صلاح سلام

دكتور صلاح سلام يكتب.. مازن السوري

قلت له كم الساعة الان فانتحى جانبا لأرى عقارب ساعة الحائط وكانت حوالي الرابعة عصرا واستغربت لاني دخلت العمليات السابعة صباحا.. ووجدته يتكلم العربية قائلا حمدلله بالسلامة …انا مازن من سوريا مساعد مخدر …انت بخير وقد طلبت من رئيسي أن أكون معك عندما علمت انك طبيب مصري الان سوف تذهب إلى غرفتك وسوف ازورك لاحقا..وقد زارني بالفعل اكثر من مرة وفي المرة الأخيرة وقبل أن أغادر المستشفى جلس معي طويلا بعد أن أنهى عمله وان أمامه ثلاثة أيام اجازة…وسألته كيف أتيت إلى هنا من سوريا فحكى لي قصة تسعة عشر يوما من العذاب أنفق فيها كيلو ذهب وهو تحويشة عمره وزوجته ومليوني ليرة سورية”عندما كانت لها قيمة ” حيث هجر وطنه في محافظة دير الزور ليتجه شمالا إلى الحدود التركية ويمشي بمحاذاة الحدود إلى أن وصل إلى اقرب نقطة من البحر المتوسط وانه حدث لو تعلمون عظيم لرجل وزوجته وثلاثة أطفال اصغرهم رضيع لم يكمل شهرا من العمر يركبون احيانا ويمشون احيانا أخرى هربا من الدواعش وحرس الحدود الأتراك والميليشيات المتأسلمة مئات الأميال حتى يستطيع وصول النقطة التي يمكنه منها عبور الحدود إلى تركيا ويحصل على صك لاجئ وعليه أما ان يبقى في معسكرات اللاجئين او أن يطرق باب العمل وقد أخبرني أن مثله يتقاضى اربعمائة دولار شهريا نصفهم للسكن والنصف الاخر بالكاد يكفي الطعام..ولكن وجهته التي كان مصر عليها هي الهجرة الى السويد…فكان لزاما عليه أن يركب البحر من شواطئ تركيا التي كانت عليها حراسة مشددة بعد العثور على الطفل الكردي”ايلان”يحتضن دميته وقد قذفته الامواج الى الشاطئ التركي بعد أن غرق القارب الذي كان يحمله واسرته…فكم أبكى العالم الحر هذا المشهد الحزين…فاستغله تجار الموت لرفع سعر القوارب إلى الضعف واضطر صاحبنا صاغرا أن يدفع الفين وربعمائة دولار عن كل فرد ليركب قوارب “الموت” او النجاة وعندما اقترب القارب من الشواطئ اليونانية في جنح الليل مرت سفينة كبيرة على مقربة منهم فأصبح القارب في مهب الريح وهم تسع وخمسون نفس في قارب لاتتعدى مساحته ستة عشر مترا مربعا لولا ستر الله لضاع كل من فيها…ونزلنا في جنح الليل بعيدا عن حرس الشواطئ وبدأنا رحلة المشي مع دليل نقطع عشرات الكيلو مترات مابين ثلج ومطر وغابات ومعنا أطفالنا الصغار واكبرهم ثماني سنوات لنجتاز حدود اليونان إلى أن وصلنا إلى جنوب فرنسا وعندما ايقنا انه لايمكن الوصول إلى السويد فقد نفذت زخيرة المحارب وبدأت الجيوب تنضب والاعياء البدني يفرض ذاته فقررنا تعديل المسار إلى المانيا…وقد كان..وقد سلمنا انفسنا إلى اقرب نقطة شرطة داخل الحدود الألمانية ومعنا كارت اللجوء الذي حصلنا عليه في تركيا وذلك لنسجل دخولا رسميا إلى البلاد وقد كان ذلك منذ ست سنوات “في ٢٠١٧”وبدأنا رحلة الكفاح من جديد في معادلة الشهادات وتعلم اللغة الألمانية حيث تعرفنا على أسرة مكونة من رجل مسن وزوجته كنا نقوم برعايتهم وهم يعلموننا اللغة إلى أن وصلنا إلى حد الإتقان وتقدمت باوراقي للعمل وقبلت وكذلك زوجتي تعمل أخصائية استشارات اسرية بأحد المدارس… وانتقلت من شقة صغيرة إلى مكان اكبر على مقربة من المستشفى والتحق ابنائي بالمدارس وهاانت تراني وقد حصلت على الإقامة وزوجتي بفضل الله واستطعنا تعويض مافاتنا والحمدلله بعد أن رأينا الموت غير مرة ولكن لاتقل شئنا فإن الله شاء..ومن الظريف أن هذه الرحلة وثقتها احد المجلات الالمانية كنوع من التحدي مع صورة لمازن واسرته.

مقالات ذات صلة

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *

زر الذهاب إلى الأعلى