالاستغفار وباستشعاره مراقبة الله تبارك وتعالى له.

 “ينبغي على الإنسان أن يبتغي السلامة في نفسه أن يحسن الظن بالخلق ويحمل إخوانه دائماً بحسن ظنه، كما ينبغي عليه أن يتجنب مجالسة أهل سوء الظن فإن مجالسهم لا خير فيها مبنية على قيل وقال وإكثار من الذنوب، 

 سوء الظنِّ مَظنّة جانب الشرّ وتغليبه على جانب الخير، في حين أنّ الموضوع الذي وقع فيه سوء الظنّ قد يَحتمل الجانبين معاً دون تغليبٍ لأحدهما،

سوء الظن هو امتلاء القلب بالظنون السّيئة بالنّاس حتى يطفح على اللسان والجوارح ، سوء الظنّ هو التّهمة والتخوّن للأهل والأقارب والنّاس في غير مَحلِّه .

 سوء الظنّ هو الخوض في الخيال المُسيء والخطأ في حالة مُواجهة فعلٍ يُمكن أن يكون له تفسيرين، صحيح وخاطئ؛ كمن رأى رجلاً مع امرأةٍ غريبة فخاض في خياله دون تبيُّن، وحلّل أنّ المرأة أجنبيّة عن الرّجل وليست من محارمه، وبدأ في التخيّل أنّ هذا الرّجل يُريد لها السّوء وارتكاب الفاحشة معها، 

بينما وجب تربية أبناءنا على إحسان الظنّ؛ فربما تكون على قرابة معه كأخته أو عمّته أو زوجته . 

 وممّا لا شكّ فيه أنّ سوء الظنّ بالله تعالى يختلف اختلافاً كُليّاً عن سوء الظنّ بالآخرين ؛ لأنّ سوء الظنّ بالآخرين سينتهي غالباً بالوقوع في الإثم أو التصرّف بشكل خاطئ مع الطّرف الآخر، بينما سوء الظنّ بالله تعالى يُؤدّي إلى اهتزاز ركائزَ الإيمان وأركان التّوحيد في قلب المؤمن، أو على الأقل سيكون دافعاً ومُحفّزاً لذلك؛ لأنّ الظنّ بأنّ الله تعالى قد يُخلِف وعده لهو واقع في دائرة الكفر، فإخلاف الوعد ينشأ إمّا من الجهل، أو عن عجز، أو عن كذب، وتعالى الله عن هذه الصّفات. 

 إذ يُلصق بالشخص ما لا علاقة له به إنّما حكم بمجرّد تهيّؤات وخيالات ، وهو ممّا سيَحمِلُ مُسيء الظنّ على احتقار من أساء الظنّ به، وعلى عدم القيام بحقوقه وإطالة اللّسان عليه . 

 إنّ لسوءِ الظنّ مآلٌ وآثارٌ سلبية؛ فقد تعزلُ الفرد عن مُجتمعه، وتجعله خائفاً منهم مُعتقداً أنّهم قد يمسّونه بسوء في أي وقت، فيُفضّل البقاء مُنعزلاً بذاته نفسيّاً واجتماعيّاً، ممّا قد يُؤدّي بشخصيّته وثقته بنفسه مع مرور الأيام

. ومن هذه الآثار: سبب للوقوع في (الظنّ منشأ أكثر الكذب) ومن الجدير بالذّكر أنّ هذا الزّمن مليء بالإشاعات والانقياد وراء عدم التثبّت، وإن آثار ظنّ السّوء المتفشّية في المُجتمعات لهي مُؤشّر سلبيّ على صلاح المجتمع، فلو حرص كلّ مُسلمٍ على ما يُفكّر وما يقول؛ لتجنّب مساوئ الأمور، 

إزاى تتعامل مع الشخص سيء الظن؟

“اصطياد الأخطاء..عدم الثقة في الآخرين..كثرة الجدل على أتفه الأشياء..لايعترف بأخطائه..الشعور بالغدر والخيانة..الجدل والعناد”.. كل هذه العلامات تعد دليلا قويا على أنك تتعامل مع شخص سيئ الظن بنفسه أولا وبالآخرين ثانيا.

والتعامل مع مثل هذه الأشخاص يعد مثيرا للأعصاب وللغضب، لأنه يأخذ منك طاقتك الإيجابية ويمدك بالطاقة السلبية، لأنه يتعامل مع مختلف المواقف بوجهة نظر سلبية .

وفي حالة أن تواجدت هذه الشخصية فى حياتك عليك التعرف على الطريقة المثلى للتعامل معها حتى لا تتأثر بها ، 

 إن سوء الظن هو اضطراب نفسي، يصاب به بعض الأشخاص، ويتسبب في شعورهم بأنهم غير مرغوب فيهم في العالم المحيط، ويرهق كل المحيطين به ، لافتة إلى أن أهم النصائح للتعامل مع هذه الشخصية تتمثل فى التعامل المثالي يكون بالعقل والمنطق، أي لكل فعل رد فعل، وأيضا بالأدلة والبراهين .

