صباح عاصم

صباح عاصم تكتب.. القدوة

 

من المهد إلي اللحد نولد وفي داخل كل منا ميل وحب للتقليد…الطفل الصغير يقلد كل ما يفعله الأم والأب يقلد كلامهم حركتهم أسلوبهم…تري الصغيرة ترتدي حذاء الأم وتضع طلاء الأظافر حبا لتقليد الأم..والطفل الصغير تجده يمسك بالقلم في فمه لتقليد الأب في شرب السيجارة ويحاول ارتداء رابطة العنق فوق البيجاما بكل فخر مثل الأب…وكثيرا ما سحبنا اجهزة الكمبيوتر والموبايل في اللحظات القاتلة من ايدي أحباب الله..وغيرها كثير من المواقف اليومية.. ويشب الصغير ويشيب بما تعلمه من الأم والأب.. ودائما وابدا ننصح الآباء لنحث الطفل علي تعلم سلوك حميد عليك أن تتحلي أنت أولا بهذا السلوك…إذا أردت لابنك ألا يكذب فلا تكذب أمامه… أذا أردته مصلي صوام قوام يجب أن يراك حريص علي الصلاة والصيام والقيام ومشاركتة فيما تفعل ليشب علي ما رأه ويقلده طبقا للميل الفطري الداخلي للتقليد والتشبه بمن حولنا..يكبر الصغير ويتدخل مجتمع خارجي بكل مافيه من تنوع وإختلاف بين بني البشر..بدأ من المدرسة وفي هذا السياق اتذكر لابنتي الكبري تقمص شخصية معلمتها المحببة في أسلوب الكلام ولغة الجسدوحركتها وهي تضع يدها علي فمها ليصمت الجميع..وتهز لي كتفها لرفض شيىء ما مثلما تفعل معلمتها المحببة..وينتقلوا إلي المرحلة الأخطر وهي تقليد الأصدقاء..صديقي يذهب للنادي وأريد ان اذهب معه..صديقي يسافر أسبوعيا وأريد أن أسافر مثله.. صديقتي تحب ارتداء القصير صديقتي تحتفل بعيد ميلادها في النادي ..ويكبر الصغير ليري صديقه يشرب السيجارة والأب يشرب السيجارة صديقي يحب الخمر وأبي يشرب الخمر ويقلد ما تشبع به بمن حوله ليشرب السيجارة ويذيد هو ليدمن الخمر وغيرها…أما الفتاة فتجد الصديقة لها رفيق شاب ويسهروا سويا وطبقا للطبيعة البشرية تقلد ما توافق مع هوي النفس البشرية الضعيفة…وليصبح لكل منهم قدوة من من حولهم قد يكون فنان مشهور وهو الأكثر تأثير وانبهارلهم أو لاعب كرة أقرب لقلوبهم .. ويبدأ الصراع بين الآباء والأبناء ويصرخ الآباء من سلوكيات الأبناء..أنها القدوة يا سادة منذ الصغر يبحث الصغيرومنذ نعومة الأظافر بالفطرة علي القدوة ليسير خلفها بما يوافق الهوي النفسي..وعلينا جميعا الأسرة والمجتمع مراعاة طبيعة النفس البشرية وميلها للتقليد بإيجاد صور مضيئة وقدوة حسنة منذ صغر الأبناء اذا أردنا تنشئة جيل صالح يتحلي بمكارم الأخلاق والدين بدلا من المشوهيين نفسيا ومرضي الشهرة بأي طريقة ووسيلة..لقد بهرنا جميعا حفل زفاف ولي العهد الأردني بالبساطة والأحتشام وأعجب به الكثير من الشباب وهو أفضل مثال لقدوة حسنة في مظاهر الزواج لدينا والتي بها التقليد الأعمي وحدث ولا حرج من حفل زفاف وفساتين وشبكة ومهورلا يستطيعها أي شاب في بداية حياته العملية..وتناسوا أن السعادة الزوجية أساسها مودة ورحمة ولطفا من الطرفين ..فضاق الحال وقل الرزق والبركة وكثر الكذب والنفاق وعقوق الأبناء والآباء مصداقا لقول الله عز وجل في سورة الروم: (ظَهَرَ الْفَسَادُ فِي الْبَرِّ وَالْبَحْرِ بِمَا كَسَبَتْ أَيْدِي النَّاسِ لِيُذِيقَهُمْ بَعْضَ الَّذِي عَمِلُوا لَعَلَّهُمْ يَرْجِعُونَ * قُلْ سِيرُوا فِي الأَرْضِ فَانظُرُوا كَيْفَ كَانَ عَاقِبَةُ الَّذِينَ مِنْ قَبْلُ كَانَ أَكْثَرُهُمْ مُشْرِكِين)الروم:٤١ – ٤٢.. ليجعل كل منا في المجتمع من نفسه قدوة في مجال عمله..الطبيب قدوة.. المدرس قدوة..الموجه قدوة..المدير والقائد قدوة..المهندس قدوة..موظف الحكومة قدوة..العامل قدوة..السائق قدوة..البائع قدوة..الأم في بيتها مدرسة وقدوة..الأب بين الأبناء قدوة..الجار والصديق والزوج قدوة..ليجعل كل منا من نفسه في مجال عمله ومسئوليته قدوة حسنة يقلدها غيره وتنتشر بين أفراد المجتمع..قدوة تتقي الله في عملها تتقنه وتخلص فيه بضمير حي..لقد جعل الله تعالي رسوله الكريم قدوة( لقد كان لكم في رسول الله أسوة حسنة لمن كان يرجو الله ) لنتأسي ولنقتدي بأخلاق رسولنا الكريم..وما أعظمها من قدوة وخلق عظيم .. اعزائي الكرام لا تشكوا من الأبناء اذا اردتم أن يستقيم الأبناء فلنجعل المجتمع كله يستقيم ..فلنجعل من المجتمع كله قدوة حسنة .

بقلم الأستاذة / صباح عاصم رئيس مجلس ادارة جمعية بداية للأعمال الخيرية

مقالات ذات صلة

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *

زر الذهاب إلى الأعلى