آراء حرة

الأستاذ الدكتور هاني عيسى الفقي يكتب..المحاور

 

لاحظنا ولاحظ الكثير منا في الآونة الأخيرة ومع بداية تدشين الجمهورية الجديدة تلك الطفرة الهائلة الحادثة في مجال تخطيط وتصميم المحاور المرورية والكباري والأنفاق والتي وضعت مصر في مكانها المميز وأن تصبح سباقة في مجال تطوير وتحسين الطرق والخدمات الواقعة عليها، ومن خلال القيام بتصميم وتخطيط عدة محاور مرورية منها ماهو قائم بالفعل مثل محور صلاح سالم ومنه ماهو جديد بالكامل مثل محور جيهان السادات (الفردوس سابقاً)، ومنها ماهو تحت الدراسة مثل محور الفنجري وتوسعة وتطوير كوبري 6 أكتوبر وكذا عدة محاور بأنحاء متفرقة من الدولة۔ وبطبيعة الحال، ومع طلب توسعة وإنشاء مثل هذه المحاور يتطلب الأمر بعض من الإزالات لتنفيذ مسار هذه المحاور وللمنفعة العامة أولاً وأخيراً۔ لذا فيجب التفكير في إستغلال المساحات بجوار المحاور الجديدة والمطورة بتنفيذ مسطحات خضراء تعتبر متنفس لسكان المدن۔ مع ضرورة أن تكون هذه الحدائق لها نفس روح المكان الذي نفذت فيه، كحدائق إسلامية أو قبطية أوفرعونية أو حديثة، وجعلها مفتوحة لكل فئات الشعب۔

كذلك يمكن إستخدام هذه المساحات الناتجة عن الإزالات عند الحاجة وحسب مكانها ووظيفتها في إنشاء مباني إدارية ذات إرتفاعات تشكل وجه جديد للمدينة وللدولة بوجه عام، فمن الناحية الجمالية والشكلية يمكن تصميم هذه المباني بطابع يأخذ روح المكان الذي سيبنى فيه، فعلى سبيل المثال، إذا كانت هذه المباني تقع في القاهرة الفاطمية الإسلامية، فيمكن تصميم هذه المباني بطريقة ونمط من وحي وروح المكان من مشربيات ومآذن وغيرها من الوحدات والرموز الإسلامية المعروفة، نفس الشئ إذا كانت بجوار المناطق الأثرية للمصري القديم، فيمكن تشكيل هذه المباني من روح المسلات والمعابد المصرية القديمة، وبالطبع يمكن تطبيق ذلك بالطرق الصحراوية أو المدن الجديدة فيمكن إضفاء روح هذه المناطق على تصميم المباني وبذلك يتحقق الإستغلال الأمثل لتلك المناطق التي تمت إزالتها بالإستثمار ذو العائد المضمون كما تصبح هذه المباني كأيقونات ووحدات جاذبة ومعالم على المحاور والطرق۔   

إن هذه المباني ذات الإرتفاعات وكذلك المتنزهات ستجعل من راكبي السيارات سواءاً سطحياً أو من على الكباري، من رؤية مصر الجديدة بأيقوناتها الحديثة والتي تنم عن المكان المبنية فيه فإذا لم تستطع رؤية المعالم التي تبين ثقافة مصر فإن هذه الكيانات هي التي تبين هذه الثقافة وبشكل بسيط۔

لايتوقف تغيير وجه مصر عند هذا الحد، بل يجب تجميل كل كوبري سيارات أو كوبري عبور مشاه أو حتى أسوار فاصلة بين الإتجاهات أو على جانبي الطرق، ويجب أن يأخذ هذا التجميل أيضاً من روح المكان المنشأ به هذه الوحدات التكرارية من عناصر جمالية تضيف قيمة للمكان۔

ليس من المعقول إستغلال كل مساحة ناتجة عن إزالة في إنشاء محال تجارية وكافيهات فقط، يجب أولاً دراسة المكان وتحليله ومعرفة إحتياجاته وإحتياجات قاطنيه على أن يتم تجميع مثل هذه المحال التجارية أو غيرها من أنشطة تجارية في أماكن مخطط لها مسبقاً ولا يتم تنفيذ أنشطة تجارية بشكل عشوائي ولنجعل من حملة القضاء على العشوائيات هدف للجميع۔ 

وقبل كل شئ يجب ألا ننسى البعد الإنساني ويجب مراعاته بمنتهى الجدية قبل وأثناء تنفيذ أي تطوير بالدولة، فإن كل هذا الكم من التطوير والتحديث في مجال التخطيط والبناء يجب أن يشعر به المواطن والذي يعتبر هو الهدف الأهم من جانب الدولة مع ضرورة تأهيل المواطن وتثقيفه من جديد وسط بيئة جديدة مستدامة ذكية خضراء۔۔۔۔ فهذا هو الهدف الأسمى من هذه المشروعات۔

 

أ۔د۔ هاني عيسى الفقي

أستاذ وإستشاري التخطيط الحضري

مقالات ذات صلة

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *

زر الذهاب إلى الأعلى