 و لا تلجأ للعصبية أو الغضب، عليك بشكل دائم السيطرة على أعصابك والتعامل بهدوء فى ردود فعلك تجاه تساؤلاته وشكوكه ، ولا تندفع نحو الغضب حتى لا يتطور الأمر ، وتجنب المجادلة معه والانتقاد ، والتعامل بالصراحة والوضوح.

الأصل في سوء الظنِّ الحرمة، إلا أن يثبت العكس بدليلٍ أو شبهةٍ، وأخبرنا الله -تعالى- أنَّ بعض الظنِّ إثمٌ، يعني أنَّ هناك جزءاً آخر من الظنِّ ليس بإثمٍ، وهذا مصداقاً لقوله -تعالى-: (يَا أَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُوا اجْتَنِبُوا كَثِيرًا مِنَ الظَّنِّ إِنَّ بَعْضَ الظَّنِّ إِثْمٌ). “، فهناك حالاتٌ لا يكون الظنُّ إثماً، ويختلف حكمها، وهي كما يأتي:

ويكون الظنُّ جائزاً بمن عُرِفَ بسوء الأخلاق، أو بالفسق والفجور، أو المجاهرة بالمعاصي والآثام والقبح أو النفاق، وجواز سوء الظنِّ هنا لأخذ الحيطة والحذر ليس أكثر، ومع هذا فلا يجوز تتبع عورات الناس، ولا يصحُّ حتى للمرء أن يَتّهِمَ الآخرين -وإن كانوا من أصحاب السوابق والمعصية- من دون دليلٍ أو بدون أن يرى بعينه ويسمع.

وقد يكون الظنُّ جائزاً، بل مستحباً، إن كان الظنُّ بمن كانت بينه وبين إنسانٍ عداوةٌ حقيقيةٌ، حتى لا يصادفه على غَرَّةٍ 

ويعتبر الظنُّ الذي يأتي لقلب الإنسان ويخطر بباله ولا يستقرُّ فيه، ولا يتعمَّدُهُ إن ظنَّ بالآخرين الذين ظاهرهم العدالة وحسن النية من الظنِّ الذي ليس فيه إثمٌ، إلا أن تكلم به فإنه يأثم، أما إذا لم ينطق به فلا إثم 

الخلاصة 

 سوء الظن مرض نفسي يجر صاحبه إلى عقد نفسية ، «سوء الظن» تهمة بغير دليل تستوجب الاستغفار

أن سوء الظن يدل على عدم سلامة صاحبه ووجود البغضاء في قلبه، و على من ابتلي بهذه الخصلة أن يتقي الله في نفسه ويستشعر دناءة الظن بالآخرين ويجدد التوبة ويلزم الاستغفار ، داعين إلى التعافي من الظن والظانين وصلاح القلوب.

إن سوء الظن أمر ممقوت ويدل على عدم سلامة صاحبه ووجود الغل والبغضاء في قلبه، وهذه الخصلتان لا ينبغي أن يتصف بهما المؤمن،

 وسوء الظن مؤسسٌ على أمرين بغيضين … هما التهمة والتخون ، والتهمة بغير دليل ظلم حتى تُستبان صحة هذه التهمة، والتخون لأهل الأمانة ظلم لهم، والظن الذي لا سبب له ولا موجب له لا يجوز،

 فمن يظن بغير تهمة وبغير سبب، هذا ظالم مخطئ وليحذر كل ظالم من مواجهة ربه بهذا الظلم”.

 “سوء الظن هو امتلاء القلب بالظنون السيئة بالناس حتى يطفح على اللسان والجوارح”،

 كما أن سوء الظن هو عدم الثقة بمن قد يكون لها أهل، وقد قال الله تعالى في سوء الظن “يَا أَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُوا اجْتَنِبُوا كَثِيرًا مِنَ الظَّنِّ إِنَّ بَعْضَ الظَّنِّ إِثْمٌ”، 

     “إياكم والظن فإن الظن أكذب الحديث””.

 أن سوء الظن له نوعان وهما سوء الظن بالله وسوء الظن بالخلق، فأما سوء الظن بالله تعالى فهو من أعظم الذنوب والله عند حسن ظن عبده به . 

وأما سوء الظن بالخلق، ومنه سوء الظن بالأنبياء والذي أجمع العلماء على كفر صاحبه، وسوء الظن بالإجماع، وسوء الظن بالمؤمنين ممن ظاهره العدالة وقد عده بعض من أهل العلم أنه من الكبائر ، “والله إن العبد ليصعب عليه معرفة نيته في عمله، فكيف يتسلط على نيَّات الخلق”.

نسأل الله أن يجعلنا من المحسنين في الأقوال والأعمال والظنون وأن يوفقنا لكل خير ويصلح نفوسنا ويقينا شرها وأن يؤتي قلوبنا تقواها وزكواها إنه ولي ذلك ومولاه والقادر عليه”.

ونسأل الله أن يعافينا من الظن ومن الظانين ويقينا شر النفوس السيئة ويجعلنا خيراً مما يظنون”.

     

مقالات ذات صلة

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *

زر الذهاب إلى الأعلى