آراء حرةسمير المصري

دكتور سمير المصري يكتب.. عفوا لقد نفذ رصيدك

عفوا لقد نفذ رصيدك

#صباح_مصري ….. 

 

    

أتريد أن يسترك الله ..؟

قد تطلع على أسرار وعورات بعض الناس ، إما مباشرة لاحتكاكك القوي بهم ، أو لحاجتهم إلى استشارتك في خصوصياتهم ، أوبطريقة غير مباشرة كأن تصلك أخبارهم … وربما اطلعت على أمور حساسة تخص أحدهم .

من الكلمات التى نستخدمها كثيرا فى حياتنا كلمة “الستر” وهى فى اللغة بمعنى الحجب والإخفاء، وبالطبع فإن هذه الكلمة عندما تغادر المعاجم وتستقر بين الناس وتدخل فى سياقات مختلفة، فإنها تكتسب دلالات قد تكون قريبة أو بعيدة عن اللفظة التى كانت “ثابتة” فى المعجم.

 فاحذر! أن يكون هتك تلك الستور حديثك في المكالمات الهاتفية والمجالس الخاصة ، حيث احل بعض الناس أعراضكم مع الشاي والقهوة !!..

سترك الله..

لا تتهاون بذكر أسماء الأشخاص عند سردك للمواقف والأحداث التي هي في الغالب أسرار خاصة بأصحابها ، ويغنيك عن ذلك إن كنت لابد قائلاً أن تقول: “هناك شخص فعل كذا ، أو شخص حدث له كذا “..

بشرط ألا يتمكن السامع من معرفة الشخص الذي تقصده..

بهذه الطريقة ، احفظ لسانك من الغيبة ، واستر عورات الناس من أن تنكشف أمام الناس عن طريقك .. فتأثم ..

 اطلاعك على بعض الأمور الخاصة بأصحابها أوقربك من الأحداث الساخنة لا يبيح لك نشرهــا..!

فالمؤمن يستر وينصح ، والمنافق يهتك ويفضح..

 نعم والمطلوب منك النصيحة لله، والستر على الاخرين ما لم يجاهر بمعصية ، أو يتمادى فيها..

أتريد أن يسترك الله ، استر علي خلقه عز وجل واحتسب

   أن يسترك الله في أعظم يوم تحتاج فيه إلى الستر ، فلا يستر عبد عبداً في الدنيا ، إلا ستره الله يوم القيامة … 

وليس في هذا ما يقتضي ترك الإنكار عليه فيما بينك وبينه.

 ارحمني يا الله ..كم مرة دعوت بها ؟

..الرحمة قريبة منك عندما تحسن إلى انسان بالستر عليه تعرض نفسك لرحمة الله .. قال الله تعالى

  ” إنَّ رَحْمَتَ اللَّهِ قَرِيبٌ مِنَ الْمُحْسِنِينَ ” الأعراف:56. 

  احتسب أن يتحقق لك الإيمان …

  ” لا يؤمن أحدكم حتى يحب لأخيه ما يحب لنفسه ” ، فكما أنك لا تحب أن يُهتك سترك أمام الناس فإياك أن تهتك أستارهم !.

    احتسب أن يَحسن إيمانك ،فليس كل مؤمن محسن، فمن حسن إيمان المرء تركه مالا يعنيه ، والحديث عن أسرار الناس وفضحهم أمر لا يعنيك ولم يكلفك الله به!..فلا هو يدخلك الجنة ولا يباعدك عن النار.

ابشر كثيرا … لثواب ترك كبيرة الغيبة ، فالغيبة جهد العاجز، والإنسان مأجور على التروك، ومن يتكلم في خفايا الناس ويهتك أستارهم فقد اغتابهم.

    كلنا نريد أن يحبنا الله هنا الميدان العملي أثبت صدقك، افعل محاب الله يحبك الله ، وهو سبحانه يحب الستر ولا يحب الفضح، إن الله عز وجل حليم حيي ستير يحب الحياء والستر .

 احتسب عند سترك على مؤمن أو مؤمنة أنك تحافظ على المجتمع من انتشار الفواحش، لأن انتشار أخبارها طريق إليها حيث تألفها النفوس فلا تنكرها!.

   احتسب ثواب كف الأذى عن الناس ، حتى لا يهتك الله سترك ، والجزاء من جنس العمل ، فمن آمن بلسانه ولم يدخل الإيمان قلبه،لا تؤذوا المؤمنين ، ولا تتبعوا عوراتهم، فإنه من تتبع عورة أخيه هتك الله ستره..

 ولكن..الستر لا يعني أن تترك الإنكار والنصيحة لمن يحتاجها ، بشرط ألا تفضحه مادام مستتراً غير مجاهر..إلا إذا كان سترك عليه يجعله يتمادى في غيه ويعينه على الفساد، فحينها يجب أن ترفع أمره إلى من يقوم على إصلاحه وتأديبه، وأنت في ذلك كله مأجور إذا احتسبت إنقاذه من عذاب الله.. أنت بحاجة للستير سبحانه..

اللهم إني أسألك العفو والعافية في الدنيا والآخرة، اللهم إني أسألك العفو والعافية في ديني ودنياي وأهلي ومالي، اللهم استر عوراتي وآمن روعاتي، واحفظني من بين يدي ،ومن خلفي، وعن يميني وعن شمالي، ومن فوقي ،وأعوذ بك أن أغتال من تحتي

الخلاصة 

بالطبع إن خير الستر هو ستر الله، لأنه سبحانه وتعالى عالم بكل شيء، بما نخفى وما نعلن، لذا فإن ستره علينا من باب تفضله على خلقه، وهو سبحانه وتعالى يستر علينا فى كل شيء، فيما نشعر به من عجز وفيما تحدثنا به أنفسنا من أمور سوء.

أما الستر بين الناس فهو أمر مرتبط فى معظم الحالات “بالحاجة والعوز” فنقول مثلا فى التراث الشعبى إن “الحياة تسير بستر الله” أى أن يومنا يكتمل بما يوفره الله لنا من رزق لولاه لانكشف كل شيء وظهر عجزنا وقلة حيلتنا فى مواجهة ظروف الحياة الكثيرة المتعاقبة.

ونقول أيضا فى تراثنا الشعبى “ستر بناته” أى زوجهن، وذلك لما فى الزواج من باب جديد لبدء حياة جديدة قائمة على الخير واستمرارية الحياة، بالطبع لا أنكر أن فى هذه الحملة الشعبية “نوع من التقليل من المرأة والتعامل معها بوصفها عورة”.

ولو ذهبنا إلى التراث الدينى سوف نجد معنى أقرب لذلك أيضا فمَن ستر مؤمنا ستره الله فى الدنيا والآخرة ، وفى رأيى تدخل فيه معانى متعددة منها، الستر المادى الذى يطلق عليه التكافل الاجتماعى، ولكن فى الوقت نفسه يدخل فيه الستر المعنوى ، المتعلق بالعيوب ، ولكن العيوب هنا، من وجهة نظرى، تشترط أن تكون عيوبا متعلقة بالشخص ذاته، لا أن تضر الآخرين، لأن الإضرار بالآخرين معناه وجود ضحية لا ذنب لها، ولن تأخذ حقها سوى بفضح الآخر.

ما أريد قوله أن السياق مهم جدا عندما نستخدم الكلمات، وأنه لا يجوز أن نقول الكلمات على إطلاقها، فلكل مقام مقال ولكل سياق معناه ودلالته وتأثيره. 

 

   

مقالات ذات صلة

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *

زر الذهاب إلى الأعلى