عبير حلمي

دكتورة عبير حلمي تكتب.. مهنة التسول

 

 

هناك تفاوت بين فقير وفقير ، وبين متسوّل وآخر ؛فهناك من هم في أشد الحاجة ولا يمد يده أبدًا ، و لو سُئل يجيب بأننا في ستر من الله و الحمد لله . فهذا هو الفقير عزيز النفس لا يقبل الإهانة ولا يميل بأن يمد يديه بأي شكل و دائمًا يحمد و يشكر على كل حال ،ولكن هناك فقراء من نوع آخر تعتبر بالنسبة لهم هذه مهنة مثل أي مهنة، لكنها بلا متاعب وبلا بحث عن عمل ، باستخراج مجموعة أوراق يعجز عن إخراجها أحيانًا ، وأحيانًا أخرى يعجز عن تحقيق شروط معينة للتعيين منها دراسة معينة مثلا أو لغة أو كمبيوتر و ويشترط الخبرة ..ألخ …ومن أين له بكل ذلك ؟؟؟

و أغلبهم لا يقرأ ولا يكتب أصلاً، و هناك مفاجأة لك عزيزي القارئ..

وهو أنه غالبا يخطون أطفالا منذ الصغر لكي يصبحون فيما بعد مصدر دخل لهم حينما يستطيع النزول للشارع سواء باعة متجوّلين بأسلوب تسوّل أو تسوّل بشكل مباشر،

 وأحيانًا يقوم بالتمثيل بأنه مقطوع أحدى الأعضاء بشكل أو آخر …الخ من الأشكال المختلفة التي تسعى لاستعطاف المارة وهكذا نجدهم في أماكن محددة أمام الجوامع أو الكنائس أو في الإشارات لمسح السيارات . 

لأنهم وجدوا أنفسهم أمام شريحة من المجتمع ترفضهم . وكثيرا يقولون لهم أنك شاب و بصحتك أذهب لتعمل بمهنة شريفة . ولكي نكون منصفين للحق هو فعلا يجب أن يبحث عن مصدر رزق أخر ويتعلم مهنة جديدة ، ويكون عضو فعال في المجتمع ،ولكن انصافًا أكثر فأكثر للحق فكيف يتم توظيف هؤلاء بدون تعليم و أين ومنْ يقبلهم أصلاً ؟

نظرة المجتمع لهم بالحقيقة هي الرفض لأنهم وللأسف منهم السارق ومنهم الكاذب ومنهم من أرباب السوابق……الخ 

بالحقيقة هي كارثة في المجتمعات المتحضرة وأيضًا غير المتحضرة لأنهم شريحة من المجتمع ولهم حق وعليهم واجبات، ولكن على المجتمع أن يهتم بهم من مأكل ومسكن وتعليم وعلاج …الخ 

أعتقد لو ذلك حدث بالفعل لأصبحت ظاهرة غير موجودة أو على الأقل ستصبح فئة قليلة جدا جدا،ولا بد من وضع قانون رادع للتسوّل كانت تلك الظاهرة اختفت تمامًا منذ زمن . ولكن هناك عجز وتقصير من المجتمع أولاً لا بُد الإعتراف به . ثانيا يعتبر ذلك عدم مواطنة من تلك الفئة و فقدهم للانتماء، لأن إذا كان هناك انتماء لهم للمجتمع سيسعون إلى نهوضه . لأنهم جزء من كيان ذلك المجتمع ، إذن بتلك الحسابات وتلك النظرية يجب نبدأ بأنفسنا ، بوضع القوانين أولاً اللي تحمي هؤلاء و أيضًا تحمي المجتمع منهم لعدم حدوث كوارث بسببهم بشكل أو أخر ،ثم نهتم بذلك الفئة بالبحث المجتمعي و تسجيلهم والبحث في حالاتهم ومن يستحق المساعدة ومن لا يستحق وتوفير حياة كريمة لهؤلاء والعمل على تعليمهم فالعلم حضارة ورقي وأخلاق والسعي لاكتسابهم مهنة أو حرفة معينة ،فمن يكون لديه مهنة كريمة بدون رفض أو احتقار أو أو….، 

فكل ذلك بمثابة علاج نفسي لهؤلاء ، وبالفعل منهم البعض يحتاج لعلاج نفسي لكي يكون عضو محترم وفعال في مجتمعه، ولذلك نناشد الهيئات الحكومية وحقوق الإنسان بالاهتمام بتلك الفئة بشكل أكثر و أوسع والعمل على تقليل تلك الظاهرة التي تؤثر بشكل كبير على المجتمع ، وتسبب إزعاج لكثير من المواطنين ، أما بالنسبة للفقراء الذين لهم عزة نفس ويرضوا بالقليل بالفعل ، ولا يطلبون أبدًا من أحد شيء و يرضون بما كتبه الله لهم . فهم أيضًا جزء من كيان المجتمع ولكن صامتون صابرون وبالفعل الشؤون الاجتماعية وسيادة رئيس الجمهورية في مصر بشكل خاص مهتم جدًا بهؤلاء و بكل العشوائيات المجتمعية والكيانات المستضعفة …. الخ ،

 

فهذا العصر بالحق هو من أفضل العصور على الإطلاق للتنمية بكل شكل وعلى كل الأصعدة بالتكاتف بكل مؤسسات الدولة وبناء البنية التحتية والعمل على كل المجالات التعليم والصحة والاقتصاد ،فها نحن نرى بأنفسنا التطور والتعمير بكل المحافظات بالفعل ولا يزال العمل مستمر ونأمل المزيد إلي أن يأتي اليوم الذي لا نرى فيه أطفال الشوارع نهائيًا ولا نشاهد متسوّلا واحدا في الطريق ولا نجد مريضا واحد بلا تأمين علاجي، وهكذا يشعر كل فرد فينا أنه يحيّا في وطن يهتم به من الألف إلى الياء . ويكون كل فرد في المجتمع صاحب بصمة لنهضة وطنه و يكون جزء من نجاحه وتقدمه ويشعر بكامل الانتماء والوفاء والإخلاص لذلك الوطن ،فهذه ليست بأوهام ولكنها أحلام ذات خطة استراتيجية من الدولة وعلينا المساعدة بقدر الإمكان لتحقيق هذه الأهداف ويكون لكل مواطن كرامة وحقوق وواجبات .كرامتنا من كرامة وطننا الغالي العزيز . قريبا ستنتهي مهنة التسوّل بإذن الله بمساعدة كل قوى الدولة وكل المواطنين بالتكاتف معًا للتنمية والحياة الكريمة لحق شرعي وطبيعي لكل مواطن .

 

 

مقالات ذات صلة

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *

زر الذهاب إلى الأعلى